رغم تحذيراته من أن سوق الإقراض الخاص قد يكون سبباً في أزمة مالية مقبلة، يستعد الرئيس التنفيذي لـ«جي بي مورغان»، جيمي ديمون، لضخ عشرات المليارات من الدولارات في هذا القطاع سريع النمو.
خطته: الدخول في الوقت المناسب وتحقيق أرباح حتى لو حدث انهيار.
في كلمة ألقاها أمام مئات العملاء في فندق «لووز» الفاخر في ميامي بيتش، شبّه ديمون الارتفاع الكبير في الإقراض المباشر للشركات المثقلة بالديون بما حدث في سوق الرهون العقارية عالية المخاطر قبل أزمة 2008. وقال: «بعض مجالات الإقراض المباشر جيدة، لكن ليس الجميع يطبّقها بشكل صحيح، وهذا ما يسبب المشكلات».
المفارقة أن تصريحات ديمون جاءت بعد إعلان «جي بي مورغان» استثمار 50 مليار دولار في سوق الإقراض الخاص – وهو مجال شهد نمواً هائلاً خلال العقد الماضي مع تراجع دور البنوك فيه بسبب القوانين التنظيمية الصارمة.
ورغم تحذير اقتصاديين من أن هذه القروض مرتفعة المخاطر قد تؤدي إلى أزمة إذا تباطأ الاقتصاد، إلا أن ديمون يرى فيها فرصة استراتيجية، ويؤمن بأن البنك قادر على الاستفادة منها حتى في الأوقات الصعبة.
«جي بي مورغان» كان من أوائل من دخلوا سوق الإقراض الخاص، لكنه تخلى عن وحدته في هذا المجال عام 2015. تلك الوحدة أصبحت لاحقاً «HPS Investment Partners»، إحدى أكبر شركات الإقراض الخاص في العالم، والتي استحوذت عليها «بلاك روك» العام الماضي بـ12 مليار دولار.
في الاجتماعات الداخلية، عبّر ديمون عن أسفه لترك هذه الوحدة، معتبراً أن التخلي عنها كان من أكبر أخطاء البنك في السنوات الأخيرة.
شركات الإقراض الخاص مثل «آريس» و«بلاكستون» أصبحت تقدّم عروضاً مغرية للشركات: تمويل أسرع، شروط مرنة، وقروض أكبر مما تقدمه البنوك، مقابل فائدة أعلى. وبحسب بيانات الاحتياطي الفيدرالي، تدفع الشركات عادة فائدة إضافية بين 2% و3% للحصول على هذا النوع من التمويل.
ورغم أن معدلات التعثر عن السداد لا تزال منخفضة، فإن السوق لم يمر بعد بركود حقيقي، ما يجعل المخاطر قائمة.
بعد أزمة 2008، شددت الجهات التنظيمية على البنوك، مما دفعها للابتعاد عن هذا النوع من الإقراض. لكن في السنوات الأخيرة، بدأت القوانين تُطبق بمرونة أكبر، مما فتح الباب لعودة البنوك، وديمون يرى أن الوقت قد حان لاستعادة دور البنك في هذا السوق.
ويؤكد ديمون أن «جي بي مورغان» قادر على الدخول بشكل مدروس، وتحقيق أرباح حتى في حال حدوث أزمة، كما فعل سابقاً بعد 2008 حين اقتنص أصول شركات منهارة بأسعار زهيدة.
اللافت أن شركات الإقراض الخاص مثل «آريس» استخدمت في بعض الأحيان أموالاً مقترضة من بنوك كبرى مثل «جي بي مورغان» لتمويل صفقاتها، مما أثار استياء بعض المصرفيين داخل البنك، الذين رأوا أن البنك يموّل منافسيه بشكل غير مباشر.
ومع التغيرات في السوق، يرى ديمون أن انتظار المزيد لم يعد خياراً. فالمنافسة تحتدم، والمستثمرون يتدفقون على هذا المجال. لذا، يستعد البنك للدخول بقوة، ولكن بحذر.