رسوم الإغراق الصينية تتوافق وقواعد التجارة العالمية
واشنطن لا تزال تفرض 54% رسوما على الطرود الرخيصة
قد تكون واشنطن وبكين اتفقتا على وأد حرب عالمية تجارية كانت ستقضي على الأخضر واليابس بين قطبي الاقتصاد العالمي، إضافة إلى ركود عالمي أوسع مع تراجع الطلب على السلع الأولية، إلا أنه ورغم الاتفاق لا تزال نار التعريفات تحت الرماد.
ومع إعلان القطبين عن اتفاق تجاري أراح العالم، وجعل الجميع يتنفس الصعداء، أطلقت بنوك عالمية صفير الإنذار المبكر بشأن أن الاتفاق لا يزال أمامه طريق طويل وصعب، حتى يصل إلى درجة من الرسوخ تتبدد معها مخاوف عودة اندلاع شرارة الأزمة.
أعلنت الصين أمس، فرض رسوم إغراق بنسبة تصل إلى 74.9% على واردات كوبوليمرات «بروميد أوم»، وهو نوع من البلاستيك الهندسي، من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وتايوان.
جاء ذلك، بعدما اختتمت وزارة التجارة تحقيقا بدأ في مايو 2024، بعد وقت قصير من زيادة الولايات المتحدة للرسوم الجمركية بشكل حاد على السيارات الكهربائية الصينية ورقائق الكمبيوتر وغيرها من الواردات.
وقالت الوزارة إن كوبوليمرات البولي أوليفينات يمكن أن تحل جزئيا محل المعادن مثل النحاس والزنك ولها تطبيقات مختلفة بما في ذلك أجزاء السيارات والإلكترونيات والمعدات الطبية.
وفي يناير قالت الوزارة إن التحقيقات الأولية أثبتت حدوث إغراق، ونفذت إجراءات أولية لمكافحة الإغراق في شكل وديعة اعتبارا من 24 يناير.
◄بحسب إعلان أمس الأحد، تم فرض أعلى معدل إغراق بنسبة 74.9% على الواردات من الولايات المتحدة، بعد مرور 4 أيام فقط على سريان تعطيل الرسوم الإضافية بين الجانبين.
◄في حين ستواجه الشحنات الأوروبية رسوما جمركية بنسبة 34.5%.
◄فرضت الصين رسوماً جمركية بنسبة 35.5% على الواردات اليابانية، باستثناء شركة أساهي كاساي التي فُرضت عليها رسوم جمركية بنسبة 24.5%.
◄بينما فُرضت رسوم جمركية عامة بنسبة 32.6% على الواردات من تايوان.
◄كما فُرضت على شركة فورموزا بلاستيكس رسوم جمركية بنسبة 4%، وعلى شركة بولي بلاستيكس تايوان رسوم جمركية بنسبة 3.8%.
جاء قرار بكين، رغم ارتفاع الآمال في تراجع الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بعد أن قال الجانبان إنهما اتفقا على خفض الرسوم الجمركية المتبادلة في هدنة مدتها 90 يوما، وهي الصفقة التي قالت عنها صحيفة غلوبال تايمز الناطقة باسم الدولة يوم الجمعة، إنه يجب تمديدها.
في الوقت ذاته حذرت مجموعة دول التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في بيان صدر يوم الجمعة بعد اجتماع في كوريا الجنوبية من التحديات الأساسية التي يواجهها النظام التجاري العالمي.
رغم حصول المتسوقين على بعض الراحة من رسوم جمركية ضخمة على سلع صينية كانت في السابق رخيصة ومعفاة من الرسوم الجمركية، إلا أن الرسوم الجمركية المتبقية لا تزال تهدد بعرقلة عادات التسوق لدى ملايين الأمريكيين الذين يتسوقون عبر مواقع التجارة الإلكترونية منخفضة الأسعار مثل «شي إن» و«تيمو».
يُخفف الأمر التنفيذي الصادر يوم الاثنين الماضي التعريفة الجمركية البالغة 120% على الطرود البريدية البسيطة، وتُطبق النسبة الجديدة البالغة 54% فقط على الشحنات التي تُسلِّمها خدمات بريدية مثل خدمة البريد الأميركية (USPS).
أما عمليات التسليم من «يو بي إس» و«فيدكس» وشركات البريد السريع الأخرى، فستُطبَّق عليها التعريفة الجمركية الأساسية على البضائع الصينية، والتي خفضتها الولايات المتحدة إلى 30%، وهو ما لا يزال يُشكل عائقا كبيرا للعديد من الشركات والمستهلكين.
خفّضت إدارة ترامب تعريفتها الجمركية على الطرود الرخيصة، أو شحنات البضائع التي تبلغ قيمتها ثمانمئة دولار أو أقل، القادمة من الصين من 120% إلى 54%، وخفّضت المعدل من 145% إلى 30% للطرود من شركات النقل التجارية.
كما أن خيار الرسوم الثابتة من مئة دولار لن يرتفع إلى مئتي دولار لكل طرد بريدي اعتباراً من 1 يونيو، كما كان مخططًا له سابقًا، وفقًا لأمر تنفيذي صدر يوم الاثنين، ويدخل حيز التنفيذ بعد منتصف ليل الأربعاء.
يُجسّد هذا التغيير حالة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، فالعلاقة آخذة في التحسن، لكن لا يزال أمامها طريق طويل قبل أن تعود إلى مستويات ما قبل يناير، وتولي ترامب إدارة أكبر اقتصاد في العالم.
من المتوقع أن يكون للرسوم الصينية الأحدث في سلسلة التعريفات، تأثير مباشر في سلاسل الإمداد المرتبطة بالمنتجات البلاستيكية عالية الأداء، خاصة في قطاعات مثل السيارات والإلكترونيات التي تعتمد على استيراد مكونات بتكاليف منخفضة.
يأتي هذا الإجراء ضمن خطوات أوسع تتخذها الصين لتقوية صناعتها المحلية ومواجهة الضغوط التجارية الغربية، في وقت تسعى فيه الشركات الأميركية والآسيوية إلى تنويع مصادر الإنتاج خارج الصين.
تمثل هذه الرسوم تصعيدا محسوبا من الصين يستهدف صناعات بعينها، ولكن ضمن أطر قانونية تجارية وفق قواعد منظمة التجارة العالمية، وهي تشير إلى أن بوادر التهدئة لا تعني نهاية للمنافسة الجيواقتصادية، خصوصا في قطاعات التكنولوجيا والصناعة الدقيقة.