logo
اقتصاد

الاقتصاد الروسي يبلغ حد النمو الأعلى ويراقب التضخم

الاقتصاد الروسي يبلغ حد النمو الأعلى ويراقب التضخم
تاريخ النشر:17 أغسطس 2023, 11:11 ص
تشير الزيادة الضخمة في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الروسي لوقف تراجع الروبل هذا الأسبوع إلى واقع جديد للكرملين، وهو وصول الاقتصاد الروسي إلى الحد الأقصى للنمو على الأجل الطويل دون إشعال التضخم.

وضخت الحكومة للاقتصاد الروسي بالكثير من المال لإبقاء الدعم لقواتها في أوكرانيا ولعزل شركاتها ومواطنيها عن الحرب. وبفضل سخاء الدولة، يرتفع الطلب في الاقتصاد، مما يساعده على التعافي من الركود الذي تسببت فيه العقوبات العام الماضي، أما العرض - مقيد بشكل متزايد بسبب عزلة روسيا ونقص العمالة الواسع النطاق - ليس كذلك.

وكان الخلل المتزايد في الاقتصاد الروسي في زمن الحرب محط الأنظار هذا الأسبوع، حيث انخفض الروبل إلى أدنى مستوى له منذ الأيام الأولى للحرب. وألقى مسؤول كبير في الكرملين باللوم في انخفاض العملة على السياسة النقدية المتساهلة. وبعد ذلك بيوم، رفع البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة 3.5 نقطة مئوية في اجتماع طارئ، مشيراً إلى الحاجة إلى استقرار العملة وخفض التضخم، الذي قال إنه ينمو بمعدل سنوي يبلغ 7.6% خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

وشهد الروبل انتعاشاً، حيث يشتري دولارا واحدا الآن ما يقرب من 94 روبل مقارنة بما يصل إلى 102 يوم الاثنين. ويرى الاقتصاديون أن التقلبات التي حدثت هذا الأسبوع لا تمثل بداية لأزمة مالية وشيكة، بل على أنها أحد أعراض الآفاق الاقتصادية المتصلبة لروسيا.



وفي محاولة أخرى لدعم العملة، أبرمت الحكومة الروسية اتفاقية غير رسمية مع المصدرين لتحويل المزيد من أرباحهم الأجنبية إلى روبل، وفقاً لصحيفة "فيدوموستي" الروسية، وطبّق البنك المركزي سياسة أكثر صرامة بعد وقت قصير من بدء الحرب للمساعدة في دعم الروبل المنهك.

إحدى الخطوات التي يفكر فيها البنك المركزي الروسي الآن لتعزيز العملة ستعيد فرض المتطلبات - التي استخدمت في وقت سابق من الحرب - على المصدرين لتحويل الأرباح الأجنبية مرة أخرى إلى الروبل، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام.

وقال إريك مايرسون، كبير استراتيجيي الأسواق الناشئة في بنك SEB السويدي: "تعتبر روسيا واحدة من الدول القليلة التي يمكن أن تتحمل لفترة أطول، لا أعتقد أنهم سوف ينفدون بالضرورة من المال أو ما شابه."

لكن المستوى الذي يمكن أن ينمو عنده الاقتصاد الروسي دون تأجيج التضخم أصبح الآن أقل بكثير مما كان عليه قبل العقوبات الغربية. ويشكل انخفاضا ما يسمى بمعدل النمو المحتمل معضلة للرئيس فلاديمير بوتين لأنه يحتاج إلى تعزيز الإنتاج العسكري وتهدئة المواطنين قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة في مارس.

وقفز الإنفاق الحكومي كجزء من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 13.5% في الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو أعلى معدل نمو في البيانات يعود إلى عام 1996.

وقدر صندوق النقد الدولي أن معدل النمو المحتمل لروسيا كان حوالي 3.5% قبل 2014، العام الذي استولت فيه على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا.

ويقدر المحللون في "ريفايزن بنك" Raiffeisenbank Russia أن النمو المحتمل طويل الأجل للاقتصاد يقف الآن عند 0.9%، وفي السنوات التي سبقت الأزمة المالية لعام 2008، بلغ متوسط نمو الاقتصاد الروسي أكثر من 7% سنوياً.

وقالت جانيس كلوج  الخبيرة في الاقتصاد الروسي في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية: "يُظهر انخفاض قيمة الروبل أن الاستعراضات الاقتصادية للإنفاق العام المزدهر ليست مستدامة"، "الحد الأقصى للنمو ليس ما يمكن أن تموله الحكومة، ولكن ما يمكن للاقتصاد إنتاجه."

وبلغت قدرة روسيا على زيادة الإنتاج في مصانعها بالفعل أقصى حد، وفي القطاعات التي تزود الجيش، تعمل المصانع في نوبات متعددة للتعامل مع الطلبات، كما انتعشت الفئات الإحصائية المرتبطة بالإنتاج العسكري، مثل السلع المعدنية والمنتجات البصرية والملابس الخاصة، في النصف الأول من العام.

وفي غضون ذلك، تراجعت القطاعات الصناعية غير العسكرية، بسبب تراجع القدرة على الوصول إلى المنتجات الغربية، وعدم الكفاءة وتاريخ الاستثمار الضعيف في صيانة الآلات والمعدات. وانخفض إنتاج السيارات بنسبة تزيد عن 10% على أساس سنوي. نتيجة لذلك، أصبح الاقتصاد الروسي يتركز بشكل متزايد على مواردها الطبيعية الهائلة، حيث تملأ أرباح الطاقة والمعادن خزائن الحكومة.

وحاولت روسيا أن تصبح أكثر اكتفاءً ذاتياً منذ أن غزت أوكرانيا في فبراير الماضي، وانقطعت عن شبكات الإمداد الغربية. وتسير هذه الجهود ببطء وحققت نجاحاً متبايناً حتى الآن، وتعتمد حوالي 65% من المؤسسات الصناعية في روسيا على المعدات المستوردة، وفقاً لاستطلاع نشرته المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو في (يونيو).

وفي هذا الصدد، قال إيكا كورهونين، رئيس معهد "بنك فنلندا للاقتصاديات الناشئة"، "إن بناء القدرات في القطاعات الجديدة يستغرق وقتاً". روسيا بحاجة إلى آلات، تحتاج إلى فنيين مؤهلين، كل هذا يتطلب موارداً ويستغرق وقتاً".

لقد تحولت روسيا إلى الخارج لسد النواقص والثغرات، وارتفعت واردات السلع بنسبة 18% هذا العام حتى يوليو، وفقاً لبيانات من وزارة المالية، وزادت الواردات من الصين وزار وزير الدفاع الروسي كوريا الشمالية مؤخراً لاطلاع على أنظمة الأسلحة هناك.

ويأتي اعتماد روسيا المتزايد على الواردات بتداعيات كبيرة على استقرارها الاقتصادي، ولا يزال الاقتصاد يدير فائضاً في الحساب الجاري، مما يعني على نطاق واسع أنه يتلقى من الصادرات أكثر مما ينفق على الواردات. لكن هذا الفائض انخفض بنسبة 85% هذا العام، مما يعني تدفق أموال أقل إلى الاقتصاد وانخفاض الطلب على الروبل، كما أن ضعف الروبل يجعل الواردات أكثر تكلفة من حيث الروبل، مما يؤدي إلى ارتفاع التضخم.

ولم تنجح جهود روسيا كثيراً في العثور على موردين جدد للمنتجات ذات التقنية المتوسطة والعالية مثل قطع غيار الطائرات التي تضررت من العقوبات الغربية، وانخفضت هذه الواردات بمقدار 7 مليارات دولار في الربع الأخير من عام 2022 مقارنة بالعام السابق، وفقاً لتحليل نشره مركز أبحاث السياسة الاقتصادية.

ومن المتوقع أيضاً أن تؤدي العزلة التكنولوجية المتزايدة لروسيا إلى تقليص آفاق نموها على المدى الطويل، والتي كانت قاتمة حتى قبل الحرب. وتتقلص القوى العاملة في البلاد منذ أكثر من عقد مع تقدم سكانها في السن. وكانت الإنتاجية ضعيفة بسبب نقص الاستثمار ومناخ الأعمال المليء بالفساد والبيروقراطية.

وساءت هذه الاتجاهات خلال العام الماضي، وتواجه روسيا أسوأ نقص في العمالة منذ التسعينيات حيث تم حشد مئات الآلاف للجبهة.

وقال ليام بيتش، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس: "لم يتبق أي إمدادات تقريباً في الاقتصاد الروسي، والنتيجة الحتمية لذلك ستكون التضخم".

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC