وتعليقاً على ذلك قال آلان سلون، وهو صحفي اقتصادي مستقل، وحائز على جائزة لوب سبع مرات، وهو أعلى تكريم في الصحافة الاقتصادية، إنه بطبيعة الحال كان أكبر الفائزين والمستفيدين من خطط الفيدرالي، هم الأفراد الذين يمتلكون صناديق استثمار مشتركة في أسواق المال، والذين يزيد دخلهم الحالي بأكثر من 30 ألفا أو 300 مرة، عما كان عليه في فبراير 2022، أي الشهر السابق لبدء الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل لمكافحة التضخم.
أما بالنسبة للخاسرين، فيرى سلون أن البنوك الإقليمية الـ 12 التابعة للاحتياطي الفيدرالي، والتي تحولت من تحقيق أرباح جماعية كبيرة إلى تسجيل خسائر كبيرة بسبب زيادات أسعار الفائدة.
كما يتوقع أن يصل إجمالي الخسائر إلى مستوى قياسي عند 100 مليار دولار بحلول نهاية سبتمبر الجاري.
وأوضح أنه نتيجة لاستراتيجية الاحتياطي الفيدرالي، شهدت صناديق الاستثمار في أسواق المال، إقبالا هائلا من الأفراد والمؤسسات، مما وسع خسائر الاحتياطي الفيدرالي.
تبخر الأرباح
وتابع: قبل أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة، كانت البنوك الإقليمية تحقق أرباحاً قياسية، حيث تم إرسال 107.4 مليار دولار من تلك الأرباح إلى الخزانة الأميركية في عام 2021، إلا أنه للعديد من الأسباب، أدت زيادات أسعار الفائدة إلى تبخر أرباح البنوك الفيدرالية، واختفت تدفقات المال بالكامل إلى الخزانة هذا العام.
الفائدة المرتفعة أدت إلى تلاشي أرباح الفيدرالي واختفاء تدفقات المال إلى الخزانةآلان سلون - صحفي اقتصادي مستقل
وبحسب بيانات شركة كرين داتا، اعتباراً من فبراير 2022، كان متوسط الفائدة التي حصل عليها أصحاب صناديق سوق المال 0.02%، في حين بلغ إجمالي أصول الصناديق 5.09 تريليون دولار، مما يجعل عائد فوائدها يبلغ نحو مليار دولار سنوياً.
واعتباراً من 31 يوليو من العام الجاري، بلغ عائد الفائدة على صناديق الاستثمار 5.08% وبلغت أصولها 5.93 تريليون دولار، ووصلت عوائد الصناديق إلى 299.9 مليار دولار سنوياً، وفقاً لبيانات كرين داتا.
وقال بيتر كرين من شركة كرين داتا، أنه اعتباراً من 18 أغسطس، وصل متوسط عوائد الصناديق إلى 5.15%، وفي حال تم افتراض أن الأصول ظلت على حالها، وهو افتراض متحفظ للغاية، فإن الصناديق سوف تدر أكثر من 300 مليار دولار سنوياً على أصحابها.
وعلى الرغم من ذلك، يحذر كرين من أن ما يزيد على 300 مليار دولار هو معدل سنوي، يتمثل في أخذ الوضع الحالي وتصويره على مدى عام كامل.
وتعود أسباب ارتفاع دخل حاملي صناديق الاستثمار، بسبب شراء الصناديق للأوراق المالية قصيرة الأجل، وعلى مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية قصيرة الأجل من صفر إلى 5.25% إلى 5.50%، مما أدى إلى ارتفاع دخل أصحاب صناديق المال مع زيادة أسعار الفائدة الفيدرالية.
وأوضح كرين أن نسبة الفائدة عند 5% لها دور كبير في معنويات المستثمرين، حيث تبدأ الأموال التدفق إلى الصناديق النقدية، وهو ما حدث في أواخر التسعينات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وهو ما يتكرر الآن.
وأضاف أنه في حين أن مستثمري صناديق المال عززوا مكاسبهم بنسبة 30% مقارنة بما قبل عهد الفائدة المرتفعة، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي نفسه يتكبد خسائر ومن المفارقات أن تلك الخسائر بسبب زيادات أسعار الفائدة.
صناديق المال عززوت مكاسبها بنسبة 30% بسبب الفائدة المرتفعة والبنك الاحتياطي الفيدرالي نفسه يتكبد خسائربيتر كرين - شركة كرين داتا
قال آلان سلون إن البنوك الإقليمية الـ 12 التابعة لبنك الاحتياطي الفيدرالي، والتي كانت تجني الكثير من المال، تعاني الآن من عجز جماعي كبير، وذلك لأنها تدفع أكثر من 5% على تريليونات الدولارات، التي اقترضتها من صناديق سوق المال والمؤسسات المالية الأخرى، في حين تظل محافظها الاستثمارية مليئة بالقروض العقارية منخفضة العائد، وأوراق الخزانة التي اشترتها خلال أيام الأزمة المالية عندما كانت الفائدة قريبة من الصفر.
وأضاف أن بنوك الاحتياطي الفيدرالي باتت معرضة للإفلاس، وذلك لأنها تقترض الأموال بتكلفة عالية، وذلك لمنع صناديق الأموال والأصول المصرفية من إغراق النظام المالي، ودفع أسعار الفائدة إلى الانخفاض، وفي حال حدث ذلك فإن من شأنه أن يقوض استراتيجية بنك الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.
واعتبارا من 30 يونيو الماضي، بلغ إجمالي ما يسميه بنك الاحتياطي الفيدرالي بـ "الأصول المؤجلة"، ولكن يطلق عليه آلان مصطلح "الخسائر" 74.7 مليار دولار، وفقاً للتقرير المالي النصف سنوي الأخير الصادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي.
ويقول ستيفن تشيرش من شركة بيسكاتاكوا للأبحاث في بورتسموث بولاية نيو هامبشاير، إن الخسائر بلغت حوالي 2 مليار دولار في الأسبوع، ووصل الإجمالي إلى 77.1 مليار دولار اعتباراً من أواخر أغسطس، بينما بلغت الخسائر اللاحقة 94.5 مليار دولار، ويتوقع أيضاً أن تصل الخسائر إلى 100 مليار دولار في سبتمبر.
تراجع تدفقات الخزانة
ومن ناحية أخرى، بلغت تحويلات أرباح بنوك الاحتياطي الفيدرالي المجمعة إلى الخزانة حتى 30 يونيو، 102 مليون دولار فقط، بانخفاض أكثر من 98% من 62.8 مليار دولار تم تحويلها حتى 30 يونيو من العام الماضي، قبل أن تبدأ زيادات أسعار الفائدة في التأثير بشكل خطير على الأسواق المالية، وبنك الاحتياطي الفيدرالي، وأرباح البنوك.
وبموجب القواعد التي تعمل تلك البنوك بموجبها، يتعين على البنوك الإقليمية التابعة لبنك الاحتياطي الفيدرالي، أن تجني ما يكفي من الأرباح لإخراج نفسها من فجوة "الأصول المؤجلة"، قبل أن تتمكن من البدء في إرسال أموال كبيرة إلى الخزانة مرة أخرى.
يرى آلان سلون من أن خسائر بنوك الاحتياطي الفيدرالي لن تؤدي إلى زيادة عجز الميزانية الفيدرالية، إلا أن تلاشي الأرباح الكبيرة التي ساعدت في السابق في خفض العجز، الذي بلغ 1.6 تريليون دولار حتى الآن في السنة المالية الحالية، مما يدفع دافعي الضرائب للقلق بشأن ارتفاع الدين الحكومي.
وبعبارة أخرى، فإن مكاسب مستثمري صناديق المالي هي إلى حد ما، خسائر بنك الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة ودافعي الضرائب الأميركيين.
وأوضح أنه من غير الواضح ما يخبئه المستقبل بالنسبة لمستثمري صناديق المال، إلا أنهم في الوقت الحال يستفيدون بشكل كبير من زيادات أسعار الفائدة التي أقرها بنك الاحتياطي الفيدرالي، ومن المرجح أن يظلوا من الفائزين الكبار على الأقل في المستقبل القريب.