يشهد الأميركيون هذا الصيف ارتفاعاً ملحوظاً في تكلفة السفر إلى الخارج، مع التراجع الحاد في قيمة الدولار الأميركي، ما يمثل انعكاسًا جذريًا لاتجاهات السنوات الماضية التي كانت تصبّ في مصلحة السائح الأميركي.
بحسب تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، سجل مؤشر الدولار الأميركي (ICE)، الذي يقيس أداء العملة مقابل سلة من ست عملات رئيسية، أسوأ أداء نصف سنوي له منذ أكثر من 50 عاماً.
و منذ بداية عام 2025، انخفض الدولار بنسبة 13% مقابل اليورو، وبنحو 6% مقابل الين الياباني.
ولطالما استفاد الأميركيون من قوة الدولار، حيث زادت قدرتهم الشرائية في الخارج، وارتفعت وتيرة السفر، فيما عكست العملة القوية ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأميركي.
لكن الظروف تغيّرت بفعل السياسات التجارية للإدارة الأميركية، وتصاعد القلق بشأن الدين القومي، وتقلص الفجوة بين أسعار الفائدة في الولايات المتحدة والأسواق المتقدمة الأخرى.
في المقابل، من المتوقع أن تستفيد الشركات الأميركية المُصدِّرة من هذا الانخفاض، إذ أصبحت صادراتها أقل تكلفة للمشترين في الخارج، وفق التقرير.
كما أن أرباح الشركات متعددة الجنسيات، مثل «أبل» و«أمازون.كوم»، التي عانت سابقا من قوة الدولار، قد تشهد تحسناً مع تحويل الإيرادات الأجنبية إلى الدولار بأسعار صرف أكثر فائدة.
وتتوقع الأسواق أن يكون موسم الأرباح الحالي داعماً لأداء الشركات ذات النشاط الدولي، حيث يأتي أكثر من 40% من إيرادات شركات مؤشر «ستاندارد آند بورز 500» (S&P 500) من الأسواق العالمية.
وقالت لوري هاينل، كبيرة مسؤولي الاستثمار في شركة «ستيت ستريت إنفستمنت مانجمنت» التي تدير أصولاً بقيمة 4.7 تريليون دولار: "المصدرون سيكونون من أبرز المستفيدين من تراجع الدولار".
من ناحية الاستثمار، وفّر انخفاض الدولار فرصاً مجزية للمستثمرين الأميركيين في الأسهم العالمية، حيث ارتفع مؤشر «مورغان ستانلي إم إس سي آي» (MSCI) للأسهم غير الأميركية بنسبة 19% حتى 3 يوليو، نحو نصف هذه المكاسب تعود إلى تأثيرات أسعار الصرف.
وحقّق صندوق «فانغارد» الدولي للأسهم مكاسب بنحو 17% هذا العام، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف مكاسب مؤشر (S&P 500) البالغة 6.4%.
ورغم تزايد التكاليف، لا تزال شهية الأميركيين للسفر قوية، حيث أظهر استطلاع أجرته «ديلويت» في مايو أن ربع المستهلكين الأميركيين يخططون للسفر دولياً خلال الأشهر الثلاثة التالية، وهي نسبة تفوق ما كانت عليه في نفس الفترة من عامي 2023 و2024.
من جهتهم، بدأ بعض المسافرين بتقليص نفقاتهم.
براندون لوري، أستاذ جامعي من هيوستن، اختار تناول العشاء في «ماكدونالدز» أثناء زيارته لأسكتلندا، لتفادي فاتورة مطعم أخرى قد تتجاوز 70 دولاراً، «قائلا الزيادة الطفيفة في سعر الصرف تبدأ بالتراكم على بطاقة الائتمان».
أما تريش سمي، مستشارة السفر من مدينة كانساس، فأكدت أن عملاءها لا يتراجعون عن خططهم رغم تراجع الدولار، مشيرة إلى أن الشباب ما زالوا يتجهون نحو وجهات رائجة مثل بالي واليابان، بينما يواصل كبار السن تنفيذ رحلاتهم «التي لطالما حلموا بها».