logo
اقتصاد

سعر الفائدة في مصر.. هل يخالف «المركزي» التوقعات؟

سعر الفائدة في مصر.. هل يخالف «المركزي» التوقعات؟
المقر الرئيس الجديد للبنك المركزي المصري في العاصمة الإدارية شرقي القاهرة، يوم 18 مارس 2024.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:21 نوفمبر 2024, 05:37 ص

بين ضغوط التضخم المرتفع وتوقعات الأسواق، يترقب المصريون مساء اليوم الخميس قرار لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي المصري بشأن أسعار الفائدة الجديدة.

يأتي الاجتماع السابع وقبل الأخير للعام الجاري وسط توقعات كبيرة بالإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير للمرة الخامسة على التوالي، في قرار يتماشى مع تصاعد الضغوط التضخمية على مدى الشهرين الماضيين خصوصاً في ضوء الزيادات المتتالية بأسعار الوقود التي كان آخرها في شهر أكتوبر الماضي.

ارتفاعات قياسية

كانت لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي المصري، أبقت على سعر الفائدة دون تغيير خلال آخر 4 اجتماعات متتالية عند مستويات 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض.

كما جاء تثبيت الفائدة في الاجتماعات الأربعة السابقة بعد اتباع البنك المركزي سياسة تشديد نقدي أسفرت عن ارتفاعات قياسية في أسعار الفائدة بنحو 19% خلال عامين ونصف العام، بهدف مواجهة الضغوط التضخمية الناجمة عن ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري.

منذ عام 2022 وحتى الربع الأول من 2024، واصل الجنيه المصري تراجعه مقابل الدولار، لترتفع العملة الأميركية من 19 إلى 30 جنيهاً، ثم إلى مستويات 48 جنيهاً عقب تحرير سعر الصرف في مارس الماضي، لتستقر في معاملات أمس الأربعاء عند 49.73 جنيه.

وكانت الارتفاعات الأكبر في أسعار الفائدة خلال الربع الأول من العام الجاري، إذ ازدادت 8% منها 6% دفعة واحدة في 6 مارس الماضي عندما قرر «المركزي المصري» إجراء تعويم للعملة الوطنية، لخفض معدلات التضخم.

توقعات بالتثبيت 

يرجح الخبير المصرفي محمد عبد العال، في حديث لـ«إرم بزنس» إبقاء «المركزي المصري» في اجتماع اليوم على سعر الفائدة دون تغيير، وذلك في ظل ارتفاع معدل التضخم عن مستهدفاته؛ ما يجعل خفضه لهذه النسبة أمراً صعب التحقيق حالياً.

وبحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء، ارتفع التضخم خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مسجلاً 26.5% خلال شهر أكتوبر من 26.4% في شهر سبتمبر الماضي متأثراً بالزيادة الثالثة في أسعار الوقود خلال 2024 والتي أقرت الشهر الماضي، ولا تزال هذه الأرقام بعيدة جداً عن مستهدفات البنك المركزي التي تتراوح بين 5% إلى 9% بنهاية ديسمبر المقبل.

خلال العام الجاري، رفعت الحكومة المصرية أسعار البنزين والسولار 3 مرات في أشهر مارس ويوليو وأكتوبر بنسبة تتراوح في كل مرة بين نحو 8% إلى 17% بهدف ضبط إجراءات المالية العامة؛ ما انعكس سلباً على معدلات التضخم.

إلى جانب استمرار ارتفاع التضخم عن المعدل المستهدف، يعتقد عبدالعال أن التطورات الجيوسياسية في المنطقة تزيد من حالة عدم اليقين الاقتصادي؛ ما قد يدفع البنك المركزي للحذر في اتخاذ أي قرارات قد تؤثر على استقرار الاقتصاد، مثل التعجل بخفض سعر الفائدة.

الاحتياطي النقدي الأجنبي

كما يؤدي الاحتياطي النقدي الأجنبي، وفق الخبير المصرفي، دوراً مهماً في قرارات تحديد أسعار الفائدة؛ إذ إن استقرار أو تراجع الاحتياطي النقدي قد يفرض قيوداً إضافية على قرارات البنك المركزي، خصوصاً في ظل الالتزامات المالية الدولية.

إلى ذلك ارتفع صافي احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري بنهاية شهر أكتوبر الماضي، إلى 46.941 مليار دولار، مقابل 46.736 مليار في شهر سبتمبر السابق عليه، بزيادة تصل لنحو 205 ملايين دولار، وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري.

كما تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن مصر مطالبة بسداد التزامات مالية تصل إلى 60.8 مليار دولار خلال العام المالي الجاري، الذي يمتد من يوليو 2024 حتى يونيو 2025، و21.7 مليار دولار خلال العام المالي المقبل.

بينما تصل ذروة جدول السداد في الربع الثالث، الذي يبدأ في شهر يناير المقبل، بقيمة 20.59 مليار دولار، في حين تتراجع الالتزامات الخارجية في الربع الأخير إلى 10.5 مليار دولار. وتنقسم هذه الالتزامات إلى 52.8 مليار دولار كأصل دين، و8.1 مليار دولار كفوائد.

تقلبات سعر الصرف

تتوافق تصريحات الخبيرة المصرفية سهر الدماطي، مع رأي عبدالعال؛ إذ ترجح أيضاً تثبيت سعر الفائدة بدعم من التقلبات الحالية التي يشهدها سعر الصرف، الذي ارتفع من 48 إلى نحو 49.73 جنيهاً في تداولات أمس؛ ما يدفع البنك المركزي للحفاظ على سعر الفائدة الحالي دون تغيير.

في حديث لـ«إرم بزنس» تؤكد الدماطي، أن السياسة النقدية الحالية، تعمل على كبح جماح التضخم، والحفاظ على استقرار سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية؛ ما يخفف الضغوط على الأسواق المحلية.

وتستبعد الخبيرة المصرفية خفض أو زيادة الفائدة خلال الاجتماع المقبل، وذلك لسببين أولهما أن الارتفاع في معدلات التضخم يعزى بالأساس إلى زيادة تكاليف الإنتاج، ونقص المعروض، وليس إلى ارتفاع الطلب الاستهلاكي؛ ما يجعل رفع الفائدة أقل تأثيراً في خفض الأسعار.

هذا إضافة إلى أن رفع أسعار الفائدة يزيد تكاليف الاقتراض، ما قد يعيق الاستثمارات الإنتاجية ويثقل كاهل الشركات، ولذلك فإن البنك المركزي يبدو حريصاً على تحقيق توازن بين استقرار الأسعار وتعزيز النمو الاقتصادي، وفق الدماطي.

متى يبدأ التيسير النقدي؟

على الرغم من التثبيت المتكرر لأسعار الفائدة خلال الأشهر الماضية، يتوقع أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة القاهرة هشام إبراهيم، أن يبدأ البنك المركزي خفض الفائدة تدريجياً في منتصف العام 2025، مشيراً إلى أن هناك مؤشرات عدة تدعم هذا التوجه، تأتي في مقدمتها التوقعات بتباطؤ معدلات التضخم؛ ما يسمح لـ«المركزي» بتخفيف السياسة النقدية.

ويتوقع بنك «مورغان ستانلي» الأميركي، في أحدث تقرير صادر عنه قبل يومين، انخفاضاً كبيراً بمعدل التضخم في مصر إلى نحو 14% و15% على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2025.

يؤكد أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة القاهرة، في حديث لـ«إرم بزنس» أن دورة التيسير النقدي قد تكون ضرورية العام المقبل، لكنها قد تكون مرهونة بتحقيق استقرار ملحوظ في الأسعار وتحسن المؤشرات الاقتصادية.

إبراهيم يوضح أيضاً أن خفض الفائدة المتوقع إجراؤه في 2025، سيسهم في تعزيز الأنشطة الاستثمارية وتحفيز النمو الاقتصادي في قطاعات رئيسة مثل الصناعة والعقارات، فضلاً عن تحسين جاذبية الاستثمار الأجنبي، خصوصاً إذا رافقه استقرار اقتصادي.

كما يرى إبراهيم أن البنك المركزي يتبع سياسة نقدية متوازنة تتماشى مع الأولويات الاقتصادية الراهنة؛ فرفع الفائدة ليس حلاً مستداماً لتقليص التضخم، بينما خفضها في الوقت الحالي قد يضر بمصداقية السياسة النقدية وبأهداف استقرار العملة وتحقيق استدامة الديون، لذلك يرجح أن يتم تثبيت الفائدة خلال الاجتماع المقبل.

كذلك يتوقع «مورغان ستانلي»، في تقريره، تثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية اليوم، على أن يبدأ البنك المركزي دورة التيسير النقدي بشكل تدريجي خلال العام المقبل لتتراجع الفائدة إلى 17.25% على الودائع بحلول شهر ديسمبر 2025 من 27.25% حالياً.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC