logo
اقتصاد

عودة سوريا إلى «الأرابوساي».. خطوة رقابية بمضمون سياسي واستراتيجي

عودة سوريا إلى «الأرابوساي».. خطوة رقابية بمضمون سياسي واستراتيجي
ساحة الأمويين في دمشق - سوريا في 18 يناير 2025المصدر: رويترز
تاريخ النشر:10 مايو 2025, 06:51 ص

في سياق عربي يزداد فيه التركيز على الحوكمة الرشيدة وتعزيز الشفافية، تكتسب عودة ديوان المحاسبة السوري إلى صفوف المنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي» بعداً استراتيجياً يتجاوز الطابع الإداري أو البروتوكولي.

ففي الوقت الذي تواجه فيه دول المنطقة تحديات اقتصادية واجتماعية متفاقمة، تعود الرقابة لتتصدّر المشهد كأداة محورية لإعادة الثقة بين الدولة والمجتمع، وكوسيلة لضمان الاستخدام الرشيد للمال العام.

ومن هذا المنطلق، لا تُقرأ خطوة إعادة دمج سوريا في المنظمة بوصفها فقط تحريكاً لملف تقني، بل باعتبارها جزءاً من مسار أوسع لإعادة تموضع الدور العربي في بناء مؤسسات رقابية مهنية ومستقلة، قادرة على مرافقة التحولات السياسية والتنموية في المنطقة.

أخبار ذات صلة

الوقت ينفد.. أميركا مطالبة بمراجعة العقوبات لإنقاذ اقتصاد سوريا

الوقت ينفد.. أميركا مطالبة بمراجعة العقوبات لإنقاذ اقتصاد سوريا

في تصريح خاص لـ«إرم بزنس»، وصفت نائب الأمين العام للمنظمة، فضيلة القرقوري، عودة ديوان المحاسبة في الجمهورية العربية السورية إلى كنف «الأرابوساي» بأنها «خطوة استراتيجية بالغة الأهمية، ليس فقط على مستوى التمثيل، بل أيضاً على صعيد ترسيخ وحدة العمل الرقابي العربي وتوسيع آفاق التعاون بين الأجهزة الرقابية في المنطقة».

ورأت أن هذه العودة «ليست مجرد إجراء إداري أو تقني»، بل تمثّل «رسالة واضحة تؤكد أن العمل الرقابي العربي المشترك مستمر، وأن مبادئ الشفافية، النزاهة، والمساءلة تظل فوق الاعتبارات كلها، خصوصاً في ظل التحديات».

المنظمة، بحسب القرقوري، قدّمت وستواصل تقديم الدعم الفني والتقني لديوان المحاسبة السوري، بهدف تمكينه من استعادة دوره الطبيعي داخل المنظومة الرقابية العربية، وتعزيز مساهمته في تطوير الممارسات المهنية، وتبادل الخبرات، وتوحيد المبادئ والمعايير.

وقالت: «نحن نؤمن بأن الرقابة ليست وظيفة بيروقراطية، بل جزء لا يتجزأ من المشروع الوطني الشامل. إعادة دمج سوريا ليست فقط مسألة تنظيمية، بل إعادة وصل مع دولة محورية ذات تجربة عميقة في الرقابة المالية والإدارية، ورصيد مهني مهم».

استقلالية بلا مساومة

وفي ملف لطالما اعتُبر شائكاً ومحورياً في آنٍ واحد، شدّدت القرقوري على أن استقلالية الأجهزة العليا للرقابة لم تعد خياراً تنظيمياً، بل «ضرورة حتمية لضمان قيام هذه المؤسسات بمهامها بمهنية وحياد، بعيداً عن أي تدخلات سياسية أو إدارية».

ورأت أن تمكين الأجهزة من الاستقلال المالي والإداري والفني، واعتماد آليات قانونية واضحة في تعيين رؤسائها، كما هو معمول به في بعض الدول، يشكّل ركيزة أساسية لتعزيز الشفافية في إدارة المال العام، وتحسين جودة الخدمات، وزيادة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة.

واستشهدت بإعلانات دولية مرجعية، من بينها إعلان ليما (1977) وإعلان مكسيكو (2007)، مشيرة إلى أنها تمثل «الإطار المعياري العالمي لمهنية واستقلالية الأجهزة العليا للرقابة»، ودعت الدول الأعضاء إلى ترجمة هذه المبادئ إلى ممارسات مؤسسية فعلية، من خلال القوانين الوطنية وآليات الحوكمة.

أخبار ذات صلة

وعود بمليارات الدولارات.. لماذا يبدو إعمار سوريا بالغ الصعوبة؟

وعود بمليارات الدولارات.. لماذا يبدو إعمار سوريا بالغ الصعوبة؟

تجربة تونسية ملهمة

في سياق متصل، لفتت القرقوري إلى التجربة التونسية في تكريس الاستقلالية القانونية للأجهزة الرقابية، واعتماد ولاية محددة لرئيس الجهاز، معتبرة إياها «نموذجاً يمكن للدول العربية الاستفادة منه، مع احترام خصوصية السياقات الوطنية»، بحسب تعبيرها.

وأكدت أن الرقابة لا تنجز دورها في فراغ، بل تحتاج إلى بيئة داعمة، تبدأ من البرلمانات، مروراً بمنظمات المجتمع المدني، وصولاً إلى الإعلام المتخصص، واعتبرت أن «هذه العلاقة التفاعلية تُسهم في تعزيز المساءلة، وتحسين إدارة المال العام، وإبراز القيمة المضافة للأجهزة الرقابية في خدمة التنمية الوطنية».

وختمت تصريحها لـ«إرم بزنس» بالتأكيد على التزام «الأرابوساي» بـ«مواصلة دعم جميع الأجهزة الرقابية في الدول الأعضاء، وتوفير منصة موحدة لتبادل الخبرات، وتطوير الكفاءات، وتكريس المبادئ الدولية، بهدف بناء مؤسسات رقابية مستقلة وفعالة تستجيب لتطلعات المواطن العربي، وتعزز ثقته بمستقبل أكثر شفافية وعدالة».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC