خاص
خاصالتضخم في مصر- رويترز

مصر تدعم العمال بزيادة الأجور.. هل تواجه التضخم؟

وافق المجلس القومي للأجور في مصر على رفع الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص من ثلاثة آلاف جنيه إلى 3500 جنيه، بدءًا من يناير/كانون الثاني 2024.

ويقول الخبير الاقتصادي، محمد البهواشي، إن "قرارات وزير المالية بزيادة أجور العاملين وأصحاب المداخيل الشهرية المحدودة في عام 2024، تعكس حرص الدولة على تحسين مستوى معيشة المواطنين، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم".

وفي يناير 2023، زاد الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص من 2400 جنيه إلى 2700 جنيه شهريًّا، ثم إلى ثلاثة آلاف جنيه في يونيو/حزيران الماضي.

وأكد البهواشي، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن "قرارات الحكومة ليست جديدة، فقد سبق أن اتخذت الدولة قرارات مماثلة في الأعوام السابقة، مثل منح زيادات استثنائية للعاملين، في إطار جهودها لمساعدة المواطنين على مواجهة الظروف الصعبة".

وارتفع الحد الأدنى للأجور سبع مرات خلال السنوات الثلاث الماضية، إذ وصل الحد الأدنى لأجور العاملين في الجهاز الإداري للدولة إلى أربعة آلاف جنيه، مقابل 3500 جنيه للحد الأدنى في القطاع الخاص.

ورغم ذلك، فإنه "لا يمكن اعتبار هذه الإجراءات كافية، خاصة أن معدلات التضخم في ارتفاع مستمر، ما يعني أن القوة الشرائية للمواطنين تتراجع"، وفق تقدير البهواشي.

وتباطأ معدل التضخم السنوي الرئيس في مصر إلى 38% في سبتمبر/أيلول، بانخفاض من 39.7% في الشهر السابق، لكنه ما يزال أعلى بكثير من 15% في الشهر ذاته من عام 2022، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ويرى البهواشي أن "الإنجاز الحقيقي الذي حققته الدولة هو قدرتها على مواصلة تحقيق معدلات نمو إيجابية، رغم التحديات التي تواجه الاستثمارات، والتي تتمثل في ارتباك أسعار الصرف وارتفاع سعر الفائدة، وهما عاملان مهددان للاستثمارات".

وأضاف أن "هذه التحديات لم تمنع الدولة من مواصلة مشروعاتها وتحقيق معدلات نمو إيجابية، ما يعكس حرصها على تحقيق التنمية الاقتصادية، حتى في ظل الظروف الصعبة".

وتوقع الخبير أن يشهد الاقتصاد المصري انفراجة في العام الجديد، في ضوء العديد من المعطيات، أبرزها توقعات بتراجع أسعار الفائدة، وتراجع نسبي في معدلات التضخم.

بالإضافة إلى تفعيل عضوية مصر في تكتل بريكس الدولي، ما يسهم في توفير ملايين الدولارات، جرّاء الاستيراد من الدول الأعضاء في المنظمة بعملاتها المحلية، وبالتالي تقليل الضغط على الدولار.

ومع بداية يناير الحالي، انضمت مصر رسميًّا إلى مجموعة بريكس، وهي خطوة ينتظرها عدد كبير من القطاعات الإنتاجية في البلاد.

وذلك بهدف تقليل الطلب على الدولار والمساهمة في توفير الاحتياجات التصنيعية ومدخلات الإنتاج من الدول الأعضاء في بريكس، وتسهيلات تُسهم في خفض الضغط على الدولار.

ومن القرارات المنتظرة خلال العام الحالي، صرف الزيادة الدورية للعاملين في الجهاز الإداري للدولة وبعض المؤسسات الاقتصادية، بالإضافة إلى الزيادة السنوية للمعاشات في يوليو/تموز المقبل.

ووفق تقارير حكومية، فإنه يتوقع أن تصرف الدولة بعض الحوافز خلال العام الحالي، وفقًا للظروف أو الإمكانيات أو ارتفاع الأسعار، بهدف تقليل تداعيات الأزمات الاقتصادية.

تحسين الرواتب مرتبط بالإصلاح

ويرى الخبير الاقتصادي، الدكتور محمد عبد الوهاب، أن "تحسين الرواتب مرتبط بسياسة الإصلاح الاقتصادي التي اعتمدها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ نحو عشر سنوات، من خلال تقليص الدعم، ووضع مخصصات من شأنها تحسين حياة المواطنين".

وأشار في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، إلى أن "الدولة المصرية رفعت أجور العاملين وأصحاب المداخيل الشهرية المحدودة في العديد من المناسبات خلال السنوات القليلة الماضية، منها فترة أزمة كورونا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية".

ورأى أن "قرار زيادة الأجور يُعدُّ ثمرة خطط الإصلاح الاقتصادي التي تبنتها الدولة، والتي كانت لها آثار كبيرة على المواطنين من حيث انخفاض القيمة الشرائية للجنيه المصري".

وأضاف أن "الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وهيكلة مصروفات الموازنة، وضبط الدعم، وقرارات خفض أسعار الوقود، أسهمت في تحقيق فوائض في موازنة الدولة، ما مكّنها من زيادة الأجور".

وكشف عضو المجلس القومي للأجور، عماد حمدي، في تصريحات تليفزيونية، أن "الحد الأدنى للعاملين في القطاع الخاص ارتفع إلى 3500 جنيه بدلًا من ثلاثة آلاف جنيه، ما يعني أن زيادة الرواتب 500 جنيه يستفيد منها 25 مليون موظف".

التعامل مع المستجدات الاقتصادية

من جانبه، يرى أستاذ علم الاجتماع، الدكتور أحمد عبد الرحيم، أن "القرارات التي تتخذها الدولة فيما يتعلق بزيادة الأجور، تُمثّل أهمية كبيرة في إطار جهود تحقيق العدالة الاجتماعية".

ووفق بيان وزارة المالية، فإنها رفعت إجمالي الدخل للعاملين بالدولة وأصحاب المعاشات، من خلال حزمتي "تحسين الأجور" في أبريل وأكتوبر الماضيين، الذي يبلغ إجمالي تكلفتهما 210 مليارات جنيه.

ويوضح عبد الرحيم، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن "زيادة الأجور تهدف إلى مساعدة المواطنين على تجاوز الأزمات التي يواجهونها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، من خلال زيادة قدرتهم الشرائية، وتحسين مستوى معيشتهم".

وتعكس مثل هذه الخطوات حرص الحكومة على مواصلة ما بدأته في مجال توفير حياة كريمة للمواطنين، وفق تقدير عبد الرحيم الذي يرى أن "هذه الخطوات تشمل العديد من المشاريع السكنية والخدماتية التي تهدف إلى توفير سكن ملائم وخدمات أساسية للمواطنين".

بالإضافة إلى توفير فرص العمل من خلال جذب الاستثمارات، وإحياء الحرف والصناعات التقليدية التي عانت الإهمال لعقود طويلة، غير أنّ "زيادة الأجور تحمل دلالة على قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها".

وأضاف عبد الرحيم أن "زيادة الأجور تُعد مؤشرًا على قدرة الدولة على التعامل مع المستجدات الاقتصادية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهتها، ما يُعزّز من مكانتها على الصعيد الدولي".

أما الباحث الاقتصادي، هشام إبراهيم، فيرى أن "زيادة الأجور ستُسهم في إنعاش الإقتصاد وتعزيز الإنتاج، بالإضافة إلى انعكاسها الاجتماعي على المواطن، خصوصًا بعد ارتفاع معدلات التضخم في العالم".

وأضاف، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن "الدولة تتبع نهجًا ثابتًا منذ بداية عهد الرئيس السيسي، وهو زيادة الأجور لدعم المواطن وتعزيز قدرته على مجابهة متطلبات الحياة".

وأوضح أن "هذا النهج انعكس على الواقع المصري، حيث شهدت الرواتب زيادات عدة منذ انطلاق حقبة الإصلاح الاقتصادي، ما أسهم في تحسين مستوى معيشة الأسرة المصرية وجميع العاملين الذين تشملهم الزيادات الجديدة".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com