logo
اقتصاد

عبر شراكة عربية صينية.. ثورة تقنية لتحلية المياه وزراعة الصحارى

عبر شراكة عربية صينية.. ثورة تقنية لتحلية المياه وزراعة الصحارى
حقول القمح في صحراء الوادي الجديد بمصر، حيث تحولت أرض جرداء إلى مزرعة خصبة بفضل مشروع حفر الآبار بالتعاون مع شركة صينية.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:8 يونيو 2025, 08:41 ص

تشهد مشاريع الصين الزراعية والمائية في الشرق الأوسط توسعاً استراتيجياً يجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والاستثمار طويل الأمد.

فمن دعم تشغيل أكبر مصنع في العالم لمعالجة الشمندر السكري في صحراء مصر، إلى تطوير مراكز للزراعة الذكية ومشاريع تحلية ضخمة في الخليج، تعزز بكين حضورها الاقتصادي عبر تصدير حلولها في إدارة المياه والأمن الغذائي، في وقت تتزايد فيه حاجة دول المنطقة إلى شراكات فعالة لمواجهة تحديات المناخ وندرة الموارد.

أخبار ذات صلة

السعودية والصين توقعان 57 اتفاقية لمنتجات زراعية بـ 3.73 مليار دولار

السعودية والصين توقعان 57 اتفاقية لمنتجات زراعية بـ 3.73 مليار دولار

مساحات زراعية شاسعة في مصر

في مصر، تحولت مساحات شاسعة من الصحراء الغربية إلى أراضٍ زراعية منتجة بفضل جهود حفر الآبار الجوفية التي تقودها «تشونغمان بتروليوم اند ناتشورال غاز غروب» (Zhongman Petroleum and Natural Gas Group)، وهي شركة خدمات نفطية صينية.

فقد أنجزت الشركة حفر 193 بئراً عميقة خلال السنوات الثلاث الماضية لري مزرعة صحراوية تمتد على مساحة 500 هكتار، وتزود مصنع «القناة للسكر» بالمحاصيل. ويُعد المصنع مشروعاً مشتركاً بين مستثمرين من الإمارات ومصر، وتصل طاقته الإنتاجية السنوية إلى 900 ألف طن، بحسب «وكالة أنباء شينخوا» الصينية الرسمية.

وللتغلب على هشاشة الخزانات الجوفية ومخاطر انهيار الآبار في البيئة الصحراوية القاسية، استخدمت «تشونغمان» تقنية الحفر برغوة الهواء، التي تستبدل الطين التقليدي بمزيج من الهواء وعوامل رغوية. تقلل هذه التقنية تسرب المياه وتزيد كفاءة الحفر، وقد بدأت شركات مصرية في اعتمادها لاحقاً.

توجه استراتيجي صيني

يأتي هذا المشروع ضمن توجه أوسع تقوده الصين لتصدير تقنيات الزراعة وإدارة المياه إلى الأسواق الناشئة، وخصوصاً في الشرق الأوسط، في إطار استراتيجية تهدف إلى تعميق العلاقات الاقتصادية مع المنطقة في ظل تباطؤ النمو المحلي للشركات الصينية.

ويرى محللون أن هذه الشراكات تعكس توافقاً استراتيجياً؛ فبينما تسعى الشركات الصينية إلى التوسع دولياً، تتجه دول الشرق الأوسط بشكل متزايد إلى الاستفادة من الخبرة الصينية لمواجهة تحديات محلية تتعلق بالمياه والغذاء.

برز هذا التوجه بشكل أوضح خلال سلسلة من الاتفاقيات التي وُقعت بين الصين ودول المنطقة في مايو الماضي. فبينما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يزور السعودية في جولة استثمارية، كانت وفود سعودية تُبرم في بكين 57 اتفاقية مع شركات صينية بقيمة 26.9 مليار يوان، أي 3.7 مليار دولار، شملت مجالات متعددة منها البيئة وإدارة المياه والزراعة والثروة الحيوانية والسمكية، بحسب «وكالة الأنباء السعودية».

ومن بين أبرز المبادرات التي شملتها الاتفاقيات، التعاون في تقنيات إعادة تدوير المياه، وتبادل الخبرات لبناء القدرات، وإنشاء مزارع للطحالب، إلى جانب مشروعات لإنتاج الوقود الحيوي والأسمدة الحيوية

شراكات صينية خليجية

في الصين، أعلنت مدينة شوقوانغ الشرقية، المعروفة بإنتاجها المكثف للخضراوات، عن شراكة مع شركة «سلال» الإماراتية المتخصصة في تقنيات الزراعة، لتطوير مركز ذكي للزراعة الصحراوية على مساحة 100 ألف متر مربع. ويبلغ حجم الاستثمار في المشروع 120 مليون درهم، أي 32.6 مليون دولار، ويشمل تطوير بيوت زجاجية مصممة خصوصاً للزراعة في البيئات القاحلة.

أما في مدينة رابغ السعودية، فتقود شركات صينية أحد أكبر مشاريع تحلية المياه في المنطقة. ومن المقرر أن يبدأ المشروع العمل في العام المقبل، حيث سيحول 1.5 مليون طن من مياه البحر يومياً إلى 600 ألف طن من المياه العذبة للاستخدام الزراعي والمنزلي.

وقد نجحت شركة «شاندونغ الهندسية الثالثة لإنشاءات الطاقة الكهربائية» (SEPCOIII) المطورة للمشروع في خفض استهلاك الطاقة إلى 2.773 كيلوواط ساعة لكل طن، وهو من أدنى المعدلات في قطاع التحلية عالمياً، بحسب صحيفة «الشعب» الصينية.

اهتمام دولي متزايد

تحظى هذه التوسعات الصينية في تصدير تقنيات الزراعة والري باهتمام دولي متزايد. فقد نشرت مجلة (Forum) البرازيلية في مايو الماضي تقريراً حول إنجازات الري في مصر، ضمن مراجعة أوسع لحضور الصين في القطاع الزراعي العالمي.

وأكد ألفريدو مونتوفار-هيلو، المستشار البارز في «مركز الصين» التابع لمجموعة «ذا كونفرنس بورد» (The Conference Board) الأميركية، أن الشرق الأوسط أصبح وجهة رئيسة للاستثمارات الصينية، خاصة في ظل مساعي دول المنطقة لتنويع مصادر دخلها بعيداً عن النفط، ولمواجهة التحديات المرتبطة بتغير المناخ وندرة المياه.

كما أضاف أن ما تمتلكه الصين من خبرة واسعة في تطوير البنى التحتية والتصنيع، إلى جانب تفوقها التكنولوجي، يجعلها شريكاً طبيعياً لدول الشرق الأوسط الباحثة عن حلول مستدامة طويلة الأمد.

كذلك أشار مونتوفار-هيلو إلى أن المنطقة توفر فرصاً كبيرة للنمو أمام الشركات الصينية العاملة في مجالات البناء والتكنولوجيا الخضراء، وهو ما يمنح الصين منصة لتعزيز نفوذها العالمي.

وختم بالقول إن هذه الاستثمارات لا تعزز الحضور الاقتصادي الصيني فحسب، بل تدعم كذلك أهدافها الجيوسياسية من خلال الترويج لمعاييرها التقنية وممارساتها التشغيلية في الأسواق الدولية.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC