أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفع العقوبات المفروضة منذ سنوات على سوريا، تفاؤلاً عالمياً بدخول دمشق مسار التعافي الاقتصادي، لكن الطريق يبدو طويلاً ومحفوفاً بالتحديات.
ورغم رفع العقوبات الأميركية أمس الأول، وقبلها بعض عقوبات الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، والحديث عن إعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي، إلا أن الوقائع الميدانية تُظهر اقتصاداً أنهكته العقوبات، واستنزفته الحروب، وأعاقه غياب البنية المؤسسية، ما يجعل أي مسار للتعافي مرهوناً بإصلاحات عميقة وتدفقات مالية ضخمة واستقرار سياسي طويل الأمد.
يُقدّر البنك الدولي حجم الاقتصاد السوري حالياً بنحو 21 مليار دولار، ما يعادل اقتصادات دول صغيرة مثل ألبانيا، رغم أن عدد سكان سوريا يبلغ نحو 25 مليون نسمة.
وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي انكمش 83% بين عامي 2010 و2024، ما يجعل سوريا واحدة من أسرع الاقتصادات انكماشاً في العالم.
منذ عام 2019، ومع تفاقم أزمة لبنان المالية، فقدت الليرة السورية استقرارها، وبدأت دمشق تطبيق أسعار صرف متعددة لحماية العملات الأجنبية النادرة.
وفي ديسمبر الماضي، أعلنت الحكومة الجديدة نيتها توحيد سعر الصرف رسمياً، لكن الفجوة لا تزال كبيرة.
فالسعر الرسمي بلغ مؤخراً نحو 11065 ليرة للدولار، مقابل 22 ألف ليرة في السوق السوداء العام الماضي.
تتراوح تقديرات الديون السيادية بين 20 و23 مليار دولار، معظمها في شكل قروض ثنائية مع روسيا وإيران.
وتشير دراسات إلى أن بعض هذه الديون قد تُصنّف ضمن «الديون البغيضة» المرتبطة بـ«أنظمة قمعية»، ما يفتح الباب أمام مطالبات بإعادة هيكلتها أو شطبها.
تشير تقديرات سابقة إلى أن احتياطات المصرف المركزي من النقد الأجنبي لا تتجاوز 200 مليون دولار، مقارنة بـ18.5 مليار دولار قبل الحرب.
وتملك سوريا 26 طناً من الذهب تقدّر قيمتها بـ2.6 مليار دولار.
وتحاول الحكومة الجديدة استرداد أصول مجمّدة تُقدّر بـ400 مليون دولار، موزعة بين سويسرا وبريطانيا ودول أخرى.
تراجعت الصادرات السورية من 18.4 مليار دولار في 2010 إلى 1.8 مليار دولار فقط في 2021.
ومع تفاقم العقوبات وانهيار الإيرادات النفطية، لجأت الحكومة السابقة إلى اقتصاد الظل، من أبرز مظاهره تصدير حبوب الكبتاغون، والذي قُدّرت قيمته السوقية بنحو 5.6 مليار دولار سنوياً.
كانت سوريا تُصدر 380 ألف برميل يومياً في 2010، قبل أن تتراجع الإنتاجية بعد سيطرة فصائل متقاتلة على الحقول.
ومع توقّف الإمدادات الإيرانية نهاية 2024، ازدادت فجوة الطاقة بشكل مقلق. في الزراعة، انهار إنتاج القمح إلى ربع مستوياته قبل الحرب، ما دفع البلاد للاعتماد على واردات الحبوب، خاصة من روسيا، وبعض المقترحات الأوكرانية مؤخراً.