logo
اقتصاد

دراسة: فقدان 70% من مياه البحر المتوسط قبل 5.5 مليون عام

دراسة: فقدان 70% من مياه البحر المتوسط قبل 5.5 مليون عام
متطوع يبحث عن ضحايا الفيضانات نتيجة الأمطار الغزيرة على شاطئ إل سالير، فالنسيا، إسبانيا، 4 نوفمبر 2024المصدر: رويترز
تاريخ النشر:18 نوفمبر 2024, 04:51 م

كشفت دراسة حديثة نشرت اليوم الاثنين عن جفاف 70% من مياه البحر الأبيض قبل 5,5 مليون عام، نتيجة انسداد مضيق جبل طارق لفترة مؤقتة، وفقاً لمجلة «نيتشر كوميونيكيشنز» (nature communication) البريطانية والمتخصصة بعلوم الفيزياء والأحياء.

ويلعب الممر البحري الضيق الذي يفصل إسبانيا عن المغرب، دوراً أساسياً في النظام البيئي؛ نظراً لقلة عدد الأنهار التي تزود البحر المتوسط بالمياه العذبة.

ويتم تعويض تبخر المياه من خلال تبادل مياه المتوسط والمحيط الأطلسي عبر المضيق. فعلى السطح، تتداخل مياه المحيط الأطلسي مع مياه البحر الأبيض المتوسط، أما في الأعماق، فتختلط مياه البحر الأبيض المتوسط التي تُعدّ أكثر ملوحة، بالمحيط الأطلسي.

حدث جيولوجي

وبحسب القائمين على الدراسة، فإن انسداد مضيق جبل طارق جاء بسبب تحركات الصفائح التكتونية، مما أدى إلى اختلاط مياه البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، وتسبب بارتفاع تركيز الأملاح في البحر بعد انخفاض مستواه بـ«نحو 0.5 متر سنوياً».

ويطلق على هذه الظاهرة «أزمة الملوحة الميسينية»، وهي حدث جيولوجي كبير- حول البحر الأبيض المتوسط ​​إلى حوض ملحي عملاق منذ ما بين 5.97 و 5.33 مليون عام قبل الميلاد، في نهاية العصر الميوسيني.

وسميت بذلك، في إشارة إلى مدينة ميسينا الإيطالية، التي تركت آثاراً واضحة، إذ بات قاع البحر المتوسط «مغطى بطبقة من الأملاح يصل عمقها إلى ما بين 2 إلى 3 كيلومترات»، بحسب جوفاني ألويزي، الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية وعالم الكيمياء الجيولوجية في معهد فيزياء الكرة الأرضية.

وأوضح ألويزي الذي أشرف على الدراسة، أن حجم انخفاض مستوى سطح البحر ظل موضع نقاش حتى اليوم.

وفي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، أكد ألويزي، أن بعض الفرضيات تشير إلى أنّ مستوى البحر الأبيض المتوسط لم ينخفض عملياً، بينما تلفت أخرى إلى أنّ البحر بات شبه فارغ.

مراحل الظاهرة

حتى الآن، ظلت العملية التي تراكم بها مليون كيلومتر مكعب من الملح في حوض البحر الأبيض المتوسط ​​خلال فترة قصيرة من الزمن غير معروفة.

وبفضل تحليل نظائر الكلور الموجودة في الملح المستخرج من قاع البحر الأبيض المتوسط، تمكن العلماء من تحديد المرحلتين اللتين حدثت فيهما هذه الظاهرة الشديدة التبخر.

خلال المرحلة الأولى، التي استمرت حوالي 35 ألف عام، حدث ترسب الملح فقط في شرق البحر الأبيض المتوسط، بسبب تقييد تدفق البحر الأبيض المتوسط ​​إلى المحيط الأطلسي، في حوض البحر الأبيض المتوسط ​​المليء بالمياه المالحة.

خلال المرحلة الثانية، حدث تراكم للملح في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط، مدفوعاً بحدث تبخر سريع حيث انخفض مستوى سطح البحر بمقدار 1.7-2.1 كم و~0.85 كم في شرق وغرب البحر الأبيض المتوسط، على التوالي. ونتيجة لذلك، فقد حوض البحر الأبيض المتوسط ​​ما يصل إلى 70% من حجم مياهه.

جسر بري

وفي الجزء الغربي، أدى انخفاض مستوى سطح البحر إلى تكوين جسر بري يربط بين إفريقيا وأوروبا.

وقال الويزي، إنّ ذلك تسبب بـ«استعمار جزر البليار» من ثدييات أتت من القارة، كالماعز والقوارض والأرانب، بحسب ما توصّلت إليه دراسات سابقة.

وأدّى انخفاض مستوى البحر أيضاً إلى تغيير دورة الغلاف الجوي فوق حوض البحر، وتزايد النشاط البركاني في المنطقة، لأن 70% من المياه يمثل كتلة هائلة تضغط على القشرة الخارجية للأرض»، بحسب ما جاء في الدراسة.

اعتمد الباحثون في دراستهم على معلومات من حوالي 750 ورقة علمية، والتي كشفت عن وجود 4897 نوعاً من الحيوانات البحرية، وبعد أزمة جفاف المياه لم يبق منها سوى 86 نوعاً فقط، وحدد الباحثون القائمون على الدراسة، أن من ضمن الأنواع التي بقيت، هي الثدييات البحرية المرتبطة.

ولم يقدّر الباحثون كيف تمكنت الأسماك من النجاة بعد جفاف المياه لمدة 190 ألف سنة، وأما الدلافين وأسماك القرش البيضاء الكبيرة، فقد جاءت إلى البحر الأبيض المتوسط ​​بعد إعادة توحيده مع المحيط الأطلنطي، واستغرقت عملية استعادة أعداد الأنواع في البحر الأبيض المتوسط ​​بعد انقراضها في العصر الميوسيني 1.7 مليون سنة.

عواقب الانخفاض

ويُعتقد أن هذا الانخفاض المذهل في مستوى سطح البحر كان له عواقب على كل من الحيوانات الأرضية والمناظر الطبيعية في البحر الأبيض المتوسط ​​– مما أدى إلى ثورات بركانية محلية، بسبب تفريغ قشرة الأرض، فضلاً عن توليد تأثيرات مناخية عالمية، بسبب الاكتئاب الهائل الناجم عن انخفاض مستوى سطح البحر.

وتوفر هذه النتائج فهماً أفضل للظواهر الجيولوجية المتطرفة في الماضي، وتطور منطقة البحر الأبيض المتوسط، والتداعيات العالمية المتعاقبة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC