logo
اقتصاد

هل هزم العراق الفقر.. أم مجرد هدنة مؤقتة؟

هل هزم العراق الفقر.. أم مجرد هدنة مؤقتة؟
رجل يحمل بضائع ويتجول في إحدى أسواق البصرة، العراق، يوم 13 يناير 2025.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:6 أغسطس 2025, 04:21 ص

في الوقت الذي تشير فيه الأرقام الرسمية إلى تراجع ملحوظ بنسب الفقر في العراق خلال السنوات الست الماضية، يتباين المشهد على الأرض بين مؤشرات تفاؤل رسمية وتحذيرات اقتصادية من تحديات ديموغرافية وهيكلية قد تعيد الأزمة إلى واجهتها، إن لم تُعالج بعمق واستدامة.

أخبار ذات صلة

الخروج من الفقر.. مسألة وقت

الخروج من الفقر.. مسألة وقت

انتشال الفئات الأكثر هشاشة

بحسب بيانات وزارة التخطيط العراقية، انخفضت نسبة الفقر في البلاد من 11.4% عام 2018 إلى 10.8% عام 2024. 

المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، يرى في هذه الأرقام قفزة إيجابية، مؤكداً في حديثه لـ«إرم بزنس» أن السياسات الحكومية نجحت بوضع الفئات الفقيرة والمهمشة على خط الفقر بنسب متسارعة، عبر برامج الحماية الاجتماعية التي تشمل حالياً أكثر من 2.1 مليون أسرة و3.7 مليون طفل و2.3 مليون طالب، إضافة إلى 147 مليون سلة غذائية وُزّعت لدعم الأمن الغذائي.

ويُقدر أن مخصصات الدعم الاجتماعي في الموازنة الاتحادية تمثل أكثر من 13% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يترك أثراً مباشراً على تحسين الوضع المعيشي للفئات الأكثر هشاشة.

فقر قابل للعودة

لكن هذا التراجع لا يعني القضاء على الفقر، بحسب صالح، الذي يقرّ بأن تداعيات الإرهاب والنزوح وتوقف الأنشطة الاقتصادية في فترات سابقة لا تزال تلقي بظلالها على جهود الحد من الفقر. 

ويؤكد أن إعادة دمج العوائل النازحة وتمكينها اقتصادياً هو السبيل الأمثل للتخلص من بقايا الفقر.

وجهة النظر هذه يشاركها الباحث الاقتصادي منار العبيدي، لكنه يحذّر من عامل مختلف تماماً: «الانفجار السكاني».

فمع وصول عدد سكان العراق إلى 46 مليون نسمة حالياً، وبمعدل نمو سنوي يبلغ 2.53%، فإن البلاد مرشحة لتجاوز حاجز 70 مليون نسمة بحلول 2040. 

وبرأيه، فإن الخطر الديموغرافي المتسارع يُعدّ التهديد الأكبر لجهود محاربة الفقر، مشيراً إلى أن «موازنة بـ160 تريليون دينار اليوم لم تخفض الفقر تحت 17%، فكيف سيكون الحال حين نحتاج إلى موازنة تتجاوز 300 تريليون دينار في 2040؟».

ووفقاً لتقديراته، فإن بقاء العراق على مستويات الإنتاج والإنفاق الحالية ذاتها، مع تراجع متوقع في أسعار النفط إلى نحو 50 دولاراً للبرميل، سيجعل البلاد بحاجة إلى تصدير 12.5 مليون برميل يومياً لتأمين احتياجاتها، وهو سيناريو غير واقعي في الظروف الحالية، ما قد يؤدي إلى ارتفاع الفقر إلى 23% في 2030 و84% في 2040.

أخبار ذات صلة

مستشار رئيس الوزراء العراقي: لا ضرر حقيقي من رسوم ترامب الجمركية

مستشار رئيس الوزراء العراقي: لا ضرر حقيقي من رسوم ترامب الجمركية

خطة تنموية طويلة الأجل

يرى الخبير المالي في معهد الإصلاح الاقتصادي ببغداد، علاء الفهد، أن الأرقام الأخيرة تعكس تحسناً فعلياً وليس مجرد تراجع على الورق، مشيراً إلى جهود حكومية لتوفير فرص العمل، خصوصاً في القطاع الخاص، وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية، إضافة إلى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال مبادرات البنك المركزي.

ويعد الفهد أن النجاح المستقبلي في خفض الفقر مرهون بتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وتنمية القطاعات الإنتاجية، وتوسيع سياسات القروض، مع المحافظة على الاستقرار المالي وخفض التضخم.

لكنه في الوقت ذاته يُقرّ بأن القضاء النهائي على الفقر غير ممكن من دون تنمية مستدامة وتخطيط طويل الأمد، يشارك فيه القطاع الخاص بفاعلية، ويعيد هيكلة الاقتصاد بعيداً عن النفط فقط.

بلد غني.. ولكن

أما عضو الهيئة العامة لمجلس القطاع الخاص واتحاد رجال الأعمال العراقيين عبد الحسن الزيادي، فيعيد الأزمة إلى سوء الإدارة الاقتصادية في العقود الماضية، لا إلى قلة الموارد.

ويقول في حديثه لـ«إرم بزنس» إن العراق ليس بلداً فقيراً، بل يملك ثروة تكفي لخمسة أضعاف عدد سكانه، لكن سوء الإدارة والهدر المالي أوصل البلاد إلى هذه النسب من الفقر.

ويشيد بالإجراءات الأخيرة التي اتخذتها حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، خصوصاً في القطاعات الصناعية والاستثمارية، معتبراً أنها بدأت تؤتي ثمارها، لكنه يؤكد أن الإصلاح العميق والاستثمار الواسع هما الطريق لخفض الفقر إلى مستويات دنيا.

استراتيجية لمكافحة الفقر

أعلن وزير التخطيط العراقي محمد تميم، خلال مؤتمر صحفي انخفاض نسبة الفقر في العراق من 11.4% عام 2018 إلى 10.8% عام 2024، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء العراقية «واع» في 30 يوليو الماضي.

في يوليو الماضي، كشف المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي أن الوزارة تستعد لإطلاق استراتيجية وطنية جديدة لمكافحة الفقر في العراق للسنوات الخمس المقبلة (2026 - 2030).

من المقرر أن تتضمن الاستراتيجية مجموعة سياسات ومحاور أساسية، و38 نشاطاً تستهدف تحسين أوضاع الفقراء في مجالات السكن والصحة والتعليم والدخل والأمن الغذائي، فضلاً عن مواجهة التغيرات المناخية، ودعم الفئات الهشّة مثل الأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة، وتمكين المرأة. 

وأضاف أن الانخفاض جاء نتيجة الإجراءات والسياسات التي اتخذتها الحكومة خلال السنوات الماضية، والتي تضمنت حزمة تدابير لدعم الفقراء، من بينها تحسين شبكة الحماية الاجتماعية، وتطوير ملف البطاقة التموينية (الذي انطلق عام 1990)، فضلاً عن تقديم الخدمات للمناطق الفقيرة، وتدعيم قطاع التعليم من خلال تقديم منح شهرية للأسر التي لديها أبناء في المراحل الدراسية المختلفة، الأمر الذي أسهم في التحاق عدد أكبر من أبناء الأسر الفقيرة بالمدارس. 

إعانة نقدية شهرية

ينص قانون الرعاية الاجتماعية الصادر سنة 2014 على أن لكل شخص مقيم في العراق ويعيش تحت خط الفقر الحق في الحصول على إعانة نقدية شهرية، وحدد القانون المبالغ بـ105 آلاف دينار لكل فرد من الأسرة بحد أقصى أربعة أفراد، وهناك مطالبات بتعديل القانون لزيادة مبالغ هذه الإعانات.

وفي فبراير الماضي، أعلنت وزارة التخطيط، نتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة في العراق،

وبحسب نتائج المسح، بلغ متوسط حجم الاسرة في العراق 5.9 فرد، وبلغ متوسط إنفاق الفرد الشهري 248.6 ألف دينار عراقي، فيما بلغ متوسط إنفاق الأسرة الشهري 1.467 مليون دينار عراقي. 

وسجل متوسط دخل الفرد الشهري نحو 201.3 ألف دينار عراقي، بينما بلغ متوسط الدخل الشهري للأسرة 1.188 مليون دينار عراقي، فيما بلغ معدل البطالة للبالغين للفئة العمرية (15 سنة فأكثر) 13.5%، ومعدل السكان النشطين اقتصادياً للفئة العمرية (15 سنة فأكثر) 38.1%، وبلغت نسبة عدد الأسر التي تمتلك البطاقة التموينية المدعومة حكومياً 96.4%.

وبلغت نسبة الأسر التي تمتلك مساكن تعيش فيها 77.6%، ونسبة الأسر التي ترتبط وحداتها السكنية بشبكة الماء العمومية 86.48%، وبشبكة الكهرباء العمومية 96.71%.

كما بلغت نسبة الأسر التي تمتلك حيازات زراعية 15.5%، بلغت الأسر التي تمتلك حيازة غير زراعية 8.2%.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC