السجال الناري يكبد «تيسلا» 100 مليار دولار من قيمتها السوقية
بعدما كان الملياردير الأميركي إيلون ماسك جزءاً أساسياً من الدائرة المقربة للرئيس دونالد ترامب، وواحداً من أبرز ممولي حملته الانتخابية وصاحب حضور لافت في اجتماعاته الحكومية، تحولت العلاقة بين الرجلين إلى خلاف علني حاد، بلغ ذروته، يوم الخميس، مع تهديد ترامب بسحب عقود حكومية ضخمة من الملياردير الأميركي مبرمة مع الحكومة، في انهيار مفاجئ لتحالف سياسي طالما جذب الأنظار.
وقال ترامب في تصريحات نقلها التلفزيون من المكتب البيضاوي: «خاب أملي كثيراً»، بعدما انتقد مساعده السابق وكبير مانحيه مشروع قانون الإنفاق المطروح أمام الكونغرس، ويصف الرئيس الأميركي المشروع بأنه «كبير وجميل».
تبادل الرجلان الإهانات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وذهب ماسك، أغنى رجل في العالم، إلى حد نشر منشور قال فيه، من دون أي دليل، إن اسم ترامب وارد في وثائق حكومية بشأن الملياردير جيفري إبستين المدان بجرائم جنسية.
كما دعا ماسك، الخميس، إلى عزل ترامب مع وصول الخلاف بين الرجلين إلى آفاق جديدة.
وجاءت دعوة ماسك خلال رده على مستخدم لمنصته «إكس» كتب: «الرئيس ضد إيلون. من سيفوز؟ أراهن على إيلون. يجب عزل ترامب، ويجب على (نائبه) جيه دي فانس استبداله»، فأجاب ماسك: «نعم».
وقد يكون لهذا الخلاف تداعيات سياسية واقتصادية كبيرة، مع تراجع حاد لأسهم شركة «تيسلا» للسيارات الكهربائية التي يملكها ماسك، فيما تعهّد الأخير بوقف برنامج مركبات الفضاء الأميركي الحيوي.
رغم تكهنات كثيرة حول هشاشة العلاقة بين أغنى رجل في العالم والرئيس الأميركي، فإن سرعة انهيارها فاجأت الأوساط السياسية في واشنطن.
وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي، وإلى جانبه المستشار الألماني فريدريش ميرتس: «لقد خاب أملي كثيرًا، لقد ساعدت إيلون كثيراً».
أضاف: «إيلون وأنا جمعتنا علاقة رائعة. لا أعرف ما إذا كانت ستبقى كذلك».
أشار ترامب، البالغ 78 عاماً، بنبرة حزينة إلى أنه أقام قبل أسبوع فقط حفلة وداع لماسك بعد إنهائه مهامه على رأس لجنة الكفاءة الحكومية. ولاحقاً وصف ترامب ماسك بأنه «مجنون» وأكد أنه طلب منه المغادرة.
سارع ماسك بالرد عبر منصته «إكس» قائلًا، إن ترامب ما كان ليفوز بانتخابات 2024 من دون دعمه، متهماً إياه بأنه «ناكر للجميل».
وتصاعد السجال أكثر عندما زعم ماسك أن اسم ترامب «وارد في ملفات إبستين»، في إشارة إلى وثائق حكومية حول الملياردير الذي انتحر في زنزانته عام 2019. وقد أثارت القضية نظريات مؤامرة واسعة.
أضاف ماسك: «يوم سعيد، دي جاي تي»، في إشارة إلى اسم ترامب الكامل، دونالد جون ترامب.
قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، لوكالة "فرانس برس"، إن منشور ماسك حول إبستين «فصل مؤسف من جانب إيلون، المستاء من مشروع القانون (الكبير والجميل)؛ لأنه لا يتضمن السياسات التي يريدها».
كان ماسك، الذي تبرع بمبلغ 300 مليون دولار لحملة ترامب الانتخابية، قد أكد في منشور منفصل أن الرئيس الجمهوري ما كان ليفوز دون دعمه، ووافق في منشور آخر على اقتراح عزل ترامب، منتقداً الرسوم الجمركية العالمية التي فرضها، واعتبر أنها قد تؤدي إلى انكماش اقتصادي.
ألمح ترامب إلى أنه قد يوجه ضربة موجعة لماسك، مهدداً بإلغاء العقود الحكومية التي أبرمها، والتي تشمل إطلاق صواريخ فضائية واستخدام مجموعة الأقمار الاصطناعية «ستارلينك».
كتب ترامب عبر «تروث سوشال»: «الوسيلة الأسهل لتوفير المال في ميزانيتنا، مليارات الدولارات، تكون بإلغاء عقود إيلون مع الحكومة والدعم المقدم له».
فيما رد ماسك بإعلان صادم، إذ قال إن شركة «سبايس إكس» ستبدأ «سحب مركبة دراغون الفضائية من الخدمة فوراً»، رغم أهميتها في نقل رواد «ناسا» إلى محطة الفضاء الدولية.
لكنه عاد لاحقاً وتراجع ضمناً، قائلاً في رد على أحد المستخدمين عبر «إكس»: «حسناً، لن نسحب دراغون»، لكن تصريحه لم يكن واضحاً.
بعد ساعات من السجال الناري، خسرت شركة «تيسلا» أكثر من 100 مليار دولار من قيمتها السوقية.
كانت العلاقة بين ترامب وماسك قد تطورت بعد دعم الرئيس لهيئة الكفاءة الحكومية في تقليص نفقات الإدارات الفيدرالية. وكان ماسك يبيت أحياناً في البيت الأبيض ويسافر بالطائرة الرئاسية.
إلا أن ماسك، البالغ 53 عامًا، استقال بعد أربعة أشهر فقط من المنصب؛ بسبب بطء التغيير واصطدامه مع مسؤولي إدارة ترامب.
ظل التوتر قائماً حول مشروع الضرائب والإنفاق حتى وصف ماسك الخطة الأساسية في سياسة ترامب الداخلية بأنها «كريهة»؛ لأنها ستزيد العجز، برأيه.
وأطلق ماسك استطلاعات رأي حول تشكيل حزب سياسي جديد، في خطوة تهدد الجمهوريين، وأعلن استعداده لاستخدام ثروته للإطاحة بمشرعين يعارضون رؤاه.
وفي تصعيد إضافي، دعا ستيف بانون، حليف ترامب والمعارض العلني لماسك، إلى ترحيل الملياردير المولود في جنوب إفريقيا، وفق ما نقلت «نيويورك تايمز».