تعيش أسواق المتاجر الخليجية مرحلة تحوّل عميقة بفعل تصاعد دور التجارة الإلكترونية، ما دفع الكثير من المستثمرين العقاريين إلى إعادة النظر في جدوى الاستثمار في المحلات التقليدية. لكن على الرغم من هذه التغيرات، لا تزال المتاجر تحتفظ بمكانة خاصة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالعائد الإيجاري، رغم تراجعه، وهو المعيار الأهم في حساب الربحية العقارية.
تشير بيانات حديثة إلى أن العائد الإيجاري للمتاجر التجارية في بعض مدن الخليج بدأ يتراجع خلال السنوات الأخيرة، متأثراً بعوامل متعددة أبرزها توسّع التجارة الإلكترونية وزيادة المعروض من المساحات التجارية. ففي حين كان العائد الإيجاري في الأسواق المركزية يتراوح بين 7% إلى 9% سنوياً قبل عام 2020، تراجع في بعض المناطق إلى حدود 5% إلى 6%، بل وأقل في المواقع الطرفية أو ذات الحركة التجارية الضعيفة.
وتعزو شركات استشارات عقارية هذا التراجع إلى تغير سلوك المستهلك واعتماد شريحة متزايدة من العملاء على المنصات الرقمية، الأمر الذي قلل من الإقبال على بعض المتاجر الواقعة خارج المراكز التجارية الكبرى أو الشوارع الحيوية.
رغم هذا التراجع العام، لا تزال المتاجر الواقعة في المولات الكبرى والمناطق السياحية أو التجارية الرئيسية تسجل أداءً إيجابياً، إذ تحافظ على عوائد إيجارية تنافسية تصل إلى 7% أو أكثر، مدعومة بكثافة الزوار ونشاط الاستهلاك القوي في قطاعات مثل الأزياء، والعطور، والمطاعم.
وتشير توقعات عقاريين إلى أن هذه المواقع ستظل من بين الأكثر أماناً للمستثمرين في حال اختيار النشاط التجاري المناسب، خصوصاً عند الجمع بين المتجر التقليدي والوجود الإلكتروني.
يؤكد خبراء في قطاع التجزئة أن دمج التجربة الفعلية داخل المتجر مع حلول رقمية مبتكرة أصبح عاملاً حاسماً في الحفاظ على جاذبية الاستثمار. فالمتاجر التي تستخدم قنوات البيع الإلكتروني والتوصيل السريع إلى جانب العرض الميداني تحقق مردوداً أعلى وتستفيد من شرائح أوسع من المستهلكين.
لا شك أن المشهد التجاري في الخليج يشهد تحولات سريعة، لكن الاستثمار في المتاجر لا يزال يحتفظ بجاذبيته في حال توفرت ثلاثة شروط أساسية:
-الموقع الاستراتيجي.
-تنوع النشاط التجاري.
-الدمج الذكي مع القنوات الرقمية.
أما الاستثمار العشوائي في متاجر خارج دوائر الجذب أو دون استراتيجية تسويقية رقمية، فغالبًا ما يُفضي إلى عوائد ضعيفة أو ركود في الإيجار.
رغم تصاعد المنافسة من التجارة الإلكترونية، لا يزال العائد الإيجاري من المتاجر في الخليج مجدياً في الكثير من الحالات، خاصة في المواقع الحيوية. ويبقى التحدي الرئيس أمام المستثمرين هو التحول من نموذج المتجر التقليدي الصرف إلى مفهوم تجاري متكامل ومتصل بالرقمية. فالعقار التجاري لم ينتهِ، بل تغيرت شروط اللعب فيه.