تتوقع البنوك السعودية تباطؤاً في نمو الأرباح خلال الربع الثاني من العام، نتيجة تراجع هوامش الإقراض وتزايد المنافسة على العملاء. ومع ذلك، لا تزال الصناعة المصرفية تسير وفق توقعات تحقيق أرباح قوية على مدار العام.
ووفقاً لتقرير نشره موقع AGBI، أفادت أكبر 10 بنوك في المملكة بتحقيق صافي أرباح مجمعة بقيمة 22.2 مليار ريال سعودي، نحو 5.9 مليار دولار، في الربع الأول، مسجّلة ارتفاعاً 6.3% مقارنة بالربع السابق، وهو أكبر نمو ربع سنوي في الأرباح منذ بداية 2024، حسبما أفادت شركة الاستشارات «ألفاريز آند مارسال» (Alvarez & Marsal).
وبالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يشهد الربع الثاني نمواً أكثر اعتدالاً في الأرباح، نتيجة تراجع صافي هوامش الفائدة. وعلق شبير مالك، محلل البنوك في «إي إف جي هيرميس» (EFG Hermes) بدبي، قائلاً: «هذا ليس بالضرورة أمراً سلبياً، فحتى مع تباطؤ نمو الأرباح، من المتوقع أن تبقى البنوك السعودية على المسار لتحقيق أو تجاوز توقعاتنا لأرباح العام الكامل 2025».
وأضاف: «كان الربع الأول قوياً ولم يكن مستداماً لبقية العام، لذا فإن بعض التراجع في وتيرة النمو أمر طبيعي ومتوقع».
وأشار تقرير «ألفاريز آند مارسال» إلى أن صافي هامش الفائدة للقطاع تراجع بمقدار 7 نقاط أساس ليصل إلى 2.87% في الربع الأول. ورغم عدم حدوث أي تخفيضات في سعر الفائدة المرجعي منذ ديسمبر 2024، يتوقع أن يستمر الهامش في الانخفاض بسبب نمو القروض الذي يتجاوز نمو الودائع.
وأوضح مالك أن العديد من المقرضين يتجهون لتنويع مصادر تمويلهم، مضيفاً أن «هذه المصادر البديلة ليست رخيصة مثل حسابات التوفير والودائع الجارية؛ ما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة التمويل لدى البنوك».
ولم تقتصر المنافسة على جذب الودائع فقط، بل تصاعدت في مجال منح القروض؛ ما يزيد الضغط على الهوامش. وتوقع مالك «ضغطاً معتدلاً على هوامش الإقراض في المستقبل».
بلغ إجمالي حجم محفظة القروض للبنوك السعودية 3 تريليونات ريال في الربع الأول، بزيادة 16 بالمئة على أساس سنوي. وتمثل القروض للشركات حوالي 57% من إجمالي القروض، حسب تقديرات «ألفاريز آند مارسال».
كما ارتفعت نسبة القروض إلى الودائع في القطاع بمقدار 1.45 نقطة مئوية لتصل إلى 106% في الربع الأول. وسجلت أكبر ثلاثة بنوك من حيث الأصول، «البنك الأهلي السعودي»، و«بنك الراجحي»، و«بنك الرياض»، نسباً تزيد على 110%، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تقييد قدرتها على توسيع محافظ القروض.
وأشار مالك إلى أن «جذب المزيد من الودائع سهل إذا عرضت البنوك أسعار فائدة أعلى للعملاء، لكن هذه البنوك تفضل الحصول على تمويل إضافي من مصادر أخرى، مثل إصدار السندات أو شهادات الإيداع».
في الربع الأول من عام 2025، بلغت نسبة الودائع إلى الأصول في القطاع المصرفي 63%، بانخفاض من 68% قبل عام. ويأتي هذا الباقي من مصادر تمويل غير ودائعية مثل حقوق الملكية والتمويل بالجملة، بما في ذلك السندات والأسواق المالية والإقراض بين البنوك.
ووصف مالك تنويع مصادر التمويل بأنه تطور إيجابي مع «نضوج القطاع المصرفي السعودي»، لكنه حذّر من أن الاعتماد المتزايد على التمويل غير المقيم قد يعرض البنوك لمخاطر، خاصة بعد الصراع الذي استمر 12 يوماً بين إيران وإسرائيل في يونيو. وقال: «هذا التمويل أكثر حساسية للمخاطر الجيوسياسية، وقد يصبح أكثر تكلفة للبنوك السعودية لتعكس المخاطر المتصورة المتزايدة».
وعلى الرغم من ارتفاع نسب القروض إلى الودائع، أكد مالك أن ذلك «لن يقيد قدرة البنوك على الإقراض، بل سيكون الأمر متعلقاً بما إذا كان لديهم رأس مال كافٍ للنمو بشكل أكبر. القطاع المصرفي السعودي يمتلك رأس مال جيداً حالياً».
ومن غير المرجح أن يكون لانخفاض أسعار النفط تأثير على الإنفاق الحكومي على المشاريع الكبرى، لكنها قد تقلل من ودائع الحكومة في البنوك وقد تؤثر على جودة أصول المقرضين.
وذكر مالك أن «البنوك يجب أن تكون أكثر قدرة على الصمود في حال حدوث تباطؤ اقتصادي، خصوصاً في محافظ القروض للشركات الكبرى والقروض الاستهلاكية، في حين يكون قطاع العقارات، والقروض الصغيرة والمتوسطة، وقروض الشركات المتوسطة أكثر عرضة لارتفاع معدلات التخلف عن السداد». وأضاف: «لا توجد مؤشرات تدعو للقلق بشأن القروض المتعثرة».
وعن الفرص المستقبلية، أشار مالك إلى أن أبرز ثلاث فرص لنمو أرباح البنوك السعودية خلال 2025 تكمن في تمويل المشاريع العملاقة، وتوسيع قطاع التمويل العقاري، وزيادة مصادر الدخل غير المرتبطة بالفوائد مثل إدارة الأصول، وإدارة الثروات، والتأمين، والتحويلات المالية، وتمويل التجارة.