logo
اقتصاد

سندات التجزئة للأفراد.. هل تعيد رسم خريطة الادخار والاستثمار في مصر؟

خبراء: السندات تُرسخ مبدأ «التمويل من الداخل» ولها مزايا جاذبية للشباب

سندات التجزئة للأفراد.. هل تعيد رسم خريطة الادخار والاستثمار في مصر؟
من أحد مكاتب فرع تابع لـ«البنك الأهلي» في العاصمة المصرية القاهرة يوم 3 أبريل 2023.المصدر: أ ف ب
تاريخ النشر:26 يوليو 2025, 05:00 ص

تستعد الحكومة المصرية لإطلاق أداة تمويلية جديدة تستهدف الأفراد مباشرة، في خطوة تمثل تحولاً مهماً في سياسات الادخار والاستثمار، مع إعلان وزارة المالية المصرية عن قرب إصدار سندات تجزئة مخصصة للمواطنين.

فيما يرى خبراء تحدثوا مع «إرم بزنس» أن هذه الخطوة تأتي ضمن جهود أوسع لتعزيز الشمول المالي وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في تمويل احتياجات الدولة، من خلال أدوات مبتكرة تراعي تنوع الفئات المجتمعية وتفتح آفاقًا جديدة أمام المواطنين للاستثمار الآمن والمستدام.

ما هي سندات التجزئة؟

تُعتبر سندات التجزئة واحدة من أدوات الدين الحكومية تُصدر لتمويل موازنة الدولة، وتتميز بكونها متاحة لكل من الأفراد والمؤسسات. توفّر هذه السندات عائداً دورياً ثابتاً وفترة استحقاق محددة؛ ما يجعلها خياراً جذاباً للادخار، خصوصاً في ظل ارتفاع معدلات التضخم التي تدفع الأفراد للبحث عن سبل للحفاظ على قيمة مدخراتهم.

لضمان أقصى درجات التيسير والوصول، أوضح وزير المالية المصري أحمد كوجك، أن عملية الاستثمار في هذه السندات ستكون إلكترونية بالكامل، لافتً ًإلى أن هذا التوجه نحو الرقمنة يهدف إلى تبسيط إجراءات الشراء والاستعلام والتداول، مما يسهل على المواطنين، بمن فيهم الشباب والفئات الأقل دراية بالأدوات المالية التقليدية، المشاركة بفاعلية. ومن المتوقع أن يتم الإعلان الرسمي عن إطلاق هذه السندات قريباً.

ترقّب المستثمرين

في هذا السياق، تترقّب الأوساط الاستثمارية المزيد من التفاصيل حول هذه المبادرة، وتشير الخبيرة المالية، سهر الدماطي، في حديثها مع «إرم بزنس»، إلى أن وزارة المالية لم تصدر بعد التفاصيل الكاملة المتعلقة بمدد الاستحقاق المتوقعة، خاصة في ظل التراجع الحالي في نسبة التضخم.

أخبار ذات صلة

قفزة بتحويلات المصريين بالخارج.. الدولار يستقر أمام الجنيه في الأسواق

قفزة بتحويلات المصريين بالخارج.. الدولار يستقر أمام الجنيه في الأسواق

 

أوضحت الدماطي أن السندات تشبه إلى حد كبير شهادات الاستثمار أو أذون الخزانة المعروفة لدى المستثمرين، حيث تتراوح مدد استحقاق الأخيرة بين 3 و6 و9 و12 شهراً، وتتميّز بفائدة تُحتسب فور الشراء بنسبة تتراوح بين 21 و23%.

ويمكن للمستثمر البدء بمبلغ 25 ألف جنيه مصري (نحو 500 دولار)، بينما تختلف قيمة الفائدة على السندات الحالية وفقاً لمدد الاستحقاق، التي قد تصل إلى عامين في المدى القصير أو خمس سنوات للسندات طويلة الأجل.

تمويل داخلي

تندرج مبادرة سندات التجزئة ضمن استراتيجية أوسع لوزارة المالية المصرية لتعزيز السيولة المحلية وتوفير بدائل ادخار مبتكرة، فقد سبق لوزير المالية المصري أن أشار إلى نية الحكومة إصدار صكوك بالجنيه المصري أيضاً، إلى جانب سندات الأفراد، خلال السنة المالية الجارية.

تهدف هذه الأدوات مجتمعة إلى تعزيز السيولة في السوق المحلية، وتقديم خيارات ادخارية متنوعة للمواطنين، وتقوية قدرة الدولة على تمويل احتياجاتها داخلياً، مما يقلل من الاعتماد على الاقتراض الخارجي ويحدّ من التعرّض لتقلّبات الأسواق العالمية وأسعار الصرف.

الاستفادة من المدخرات المحلية

في حديثه مع «إرم بزنس»، يرى عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، أحمد أبو علي، أن هذا التوجه الحكومي نحو طرح سندات التجزئة يعكس تحولاً نوعياً في أدوات إدارة الدين العام، موضحاً أن هذه الخطوة تمثل توجهاً وطنياً لتعظيم الاستفادة من المدخرات المحلية، وتقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي، خاصة في ظل الظروف المالية العالمية المعقدة.

أوضح أبو علي أن توسيع نطاق أدوات الدين المحلية يُرسّخ مبدأ «التمويل من الداخل»، ويجعل المواطن شريكاً مباشراً في دعم خطط التنمية، مما يعزّز الإحساس بالمسؤولية المشتركة.

كما شدّد على الأهمية البالغة لتوقيت طرح هذه السندات، كونها توفّر بدائل آمنة وذات عوائد تنافسية لحفظ قيمة مدخرات الأفراد في ظل التضخم، وتحدّ من توجّه السيولة نحو الاستثمارات المضاربية غير المنتجة.

خطوة استراتيجية

فيما يعتبر الخبير المصرفي المصري محمد عبد العال أن طرح سندات للأفراد من قبل وزارة المالية المصرية، والمزمع إطلاقها خلال العام الجاري أو مطلع 2026، يمثّل خطوة استراتيجية مهمة لتنويع أدوات التمويل وتوسيع قاعدة الاستثمار في السوق المحلي.

أخبار ذات صلة

مسؤول مصري يكشف لـ«إرم بزنس» الوقت المناسب لتنفيذ برنامج الطروحات

مسؤول مصري يكشف لـ«إرم بزنس» الوقت المناسب لتنفيذ برنامج الطروحات

أوضح عبد العال، في تصريحات لـ«إرم بزنس»، أن هذه السندات تُعد أحد متطلبات المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد، لما لها من دور في تنويع مصادر تمويل المشروعات القومية، وتمويل عجز الموازنة دون الاعتماد الكامل على أدوات الدين التقليدية.

جاذبة للشباب

أشار  عبد العال إلى أن السندات ستكون مقوّمة بالجنيه المصري، ما يعزّز من الاستقرار النقدي، ويشجّع المواطنين على الادخار في أداة استثمارية آمنة ذات عائد جذّاب قد يفوق العوائد المصرفية التقليدية على الودائع والشهادات.

أضاف أن السندات ستتّسم بمرونة كبيرة من حيث الأجل والعائد، سواء كان ثابتاً أو متغيراً، مع إمكانية التسييل في أي وقت، مما يمنحها جاذبية خاصة لفئات الأفراد، بمن فيهم صغار المدخرين والشباب.

شدّد عبد العال على أن هذه الخطوة تدعم الشمول المالي، وتُسهم في تحسين هيكل الدين العام، من خلال استحداث قناة جديدة للتمويل لا تُثقل كاهل الدين بشكل مباشر.

كما أشار إلى أن هناك تجارب دولية ناجحة في إصدار سندات الأفراد مثل المملكة المتحدة، والهند، والبرازيل، وتركيا، والتي أثبتت فعاليتها في جذب مدخرات المواطنين لتمويل مشاريع الدولة.

نقلة نوعية

أوضح الخبير المصرفي المصري أن دمج سندات التجزئة ضمن منظومة التكنولوجيا المالية سيُحدث نقلة نوعية في معدلات المشاركة، خاصةً من الشباب، مؤكّداً أهمية إتاحتها عبر تطبيقات المحافظ الإلكترونية والبنوك الرقمية، لتبسيط عمليات الشراء والاستعلام والتداول، وبالتالي تسهيل الوصول إليها للفئات غير المعتادة على الأدوات المالية التقليدية.

كما حث على ضرورة توفير آلية لإعادة البيع أو الاسترداد المبكر، ما سيزيد من جاذبية السندات، ويمنح المستثمرين مرونة أعلى في التعامل مع مدخراتهم، داعيا إلى إطلاق حملة توعية موسعة لتعريف المواطنين بمزايا هذه السندات، وإجراءات الاكتتاب، والعوائد المتوقعة منها.

كانت وزارة المالية في مصر قد نظّمت مؤخراً مؤتمراً سلط الضوء على أهمية تعزيز التعاون بين الدول ذات التجارب المختلفة في مجال أسواق السندات للأفراد، حيث تناولت المناقشات أهمية تنسيق الأطر التنظيمية، والاستفادة من التكنولوجيا لتبسيط عملية إصدار السندات والمشاركة الاستثمارية، ومعالجة التحديات المرتبطة بتوسيع قاعدة المستثمرين.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC