ففي الأسبوع الماضي، أشار مسؤول كبير في صندوق النقد الدولي إلى دور الذهب في التفتت المحتمل للنظام الاقتصادي والمالي العالمي، وفقا لموقع "بيزنس إنسايدر".
وتفصيلا، قالت جيتا جوبيناث، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي: "بعد سنوات من الصدمات -بما في ذلك جائحة كوفيد-19 وحرب أوكرانيا- تعيد البلدان تقييم شركائها التجاريين على أساس المخاوف الاقتصادية والأمنية الوطنية".
وأضافت أن بعض الدول، على وجه الخصوص، تعيد التفكير في اعتمادها الكبير على الدولار الأميركي في معاملاتها الدولية وممتلكاتها من الاحتياطيات الأجنبية.
وأكدت جوبيناث أن الطلب على الذهب ارتفع لأنه يُنظر إليه على أنه "أصل آمن محايد سياسيا، ويمكن تخزينه في المنزل وعزله عن العقوبات أو المصادرة".
وفي غضون ذلك، ذكر مجلس الذهب العالمي، في تقرير حديث، أن البنوك المركزية شكلت ربع الطلب على الذهب في عامي 2022 و2023، حيث اشترت المؤسسات أكثر من 1000 طن من الذهب سنويا.
ولفت أيضا أن البنوك المركزية في العالم واصلت شراء الذهب، حيث اشترت 290 طنًا من الذهب في الربع الأول من هذا العام، وهي أقوى بداية لأي عام على الإطلاق.
ومنذ سنوات، ظلت المخاوف بشأن النفوذ الهائل الذي يتمتع به الدولار الأميركي وقوته في الاقتصاد العالمي تختمر.
وكانت سلسلة العقوبات غير المسبوقة التي فرضها الغرب واستخدام الدولار كسلاح ضد روسيا بسبب غزو أوكرانيا سبباً في تفاقم الجهود الرامية إلى وقف استخدام الدولار.
ووفقا لبيزنس إنسايدر، فعلى الرغم أنه لا يوجد شك أن العملة الأميركية راسخة في الاقتصاد العالمي إلى الحد الذي يجعل أغلب الخبراء الاقتصاديين لا يتوقعون أن تفقد هيمنتها ومكانتها باعتبارها العملة الاحتياطية العالمية في المستقبل المنظور.
إلا أن البلدان في مختلف أنحاء العالم ــوخاصة تلك المتحالفة مع الصينــ تعمل على نحو متزايد على التحوط من مخاطرها السياسية من خلال الاستثمار في الأصول البديلة، وخاصة الذهب.
وفي السياق، قالت جوبيناث إن حصة الذهب في الاحتياطيات الأجنبية لـ "الكتلة الصينية" آخذة في الارتفاع منذ عام 2015.
وفي المقابل، ظلت حصة الذهب في الاحتياطيات الأجنبية لدول "الكتلة الأميركية" مستقرة على نطاق واسع.
وأشارت جوبيناث إلى أن هذا يشير إلى أن مشتريات بعض البنوك المركزية من الذهب ربما كانت مدفوعة بمخاوف بشأن مخاطر العقوبات.
وبالنظر إلى الصين، أكدت جوبيناث أن حصة الذهب في احتياطياتها من النقد الأجنبي ارتفعت من أقل من 2% في عام 2015 إلى 4.3% في عام 2023. وفي الوقت نفسه، انخفضت نسبة حيازاتها من سندات الخزانة الأميركية وسندات الوكالة من 44% إلى حوالي 30%.
وبالتوازي مع تصدُر مشتريات البنك المركزي الصيني من الذهب العناوين الرئيسية، فإن بنوك مركزية أخرى تتجه أيضاً إلى شراء الذهب.
إذ كتب مجلس الذهب العالمي، في تقريره الأخير، أن من بين كبار مشتري الذهب الآخرين هما تركيا والهند.
وتوقع محللو بنك جيه بي مورغان، في تقرير صدر في شهر مارس الماضي، أنهم يتوقعون أن تستمر البنوك المركزية في وتيرة الشراء هذا العام بينما تكون "أقل حساسية للأسعار". وهذا يعني أن أسعار الذهب من المرجح أن تظل مرتفعة هذا العام.
وعلى الرغم من أن اندفاع البنوك المركزية نحو الذهب يستهدف التحوط من قوة الدولار بشكل كبير، إلا أن الاندفاع المستمر نحو الذهب لا يعتمد فقط على الجغرافيا السياسية.
فبينما يستفيد الارتفاع الحالي في أسعار الذهب أيضاً من قوة الدولار، فإن بعض البلدان الناشئة تندفع نحوه للتحوط ضد مخاطر عملاتها.
وفي الصين، يلجأ الناس أيضاً إلى شراء الذهب للتحوط ضد الشكوك الاقتصادية المحلية، وفقا لبيزنس إنسايدر.