تشتدّ حرب الأسعار في الصين في وقت تتفاقم فيه الضغوط الانكماشية، ما يدفع المستهلكين إلى تقليص إنفاقهم وتغيير أنماطهم الاستهلاكية، وتثير مخاوف متزايدة من ترسّخ الانكماش في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
تروي ماندي لي، الموظفة في قطاع الطاقة، كيف اضطرت إلى التخلي عن شراء الحقائب الفاخرة الجديدة بعدما خفّضت شركتها الحكومية راتبها بنسبة 10% وتراجعت قيمة ممتلكات عائلتها العقارية إلى النصف.
تضيف لوكالة رويترز بينما تتصفح السلع في متجر «سوبر جوانج جوان» للمنتجات الفاخرة المستعملة: «أقلّص نفقاتي الكبيرة.. من الواضح أن الاقتصاد في حالة ركود، وثروة عائلتي تراجعت كثيراً بسبب أزمة العقارات منذ 2021».
أظهرت البيانات الصادرة يوم الاثنين أن أسعار المستهلكين انخفضت بنسبة 0.1% في مايو مقارنة بالعام الماضي.
وتتسع دائرة المنافسة السعرية من السيارات إلى التجارة الإلكترونية وصولاً إلى القهوة، في ظل تخوّفات من تخمة في المعروض وتراجع في طلب الأسر.
قالت شركة «كابيتال إيكونوميكس» في مذكرة بحثية: «نعتقد أن فائض القدرة الإنتاجية المستمر سيُبقي الصين في حالة انكماش هذا العام والعام المقبل».
مع تنامي الحساسية السعرية لدى المستهلكين منذ الجائحة، ازدهر سوق المنتجات الفاخرة المستعملة، محققاً نمواً سنوياً تجاوز 20% في 2023، بحسب تقرير لشركة «زييان للاستشارات».
لكن هذا النمو ترافق مع وفرة في المعروض، ما أدى إلى تخفيضات هائلة، ففي متجر «سوبر جوانج جوان»، يُعرض حقيبة يد من «كوتش» كانت تُباع بـ3,260 يواناً مقابل 219 يواناً فقط، وسلسلة من «جيفنشي» بسعر 187 يواناً بعدما كانت تباع بـ2,200.
رغم تزايد عدد البائعين بنسبة 20% على أساس سنوي، بقي عدد المشترين مستقراً، وفق ما أفاد به مؤسس إحدى شركات بيع المنتجات الفاخرة المستعملة.
أضاف: «الطبقة المتوسطة شهدت تراجعاً كبيراً في دخلها، وهذا هو السبب الرئيس».
أوضح أن المدن الكبرى مثل بكين وشنغهاي لا تزال تستوعب الوافدين الجدد إلى السوق، لكن خارجها، الطلب ضعيف، وقال: «أتوقع أن غالبية المتاجر الجديدة ستغلق أبوابها قريباً».
حتى البروفيسورة رايلي تشانغ، التي لم تشترِ أي منتج فاخر منذ الجائحة، زارت المتجر لا لشراء شيء جديد، بل لتقدير قيمة ممتلكاتها إن قررت بيعها، لكن النتيجة لم تُرضِها: «زرت متاجر كبرى في بكين وشنغهاي، وجميعها تحاول خفض الأسعار لأدنى حد ممكن».