وتثير الثروة المحتملة من التربة الإيطالية اهتمام الشركات الأجنبية الكبرى وفقاً لصحيفة لو فيغارو، ولطالما أعربت إيطاليا عن أسفها لكونها دولة فقيرة في الفحم والنفط، وهما الموارد الطبيعية للثورة الصناعية الأولى، ويمكن أن تكتشف إيطاليا قريباً أنها غنية بتلك المواد الضرورية حالياً للثورة التكنولوجية والبيئية.
وتستورد دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة 98% من معادنها والأتربة النادرة، خاصة من الصين.
ووضعت المفوضية الأوروبية قائمة من 34 عنصراً تعتبر مواد خام أساسية للانتقال إلى التقنيات الخضراء.
ويوجد ما لا يقل عن 15 عنصراً من هذه العناصر في باطن أرض شبه الجزيرة الإيطالية، التي تخفي بعضاً من أكثر المناجم الواعدة في أوروبا.
ويقول أندريا كيتوف، المدير الإداري لشركة "أسومينيراريا" :"لدينا خزنة مليئة بثروة مدفونة في قبو منزلنا ونحن لا نخرجها".
وتم العثور في إيطاليا على أهم أحواض في أوروبا والثانية في العالم، وهي تحتزن الأنتيمون والتيتانيوم في منطقتي توسكانا وليجوريا.
وهذه العناصر أساسية لصناعة التكنولوجيا التي تستخدمها في الهواتف الذكية والألواح الشمسية، ولا بدّ من دعم عمليات البحث للاستفادة من هذه المناجم، وهي كثيرة، وغالبًا ما يتم التخلي عنها أو حتى عدم استغلالها، وهذه هي حالة الكوبالت في بيدمونت، والليثيوم في لاتيوم وحتى الأتربة النادرة في سردينيا.
وفي عام 2021، قررت وزارة التنمية الاقتصادية الإيطالية إنشاء خريطة دقيقة للمناجم المعدنية في إيطاليا. وتمكنت مؤسسة "أيسبرا" حتى الآن من تحديد أكثر من 3 آلاف موقع موزعة عبر الأراضي الإيطالية.
وفي سبتمبر الماضي، قررت وزارتا المشاريع ووزارة البيئة، الاهتمام بهذه المواقع وبالمعادن النادرة. وتمكنت الأبحاث الأولية من العثور على مناجم مهمة تحتوي على الباريت والبريليوم والنيكل وتونغستن، لكن لا بد من التغلب على بعض العقبات لاستخراج هذه المواد.
وتحاول شركة "ألتمين"، وهي شركة للتنقيب عن المعادن وتطويرها ومقرها أستراليا، الحصول على التراخيص اللازمة لتشغيل مناجم الرصاص والزنك في لومباردي والكوبالت في بيدمونت الإيطالية وحتى الليثيوم في لاتسيو، وقررت استثمار ما لا يقل عن 4 ملايين يورو في عملياتها للعثور على مناجم جديدة.
ولا بدّ لهذا السباق على الموارد المعدنية من أن يواجه مقاومة من المجموعات البيئية ولكن أيضاً من التأخيرات الإدارية. ويعود القانون الذي يحكم أنشطة التنقيب عن المعادن إلى عام 1927 وسيجري تحديثه قريباً.
وقالت مجموعة من الأكاديميين والباحثين الذين نشروا رسالة مفتوحة تندد بنقص الجيولوجيين: "قبل كل شيء، هناك نقص في المهارات الكافية، وعلينا أن نستثمر في هذه المجالات."
ويمكن أن يبدأ نشاط التعدين مرة أخرى في إيطاليا بتقنيات تلبي متطلبات التنمية المستدامة، كما يقول فيورنزو فومانتي، الجيولوجي في شركة "اسبرا". وتم التخلي عن جهود التدريب والبحث في ثمانينات القرن الماضي، وتم وضع آخر خريطة للتعدين في البلاد في السبعينات".