خاص
خاص

بدائل الغاز الروسي إلى أوروبا.. العرب حاضرون

أثار تهديد أوكرانيا بمنع عبور الغاز الروسي عبر أراضيها إلى دول أوروبا بحلول 2024، أو حتى قبل ذلك التاريخ، بحسب الرئيس التنفيذي لشركة "نفتوغاز" الأوكرانية، المخاوف بشأن مدى قدرة أوروبا على توفير إمدادات بديلة ومنتظمة، لكن البعض رأى في ذلك فرصة للدول العربية المنتجة للغاز؛ لزيادة صادراتها إلى أوروبا، التي لديها بالفعل خطة للاستغناء عن الغاز الروسي بحلول 2027.

واتجهت دول الاتحاد الأوروبي، عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا، لاستيراد الغاز المسال من الدول العربية، بعدما تقلصت إمدادات الغاز الروسي بشدة، وكانت قطر، وسلطنة عمان، ومصر، والجزائر، من أكبر المستفيدين، خاصة أن ذلك القطع المفاجئ تسبب في ارتفاع جنوني لأسعار الغاز في الأسواق العالمية.

مضاعفة الصادرات

ومن المتوقع أن تتضاعف كميات الغاز الطبيعي المسال، التي تصدرها الدول العربية، إلى الاتحاد الأوروبي، في حال نفذت أوكرانيا تهديدها، بإنهاء مرور الغاز الروسي عبر أراضيها لأوروبا، قبل نهاية العقد في 2024.

ويرى الدكتور أحمد سلطان، الباحث المختص في شؤون النفط والطاقة بالمركز المصري للدراسات الاستراتيجية، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن إيقاف أوكرانيا لمرور الغاز الروسي، عبر أراضيها لأوروبا، سيؤدي لمضاعفة صادرات الغاز العربي المسال لأوروبا، بعَدِّه أقرب البدائل.

وأكد وزير الطاقة الأوكراني، جيرمان جالوشينكو، أن بلاده تستعد لإنهاء تعاقد مرور الغاز الروسي مع شركة "غازبروم" الروسية بنهاية العقد في 2024.

وهو ما أكدته شركة "نفتوغاز" الأوكرانية، التي تشرف على الجزء التي يمر في أوكرانيا من خط الغاز الروسي المتجه إلى أوروبا، معلنة استعدادها لإنهاء العقد مع شركة "غازبروم" الروسية، بنهاية العقد في عام 2024، أو قبل الموعد المحدد في أي لحظة، وفقا لأوليكسي تشيرنيشوف، الرئيس التنفيذي للشركة.

والعقد الموقع بين شركتي "غازبروم"، و"نفتوغاز"، في ديسمبر 2019، ينتهي في 2024، مع إمكانية تمديد الاتفاقية لمدة 10 سنوات أخرى. وينص العقد على عبور 65 مليار متر مكعب من الغاز في عام 2020، و40 مليار متر مكعب سنويا من عام 2021 إلى عام 2024.

دعم الشركاء

وبرر تشيرنيشوف موقف شركته من مواصلة نقل الغاز الروسي إلى أوروبا خلال الحرب بأنه من باب الدعم لشركائنا في أوروبا، قائلا: "لا توجد أسباب أخرى، لكن لا يمكن حرمان بعض دول الاتحاد الأوروبي، من فرصة الحصول على الغاز الطبيعي والاستعداد لفصل الشتاء".

وما زال الغاز الروسي يتدفق عبر خطوط الأنابيب التي تمر في أوكرانيا إلى عدد من دول الاتحاد الأوروبي، من بينهم إيطاليا، والنمسا، وسلوفاكيا، والمجر. وفي مطلع أكتوبر 2023 أعلنت المفوضية الأوروبية عن انخفاض كبير في تأثير إمدادات الطاقة الروسية على أوروبا.

ويضع قرار أوكرانيا، في حال تنفيذه، الأسواق المجرية، والسلوفاكية، والتشيكية، والنمساوية، في وضع صعب، حيث يصل إليها حاليا حوالي 42 مليون متر مكعب من الغاز يوميا عبر الطرق الأوكرانية.

وتعتمد المجر على 4.5 مليارات متر مكعب من مشتريات الغاز الروسي سنويا، بموجب عقد تم توقيعه في سبتمبر 2021 لمدة 15 عاما، أي حتى عام 2036. وفي أكتوبر 2022 تمت إضافة 700 مليون متر مكعب أخرى إلى هذه الكمية.

المجر، هي العضو الوحيد في الاتحاد الأوروبي، الذي حافظ رئيس وزرائها فيكتور أوربان، على علاقات مع روسيا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، وهي أيضا عضو في الناتو. وبحسب رويترز، فمن المقرر أن تقوم غازبروم بتزويد المجر بكميات إضافية من الغاز خلال فصل الشتاء المقبل.

أمن الإمدادات

في النمسا، فإن الأمر يبدو أكثر صعوبة وفقا لما قاله المستشار النمساوي كارل نيهامار، موضحا أن شراء الغاز من روسيا "أمر غير سار من الناحية الأخلاقية"، ولكن حتى الآن لا يمكن تجنب ذلك.

وأوضح نيهامار، في مقابلة مع قناة "ORF"، أن الأولوية رقم واحد هي أمن إمدادات الطاقة، وإذا تم انتهاكها، سيتم تعطيل النظام، وسيتم تعطيل الإنتاج، وسيتم تعطيل إمدادات الطاقة للناس، وبالتالي، أولا وقبل كل شيء، نحن نتحدث عن ضمان أمن إمدادات الطاقة".

وأشار أيضا إلى أن النمسا بدأت العام الماضي في تقليل اعتمادها على الغاز القادم من روسيا، مع زيادة الإمدادات عبر ألمانيا، وإيطاليا لتتمكن من استخدام مصادر جديدة.

وأوضح أن شركة النفط والغاز النمساوية OMV لديها عقود مع" غازبروم "لتوريد الغاز إلى النمسا حتى عام 2040، وإنهاء هذه العقود من جانب واحد من قبل النمسا سيكون مكلفا، كما أن "حرق الغاز في مكان ما سيؤدي إلى نتائج عكسية".

وفي وقت سابق، قال الرئيس السابق لشركة الطاقة النمساوية OMV، غيرهارد رويس، إن النمسا يجب أن تستعد لحقيقة أنها لن تتلقى الغاز الروسي عبر أوكرانيا بعد انتهاء العقد الحالي. في حين قال رومان هايدر، عضو البرلمان عن حزب الحرية النمساوي، إنه لا يوجد لدى بلاده بدائل للغاز الطبيعي الروسي، مشيرا إلى نحو 64% من الغاز يأتي من روسيا".

صادرات الغاز الروسية

وبعد الحرب الروسية الأوكرانية، كثفت دول الاتحاد الأوروبي تحركاتها لتنويع مصادر الغاز لديها، وقال تقرير حديث صادر عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إنه منذ 31 مارس 2023، شكلت الاتفاقات المتعلقة بإمدادات الغاز من دول ثالثة أكثر من 50% من جميع صفقات الطاقة التي أبرمتها دول الاتحاد الأوروبي منذ اندلاع الحرب.

وفقا للتقرير فإن 56 من اتفاقيات الطاقة الـ 110 التي أبرمتها دول الاتحاد الأوروبي بحلول ذلك الوقت كانت مرتبطة بالغاز الطبيعي.

ووفقا لمجموعة صناعة الغاز الأوكرانية AGPU، في أحدث تقرير شهري، عن السوق يوم 7 نوفمبر، بلغ إجمالي شحنات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا نحو 12.1 مليار متر مكعب في الأشهر العشرة الأولى من عام 2023، بانخفاض قدره 32% على أساس سنوي، و66% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.

بدائل أوروبا

من جانبه، أكد الدكتور أحمد سلطان، الباحث المختص في شؤون النفط والطاقة بالمركز المصري للدراسات الاستراتيجية، أن أزمة الغاز التي مرت بها أوروبا خلال العام الماضي، بعد الحرب الروسية الأوكرانية، جعلتها تفكر في ضرورة تنويع مصادر استيراد الغاز.

وأضاف أن الغاز العربي، خاصة من قطر وسلطنة عمان ومصر والجزائر، كان له نصيب في تعاقدات العديد من الدول الأوروبية.

اتفاقيات مع قطر

وأوضح سلطان أن قطر، خامس أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا وإيران والصين، وقعت عددا من الاتفاقيات طويلة الأجل لتسويق الغاز المسال من مشروع توسعة حقل الشمال.

الاتفاقية الأولى، بحسب سلطان، كانت مع شركة "توتال إنرجي" الفرنسية، لتوريد 3.5 ملايين طن سنويا من الغاز المسال إلى فرنسا بداية من عام 2026 ولمدة 27 عاما.

وتابع: أما الاتفاقية الثانية، فقد أبرمتها قطر للطاقة، وشركة "شل" العالمية لتوريد نحو 3.5 ملايين طن سنويا من الغاز المسال إلى هولندا، بداية من 2026، وذلك لمدة 27 عاما.

كما وقعت قطر للطاقة اتفاقيتها الثالثة مع شركة "إيني" الإيطالية لمدة 27 عاما لتوريد نحو مليون طن سنويا من الغاز المسال إلى إيطاليا.

اتفاقيات سلطنة عمان

وأضاف الدكتور أحمد سلطان، الباحث المختص في شؤون النفط والطاقة، أن سلطنة عمان وقعت اتفاقيات لتوريد الغاز المسال إلى شركات "شل"، و"توتال إنرجي"، و"كوريا للغاز الطبيعي المسال"، و"ميتسوي وشركاه"، و"ميتسوبيشي كوربوريشن"، وشركة "بي تي تي" العامة المحدودة وشركة "إيتوشو".

أما عن صادرات مصر من الغاز إلى أوروبا، فقد أوضح سلطان، أنها بلغت خلال العام الماضي نحو 8 ملايين طن، وضعتها بالترتيب الخامس في قائمة مصدري الغاز إلى أوروبا.

وتابع: تصدرت تركيا قائمة الوجهات المستقبلة لصادرات الغاز المسال المصري بحصة 27%، ثم جاءت إسبانيا بحصة 21%، وهولندا 9%، وفرنسا 8، لتستحوذ الأسواق الأوروبية مجتمعة على نحو 82% من إجمالي صادرات مصر خلال العام الماضي.

وأوضح سلطان أن الجزائر جاءت في الترتيب السادس بين مصدري الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، وتُعد ألمانيا واحدة من أكبر أسواقها.

وأشار سلطان إلى أن أميركا هي المستفيد الأكبر من الاستغناء عن الغاز الروسي، حيث كان لها النصيب الأكبر في توفير احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي، بعدما تمكنت من توريد نحو 60 مليون طن من الغاز المسال إلى أوروبا خلال عام 2022.

كما تمكنت النرويج، من أن تصبح ضمن أكبر موردي الغاز إلى الاتحاد الأوروبي، ويصل الغاز النرويجي عبر خطوط الأنابيب إلى بريطانيا، وألمانيا، وبلجيكا، وفرنسا.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com