logo
طاقة

هل يحقق «الجافورة» اكتفاء السعودية من الغاز ويفتح باب التصدير؟

229 تريليون قدم مكعب احتياطيات الحقل

2 مليار قدم مكعب إنتاجاً يومياً بحلول 2030

1500 كيلومتر خطوط أنابيب خلال 20 عاماً

هل يحقق «الجافورة» اكتفاء السعودية من الغاز ويفتح باب التصدير؟
منشأة واسط للغاز التابعة لـ«أرامكو» في السعودية يوم 8 ديسمبر 2014.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:18 أغسطس 2025, 07:53 ص

أعلنت شركة «أرامكو» السعودية، الأسبوع الماضي، توقيع صفقة استئجار وإعادة تأجير بقيمة 11 مليار دولار لتطوير مرافق معالجة الغاز في حقل الجافورة بالمنطقة الشرقية من السعودية وهو المشروع الأكبر للغاز الصخري خارج الولايات المتحدة.

تأتي الصفقة مع ائتلاف مكون من مستثمرين دوليين بقيادة صناديق تديرها «غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز»، المعروفة باسم «جي آي بي» التابعة لشركة «بلاك روك» العالمية لإدارة الاستثمار.

يتمتع حقل الجافورة بأهمية كبيرة في مستقبل سوق الغاز العالمية، حيث سيجعل السعودية أحد اللاعبين الرئيسيين في توريد الغاز، كما أنه من مشروعات الغاز غير التقليدي في العالم، وأحد مشاريع «رؤية 2030»، وحجر أساس ضمن استراتيجية المملكة في التحول إلى عملاق في إنتاج الغاز الطبيعي، فيما يضم الحقل أكبر طبقة غاز صخري غنية بالسوائل في الشرق الأوسط، باحتياطيات 229 تريليون قدم مكعب. 

فوائد الشراكة مع المستثمرين 

تعتبر شراكة السعودية مع المستثمرين الدوليين في تطوير الحقل بقيادة صناديق تديرها «غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز»، المعروفة باسم «جي آي بي» التابعة لشركة «بلاك روك»، جزءاً من نهج السعودية في جذب رؤوس الأموال الأجنبية، فبدلاً من أن تقوم «أرامكو» وحدها باستثمار كامل المشروع بـ100 مليار دولار، تشرك مستثمرين دوليين يضخون الأموال مقدماً مقابل عوائد ثابتة على المدى الطويل. 

وتقوم الصفقة على إنشاء شركة جديدة باسم «الجافورة للغاز منتصف المدة»، تمتلك «أرامكو» 51% منها والمستثمرون 49%. إذ تستأجر الشركة مرافق معالجة الغاز في حقل الجافورة لمدة 20 سنة، ثم تؤجرها مرة أخرى لـ«أرامكو» لتشغيلها.

بهذه الطريقة، تحصل «أرامكو» فوراً على 11 مليار دولار نقدا، مع الاحتفاظ بحق تشغيل الحقل وكامل إنتاجه، ودون أي قيود على حجم الإنتاج.

اهتمام لافت بالمشروع 

لاقى الطرح اهتماماً واسعاً من المستثمرين الدوليين قبل ترسيته، ما يظهر الشهية العالمية للمشاركة في نمو قطاع الغاز السعودي، ومن المتوقع أن تشجع هذه الصفقة المزيد من المستثمرين وصناديق البنية التحتية لاقتناص الفرص مرة أخرى داخل المملكة. 

وتأتي الشراكة لتخفيف العبء المالي عن «أرامكو»، ومساعدتها في تمويل أعمال الحفر والتوسعة دون الإخلال بتوزيعات الأرباح والتصنيف المالي للشركة. 

مع نهاية العام الجاري من المتوقع أن يحقق الحقل 200 مليون قدم مكعب من الإنتاج اليومي، و 2 مليار قدم مكعب يومياً بحلول 2030، وفقاً لتقرير صادرعن «رويترز وChemAnalyst»، الموقع الدولي المتخصص في تحليل أسواق الطاقة والبتروكيماويات.

3 مراحل لتطوير الحقل

شركة «أرامكو» قسمت تطوير الحقل إلى ثلاث مراحل، انطلقت المرحلة الأولى في نوفمبر 2021، لتنتهي في 2025 ويبدأ الإنتاج الأولي للغاز في العام ذاته، أما المرحلة الثانية فتمت ترسية عقودها منتصف 2023 وستنطلق مرحلتها التشغيلية في 2027 وتشمل إنشاء مرافق وخطوط أنابيب.

ويقدر إجمالي الاستثمارات على المدى الطويل خلال (15 – 20 سنة) في حقل الجافورة بأكثر من 100 مليار دولار، وعند انتهائها من المتوقع مد نحو 1500 كيلومتر من خطوط الأنابيب وشبكات الجمع لنقل الغاز المنتج. 

أخبار ذات صلة

أرامكو السعودية توقع صفقة بـ11 مليار دولار لتطوير حقل الجافورة

أرامكو السعودية توقع صفقة بـ11 مليار دولار لتطوير حقل الجافورة

تغير في موازين إنتاج وتصدير الغاز 

من المتوقع أن يحدث الحقل تغيراً في موازين إنتاج وتصدير الغاز إقليمياً، وبجاهزيته ستصبح قارة آسيا ثاني منطقة منتجة للغاز بحلول العام الجاري بعد أميركا اللاتينية. 

هذا التحول في سوق الغاز سيغير خريطة سوق الغاز الإقليمي ليضع السعودية في منافسة مباشرة مع قطر التي تعد أكبر مصدر للغاز المسال عالمياً على حصص الأسواق في أسيا و أوروبا. 

كذلك تسهم زيادة إنتاج الغاز في حقل الجافورة بزيادة إنتاج الغاز في الشرق الأوسط ككل بنحو 20 مليار قدم إضافية يومياً بحلول 2030، نصفها للطلب المحلي والنصف الآخر للتصدير، وبالتالي ستصبح دول الخليج مصدراً رئيسياً للغاز لدول مثل أوروبا التي تسعى لتنويع صادرتها بعيداً عن الغاز الروسي، إلى جانب قارة آسيا حيث تنمو احتياجات الاقتصادات الضخمة في القارة مثل الصين والهند، وسيوفر الحقل 10 مليارات قدم مكعب للتصدير الإضافي ما يعزز دور الخليج كمصدر إمداد عالمي موثوق.

لاعب رئيسي في السوق العالمية

لا شك أن دخول السعودية كلاعب رئيسي في سوق الغاز العالمي خلال العقد الجاري أو المقبل سيؤثر على توزاناته، إذ رفعت أوروبا وارداتها من الولايات المتحدة وقطر والنرويج بكثافة للابتعاد عن الغاز الروسي، وبدءاً من أواخر العقد (2028 – 2030) ستكون بحاجة إلى مصادر توريد جديدة مستقرة مع تراجع الإنتاج المحلي في بحر الشمال حينها، وهنا السعودية قد تلعب دور المورد الإضافي إذا تمكنت من تصدير بضعة مليارات من الغاز المسال يومياً.

كما أن دخول السعودية إلى سوق الغاز الأوروبية سيخلق أسعار منافسة تصب في مصلحة المستهلك الأوروبي في النهاية. 

كذلك الأمر في آسيا التي تعد سوقاً خصبة لواردات الغاز، حيث تستورد الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية النسبة الكبرى من الغاز المسال العالمي، والنمو المُطرد لتلك الاقتصادات الكبرى يستوعب مورداً إضافياً كالسعودية إلى جانب قطر والولايات المتحدة اللتان وقعتا عقوداً توريدية ضخمة مع الصين وغيرها من دول آسيا حتى عام 2050

فائض كبير متوقع للتصدير

تاريخياً اعتمدت السعودية على الغاز المصاحب للنفط لتلبية حاجاتها المحلية، وبحلول 2030 ستتحول المملكة من دولة تستهلك كامل إنتاجها من الغاز إلى دولة لديها فائض كبير للتصدير بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي. 

أما على المدى القصير والمتوسط فمن المرجح أن تحتفظ السعودية بمعظم إنتاج الجافورة للاستهلاك المحلي لسد العجز الحالي في الغاز والمشروعات الصناعية. 

تحقيق الاكتفاء الذاتي للسعودية من الغاز سيدعم مشروع سياسة المملكة في استبدال حرق النفط الخام لتوليد الكهرباء بالغاز، وتشغيل الحقل بكامل طاقته سيؤمن طاقة محلية ويسمح بتوفير النفط واستخدامه للصناعات أو التصدير بدلاً من حرقه لتوليد الكهرباء بالغاز. 

كما يرفع حقل الجافورة إنتاج «أرامكو» من الغاز من 10.1 مليار قدم مكعب في 2021، إلى 16 مليار قدم مكعب بحلول 2030، لتقترب السعودية من مستويات إنتاج الولايات المتحدة وروسيا وإيران، وفقاً لتقارير نقلتها صحف محلية سعودية. 

ورفع الحقل احتياطي الغاز في السعودية من نحو 35,5 تريليون قدم مكعب، ليصل إلى 335,9 تريليون قدم مكعب، مقارنةً بـ300 تريليون قدم مكعب في عام 2022، ومن المتوقع أن يعزز المشروع موقف السعودية التفاوضي والتجاري في أسواق الغاز، وسيسهم في تنويع محفظة السعودية بعيداً عن النفط وإثبات حضورها في سوق سريع النمو أكثر من مجرد تلبية طلب محلي. 

وبدأت السعودية بالفعل أولى خطوات التصدير الدولي من خلال إنشاء وحدة تجارية لتداول الغاز المسال، كما وقعت مذكرة تفاهم للاستثمار في محطات LNG خارج المملكة.

محفظة عالمية من عقود الغاز

تهدف «أرامكو» إلى تكوين محفظة عالمية من عقود الغاز المسال تصل إلى 20 مليون طن سنوياً خلال السنوات المقبلة عبر مزيج من الاستحواذ على حصص في مشاريع دولية وشراء وتسويق الغاز.

كما سيدعم استخدام الغاز محلياً إقامة صناعات تحويلية (بتروكيماويات – أسمدة – صلب – إسمنت) أكثر تنافسية بفضل وجود وقود رخيص ونظيف، إضافة إلى أن توفير الغاز لمحطات توليد الكهرباء سيخفض تكلفة الكهرباء ويتيح توصيل الطاقة لمشاريع ضخمة بكفائة أعلى. 

إلى جانب أن تصريف الغاز محلياً، يعني ضمنياً تصديراً غير مباشر عبر قيمة إضافية أعلى، فبدلاً من بيع الغاز خام بسعر منخفض نسبياً في السوق العالمي، يمكن تحويله محلياً إلى منتجات بتروكيماوية ( بلاستيك – أسمدة – وقود هيدروجين – أمونيا زرقاء) وغيرها وتصدير تلك المنتجات بعوائد أكبر، وسيكون الجافورة ركيزة المملكة بأن تصبح لاعباً رئيسياً في سوق الهيدروجين الأزرق والأمونيا منخفضة الكربون. 

وبحسب تقديرات «أرامكو»، فإن مشروع الجافورة سيسهم بنحو 23 مليار دولار أميركي في الناتج المحلي الإجمالي السعودي، بحثب تصريحات الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو»، أمين ناصر، خلال منتدى الاستثمارات في الأحساء لعام 2025.

أخبار ذات صلة

ارتفاع إنتاج «أوبك» النفطي في يوليو بقيادة الإمارات والسعودية

ارتفاع إنتاج «أوبك» النفطي في يوليو بقيادة الإمارات والسعودية

الانعكاسات الإقليمية المستقبلية

سيسهم تطوير مشروع حقل غاز الجافورة بخفض استيراد بعض دول الخليج من الكويت والإمارات من الغاز المسال باهظ الثمن، مع امكانية استفادتها من فوائض الغاز السعودي مستقبلاً عبر شبكات إقليمية. 

كما سيتم تصدير الكميات الفائضة عن الاستعمال المحلي في صورة غاز مسال LNG لعدم وجود خطوط أنابيب عابرة للحدود حالياً من المملكة، وعلى المدى الطويل ومع ارتفاع الإنتاج ستتجه السعودية بقوة إلى التصدير المباشر.

وسيعيد المشروع رسم خريطة تدفقات الغاز في الخليج وربما يمهد لتعاونات على مستوى الشرق الأوسط والإقليم في قطاع الغاز تكون فيها السعودية لاعباً رئيسياً بد أن كانت غائبة عن هذا المضمار، حيث يهدف المشروع إلى تحويل السعودية من لاعب ثانوي يستهلك معظم غازه محلياً إلى منافس محتمل للدول الكبرى. 

يعادل حجم حقل الجافورة حجم بعض حقول الغاز الصخري الكبرى في الولايات المتحدة، مثل حوض الأبردين / مارسيليوس في بنسلفانيا. 

في حال نجح المشروع كما هو مخطط له، سيجعل السعودية ثالث أكبر منتج للغاز الصخري في العالم بعد الولايات المتحدة وكندا. 

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC