logo
بورصات عالمية

اليابان مهددة بمغادرة المثلث الذهبي

اليابان مهددة بمغادرة المثلث الذهبي
تاريخ النشر:7 نوفمبر 2023, 07:38 ص
رغم محاولات الحكومة اليابانية الحفاظ على مكانة البلاد كثالث أكبر اقتصاد في العالم، إلا أن طوكيو تعاني من تدني المؤشرات الاقتصادية على مدار الأشهر الماضية، وعلى رأسها تراجع الين لأدني مستوى في 15 عامًا، وارتفاع التضخم، وانكماش نشاط التصنيع، ما ينذر بقرب فقدان ترتيبها العالمي لصالح ألمانيا.

ومنذ اندلاع الحرب الأوكرانية، يعاني اليابانيون من ضغوط معيشية شديدة بسبب ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم، وسط مخاوف من تفاقم الأوضاع خلال الفترة المقبلة بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة المحتمل، جراء حرب غزة.

وفي الثاني من نوفمبر الجاري، كشف رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا عن حزمة تحفيز اقتصادي بقيمة 113.2 مليار دولار للتخفيف من تداعيات التضخّم في البلاد، ودعم القدرة التوريدية لتعزيز قدرة الشركات على تحقيق المكاسب.

ضغوط التضخم

ووفقًا لأحدث بيانات هيئة الإحصاء اليابانية، فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في البلاد إلى 3.3% على أساس سنوي خلال شهر أكتوبر الماضي، بالمقارنة مع 2.8% في سبتمبر.

كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي باستثناء أسعار الأغذية الطازجة إلى 2.7% على أساس سنوي في أكتوبر مقابل 2.5% في سبتمبر.

وشهد مؤشر أسعار المستهلكين للعاصمة طوكيو والذي يعد أهم مؤشرات التضخم في اليابان ارتفاعًا ليسجل 2.7%، متجاوزا توقعات الأسواق التي أشارت لتسجيله 2.5%، بعدما كان قد سجل 2.5% في سبتمبر الماضي.

وفي ظل هذه المؤشرات، يرجح محللون أن يُبقي البنك المركزي الياباني على توقعات الأسعار للسنة المالية 2025 دون تعديل عند 1.6% تقريباً، ما يعني أن هدف التضخم في اليابان عند 2% لم يتحقق.

ارتفاع تكاليف الطاقة

يخشى الكثير من اليابانيين من استمرار ارتفاع معدل التضخم بسبب التوترات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والتي رفعت أسعار النفط. ودخلت أسعار النفط في موجة حادة من التقلبات تتراوح عند مستوى 8 دولارات، بسبب اندلاع الصراع في منطقة الشرق الأوسط، والتصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة.

وفي الأسبوع الماضي، حذرت الحكومة اليابانية، على لسان رئيس مجلس الوزراء من احتمال تأثير الصراع في الشرق الأوسط على اقتصاد البلاد. ويلقي هذا القلق الضوء على مخاوف صُنّاع القرار السياسي، إذ أن ارتفاع أسعار النفط يشكل عبئا على ثالث أكبر اقتصاد في العالم، والذي يعتمد على الواردات لتغطية معظم احتياجاته من الطاقة.

وبرز هذا القلق في تقرير شهر أكتوبر الصادر عن مجلس الوزراء الياباني، والذي اعتبر حرب غزة، ضمن العوامل التي تتطلب اهتمامًا وثيقًا، لأنها "ربما تشكل خطرًا سلبيًا على الاقتصاد الياباني".

وأوضح التقرير الحكومي، أنه قد يكون هناك تأثيرا سلبيا على الأسر اليابانية والاستهلاك وأرباح الشركات من خلال ارتفاع تكلفة واردات الطاقة.

تراجع الين

على مستوى سعر الصرف، تراجع الين لأدنى مستوياته في 15 عامًا مقابل اليورو في نهاية أكتوبر الماضي، بعد أن فشلت خطوة صغيرة اتخذها بنك اليابان المركزي صوب إنهاء سنوات من التحفيز النقدي، في تهدئة المستثمرين الذين كانوا يتوقعون نموًا أكبر.

ويتحرك الين في نطاق قريب من أدنى مستوياته مقابل الدولار في 33 عامًا، وخسرت العملة اليابانية، بسبب الفجوة المتسعة بين أسعار الفائدة الأميركية واليابانية، 13% من قيمتها مقابل الدولار هذا العام، ويتم تداولها قرب 150 ينًا للدولار مقتربًة من أدنى مستوى في ثلاثة عقود عند 151.94.

تباطؤ التصنيع

على صعيد التصنيع، انتعش الإنتاج الصناعي في اليابان، لكن بوتيرة أضعف من المنتظر، وكشفت وزارة الصناعة اليابانية، أن إنتاج المصانع صعد 0.2% خلال سبتمبر مقارنة بالشهر السابق له، وهو أقل من توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير لارتفاع نسبته 2.5%.

وحسب الوزارة اليابانية، دعمت شركات تصنيع السيارات هذه الزيادة، بينما انخفض تصنيع آلات الإنتاج مقارنة بالأرقام الإجمالية، وتراجع بمعدل 4.6% مقارنة مع السنة السابقة، كما انخفض الإنتاج خلال الربع الثالث من العام الحالي 1.3% مقارنة مع الربع السابق.

إنتاج ضعيف

وتثبت هذه البيانات ضعف الإنتاج بنسبة أكبر من التوقعات لتؤكد لمحافظ بنك اليابان المركزي كازو أويدا أن الانتعاش الاقتصادي الناشئ ما يزال غير مكتمل، ما يستدعي ضرورة الاستمرار في برنامج التحفيز النقدي.

ورجحت ماري إيواشيتا، كبيرة خبراء اقتصاد السوق في شركة "دايوا سيكيوريتيز" (Daiwa Securities) في تصريحات إعلامية، انكماش الاقتصاد الياباني في الربع الثالث من العام الجاري، في ظل بيانات الإنتاج الصادرة الأسبوع الماضي.

وتواجه اليابان خطر تباطؤ الطلب الخارجي في ضوء الاضطرابات الدولية التي تتراوح بين التصعيد العسكري بين إسرائيل و"حماس"، والتنافس الجيوسياسي المحتدم بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، ما يمكن أن يفاقم الحواجز التجارية الرسمية وغير الرسمية.

اقتصاد قوي

من جانبه، يرى المهندس إبراهيم العربي، رئيس مجلس الأعمال المصري الياباني، أن الاقتصاد الياباني يتسم بالقوة والمتانة وتنوع قطاعاته رغم تراجع بعض مؤشراته الاقتصادية عن المعدلات التي تستهدفها الحكومة، لكنه سيظل ثالث أكبر اقتصاد في العالم.

وقال العربي في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، إنه رغم موجات التضخم المرتفعة التي أصابت معظم الاقتصاديات، إلا أن معدله في اليابان هو الأقل مقارنة بالدول الغربية الكبرى، فهو يتراوح حاليًا عند مستويات 2.5% إلى 3%، فيما وصل في أميركا إلى 3.7%، وفي ألمانيا إلى 3.8% وفي فرنسا عند 4% في أكتوبر الماضي.

وأكد أن تراجع الين مقابل الدولار واليورو، يعتبر ميزة تنافسية للصادرات اليابانية، حيث أن انخفاض العملة يسهم في دعم صادرات البلاد، واليابان دولة صناعية بالدرجة الأولى، وبالتالي فإن انخفاض عملتها يمنح الصادرات ميزة تنافسية.

وأوضح العربي، أن البنك المركزي الياباني، لم يتدخل لرفع قيمة الين في سوق الصرف، لأن انخفاضه يعني أن قيم الأصول المقومة بالدولار تصبح أكثر جذبًا للمستثمرين، ولهذا يتبع البنك سياسة نقدية توسعية وفائدة سلبية على عكس البنوك المركزية الأخرى، التي انتهجت سياسات التشديد النقدي برفع الفائدة أكثر من مرة خلال العام الجاري.

تحفيز اقتصادي

لتخفيف العبء عن الاقتصاد والمواطنين، تعمل الحكومة اليابانية على تطوير حزمة تحفيز اقتصادي لحماية الأسر والشركات من التضخم المزمن، قد تتضمن عددًا من التدابير، تتراوح من تمديد إعانات الطاقة إلى التخفيضات المحتملةً في الضريبة على الدخل.

ويعتزم رئيس الوزراء الياباني، سن قانون تخفيض مؤقت للضريبة على الدخل بقيمة 40 ألف ين (267.86 دولار) للفرد، وتقديم 70 ألف ين إضافي للأسر منخفضة الدخل، متعهدًا بإعادة تنشيط النمو الاقتصادي بما يكفي، لكي يقتصر تطبيق المساعدة الضريبية على مرة واحدة.

وتشكل تخفيضات ضريبة الدخل والإسكان بقيمة 3.5 تريليون ين، ومساعدات إضافية للأسر ذات الدخل المنخفض وتدابير النمو جزءا رئيسيا من حزمة التحفيز.

وأكد كيشيدا إصرار الحكومة على إنعاش الاقتصاد الياباني مع تعزيز قدرة اليابان المتعلقة بالإمدادات والعمل على نمو الاقتصاد بمساعدة ارتفاع الأجور المستدام وانتعاش الاستثمارات.

ألمانيا تتقدم

في ظل تدني المؤشرات الاقتصادية اليابانية"، تشير التوقعات إلى أن ألمانيا بصدد إزاحة اليابان من مكانتها الحالية كثالث أكبر اقتصاد في العالم، بنهاية العام الجاري.

وتتوقع تقديرات صندوق النقد الدولي الأخيرة، ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لألمانيا هذا العام إلى 4.43 تريليون دولار، مقابل 4.23 تريليون دولار لليابان.

في المقابل، استبعد رئيس مجلس الأعمال المصري الياباني أن تزيح ألمانيا، اليابان عن مكانتها كثالث أكبر اقتصاد في العالم، قائلا: "الحديث عن إزاحة اليابان من ترتيبها الاقتصادي العالمي ليس وليد اللحظة، ولكن دائمًا ما تظهر مثل هذه التوقعات من وقت لآخر".

وشدد العربي على أن تأثير ارتفاع تكاليف الطاقة لا يقتصر على الاقتصاد الياباني، ولكنه يطال أيضًا على كافة الدول التي تعتمد على واردات الطاقة، مثل ألمانيا والدول الغربية باستثناء أميركا.

وأوضح أن الاقتصاد الياباني حقق نموًا في الربع الثاني من العام الجاري، بدعم من الصادرات الصناعية والسيارات فضلا عن انتعاش قطاع السياحة، وهو النمو الأعلى منذ 3 سنوات.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC