استقرت الأسواق المالية الأوروبية اليوم الثلاثاء، بعد موجة تراجع حادة شهدتها الأسواق العالمية، حيث عادت بعض الثقة إلى المستثمرين بعد خسائر كبيرة سجلها «ناسداك» أمس هي الأكبر في يوم واحد منذ أكثر من عامين.
وظل مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي مستقراً في بداية التعاملات، بينما حدّت الأسهم في منطقة آسيا - المحيط الهادئ لاسيما اليابانية، التي خسرت نحو 1.75% في وقت سابق من اليوم، - من تراجعها إلى 0.5% فقط. كما ارتفعت العقود الآجلة للأسهم الأميركية بنحو 0.3%.
جاء هذا الهدوء النسبي بعد الجلسة المضطربة أمس، حيث تصاعدت مخاوف المستثمرين من تباطؤ اقتصادي محتمل عقب تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي تحدث عن «فترة انتقالية» خلال مقابلة مع «فوكس نيوز»، ورفض استبعاد حدوث ركود اقتصادي.
وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 2.7% يوم الاثنين، مسجلاً أكبر خسارة يومية له هذا العام، فيما انخفض «ناسداك» بنسبة 4%، وهي أكبر خسارة مئوية له في يوم واحد منذ سبتمبر 2022.
قال كبير استراتيجيي أسعار الفائدة لمنطقة آسيا - المحيط الهادئ في «تي دي سيكيوريتيز» براشانت نيوناها، إن معظم المستثمرين كانوا يعتقدون سابقاً أن ترامب قد يخفف من مواقفه إذا انهارت الأسواق المالية.
وأضاف: «الأسواق تدرك الآن أن الإدارة الأميركية عازمة على المضي قدماً في خططها الاقتصادية دون تردد. قد تكون الرسوم الجمركية والركود الأدوات المستخدمة لتحقيق تراجع التضخم وخفض عوائد السندات لأجل 10 سنوات. في الوقت الحالي، نشهد عملية تفكيك اقتصادي محسوبة.»
أدى الإقبال على شراء سندات الخزانة الأميركية إلى انخفاض العائد على السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 10 نقاط أساس يوم الاثنين، وهو أكبر تراجع يومي له منذ نحو شهر. وانخفض العائد بمقدار نقطتين إضافيتين يوم الثلاثاء ليصل إلى 4.12%.
أما عوائد السندات لأجل عامين، والتي تتأثر عادة بتوقعات أسعار الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي، فقد تراجعت إلى أدنى مستوياتها في خمسة أشهر، حيث فقدت 1.5 نقطة أساس لتصل إلى 3.88%.
ويتوقع المستثمرون الآن أن يُقدم الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة بمقدار 85 نقطة أساس خلال العام الجاري، مقارنة بتوقعات سابقة بلغت 75 نقطة أساس يوم الاثنين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». ويعزو المستثمرون هذه التوقعات إلى مخاوف تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي، مما قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى العودة لسياسات نقدية أكثر مرونة.
وقالت إيدانّا أبيو، مديرة المحافظ في «فيرست إيغل إنفستمنت مانجمنت»: «إذا دخل الاقتصاد في حالة ركود، فمن المرجح أن نشهد خفضاً أعمق لأسعار الفائدة.»
تتجه أنظار المستثمرين إلى تقرير مؤشر أسعار المستهلكين الأميركي، المنتظر صدوره يوم الأربعاء، حيث قد يؤثر بشكل كبير على توقعات السياسة النقدية.
وكانت البيانات السابقة قد أظهرت ارتفاع التضخم بنسبة 0.5% في يناير، وهو أعلى معدل شهري منذ أغسطس 2023. ويتوقع محللون استطلعت «رويترز» آراءهم أن يبلغ معدل التضخم في فبراير 0.3%.
قالت أبيو: «على المدى القصير، لا تزال معدلات التضخم مرتفعة، كما أن السياسات الجمركية والتغيرات في قوانين الهجرة قد تساهم في زيادة الضغوط التضخمية.»
حافظت العملات الآمنة على جاذبيتها، لكن التحركات كانت أقل حدة مقارنة بيوم الاثنين. فقد سجل الين الياباني أعلى مستوى له في خمسة أشهر مقابل الدولار، لكنه عاد ليقلص مكاسبه ليستقر عند 147.2. رغم ذلك، لا يزال الين مرتفعاً بنسبة 7% مقابل الدولار منذ بداية 2025.
كما ارتفع اليورو 0.6% ليصل إلى 1.10898 دولار. وفي أسواق السلع، ظلت أسعار النفط مستقرة وسط مخاوف من أن تؤدي الرسوم الجمركية الأميركية إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، ما قد يؤثر في الطلب على الطاقة، في الوقت الذي تواصل فيه «أوبك+» زيادة الإمدادات.
من جهة أخرى، بلغ سعر الذهب 2908 دولارات للأونصة، مقترباً من أعلى مستوى له على الإطلاق والمسجل الشهر الماضي. وقد ارتفع الذهب 10% منذ بداية عام 2025، بعد ارتفاعه 27% في 2024.