logo
أسواق

هل فعلاً النظام المالي الأميركي مصمم لإثراء النخبة على حساب الشعب؟

هل فعلاً النظام المالي الأميركي مصمم لإثراء النخبة على حساب الشعب؟
«الربح على حساب الشعب غير مقبول».. عبارة وضعها محتجون على لافتة في بالتيمور بولاية ميريلاند الأميركية يوم الأول من أكتوبر 2024، خلال إضراب لعمال الموانئ في الولايات المتحدةالمصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:15 أكتوبر 2024, 09:57 ص

كل شيء في النظام المالي الأميركي، وكل السياسات الاقتصادية والضريبية والتنظيمية، تخدم مصالح نخبة المجتمع في الولايات المتحدة من أصحاب الثروات، على حساب الغالبية العظمى من الشعب.

هذا ما خلص إليه مقال مطوّل نشرته صفحة «إيكونوميك كولابس» (economicClooapse)، أو «الانهيار الاقتصادي»، على موقع «ريديت» (Reddit) الشهير، الذي يستخدمه 330 مليون مستخدم شهرياً حول العالم، وأكثر من 26 مليوناً في الولايات المتحدة بحسب إحصاءات «فاونديشن ماركتينغ» (Foundation Marketing).

المقال حصد تفاعلاً كبيراً في أوساط مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً أنه يأتي في خضمّ السباق نحو البيت الأبيض الذي يتنافس فيه المرشحان الرئيسان، دونالد ترامب وكمالا هاريس، على استمالة الناخبين بطروحاتهما الاقتصادية بشكل خاص. كما أنه نُشر على منصة تمتعت فيما سبق بتأثير قوي وواضح على حركة الأسواق المالية، لا سيما خلال ظاهرة «غيم ستوب» (GameStop) في أوائل العام 2021.

أخبار ذات صلة

إضراب عمال موانئ شرق أميركا.. ما تأثيره على التضخم؟

إضراب عمال موانئ شرق أميركا.. ما تأثيره على التضخم؟

أشار المقال إلى أنه على مدار عقود، أصبح النظام المالي الأميركي ميالاً بشكل متزايد لصالح نخبة صغيرة على حساب الغالبية العظمى من الشعب. وأوضح أن الأمر لا يتعلق بحوادث معزولة أو أخطاء طفيفة، «بل هو نظام متكامل يهدف إلى تحويل الثروات من أيدي العامة إلى جيوب قلة محظوظة، بينما تتغاضى الهيئات التنظيمية، والمؤسسات الحكومية، والشركات الكبرى، عن هذا التلاعب أو تكون متواطئة فيه».

من تلاعب «بنك الاحتياطي الفيدرالي» بالأسواق، إلى عمليات الاستحواذ «القاسية» التي تقوم بها شركات الملكية الخاصة، وصولاً إلى التلاعب بتداول الأسهم وخلق أسهم زائفة لخفض قيمتها، كلها ممارسات بحسب المقال/التقرير، تشكل جزءاً من مخطط ممنهج يهدف إلى إثراء نخبة محدودة على حساب الأغلبية.

إليكم أبرز السياسات الاقتصادية التي ركّز عليها المقال، بحسب ما نُشر في صفحة «إيكونوميك كولابس»:

التيسير الكمي

يُعد «التيسير الكمي» أحد أبرز أشكال التلاعب بالسوق التي يمارسها «الاحتياطي الفيدرالي». فعلى الرغم من تقديمه كسياسة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد عبر ضخ السيولة في النظام المالي، فإن الحقيقة تظهر أنه يحقق هدفاً واحداً، وهو: زيادة ثروة الأثرياء.

يقوم «الاحتياطي الفيدرالي» بشراء كميات ضخمة من السندات الحكومية والأوراق المالية من البنوك، ويضخ بذلك الأموال في النظام المصرفي. لكن، بدلًا من أن تُستخدم هذه السيولة في تحفيز الاقتصاد الحقيقي، تحتفظ البنوك بهذه الأموال أو تستثمرها في الأسواق المالية، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأصول، مثل الأسهم والعقارات، التي يمتلكها في الغالب الأثرياء.

  • المستفيدون والخاسرون

يستفيد الأثرياء من ارتفاع قيمة أصولهم، في حين لا يحصل المواطنون العاديون، الذين يعتمدون على الأجور، على أي فائدة تُذكر. بل على العكس من ذلك، يواجه هؤلاء ارتفاعاً في تكاليف الإسكان، وتجميداً للأجور، واقتصاداً يخدم مصالح «وول ستريت» أكثر من غيرها.. وباختصار، «التيسير الكمي» ليس تحفيزاً اقتصادياً، بل هو آلية لنقل الثروة من الجميع إلى القلة.

المجمع الصناعي العسكري

على مدى سنوات، ظلّ «المجمع الصناعي العسكري» يستنزف مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب، لإثراء المتعاقدين العسكريين والسياسيين المرتبطين بهم. فشركات كبرى مثل «لوكهيد مارتن» و«رايثيون»، و«بوينغ»، تتلقى عقوداً دفاعية ضخمة، بصرف النظر عن فاعلية أو ضرورة الحروب التي تدعمها. أما النتيجة فهي: تريليونات الدولارات تُنفق على نزاعات لا تُسهم في تحسين الأمن القومي الأميركي، بل تملأ جيوب المتعاقدين العسكريين.

  • المستفيدون والخاسرون

المستفيدون هم السياسيون الذين يرتبطون مالياً بهذه الشركات، إذ يضمنون تمرير ميزانيات دفاع ضخمة، وتمويل حروب لا تنتهي، وهذا يضمن بالتالي استمرار تدفق الأموال وزيادة أرباح المتعاقدين. أما الخاسرون، فهم في نهاية المطاف، دافعو الضرائب من الأميركيين الذين يتحملون الفاتورة، دون أن يكون لذلك أي أثر في تحقيق تحسّن حقيقي للأمن القومي.

شركات الملكية الخاصة وصناديق التحوط

تمارس شركات الملكية الخاصة وصناديق التحوّط إستراتيجيات تدمير للشركات بدلاً من بنائها، إذ تستحوذ هذه الشركات على المؤسسات بطرق لا رحمة فيها، لتستنزف بعد ذلك ثرواتها، ثم تتركها في النهاية للانهيار.

أخبار ذات صلة

164 تريليون دولار ثروات أسر أميركا في الربع الثاني بدعم من العقارات

164 تريليون دولار ثروات أسر أميركا في الربع الثاني بدعم من العقارات

تقوم شركات الملكية الخاصة وصناديق التحوّط بشراء الشركات عبر قروض ضخمة ترهق الشركات المستحوذ عليها. ولتسديد هذه الديون، تقوم هذه الشركات بتقليص التكاليف عبر تسريح العمال وبيع الأصول، ما يتركها في حالة تدهور طويل الأمد. وفي نهاية المطاف، تفلس هذه الشركات بعدما تكون شركات الملكية الخاصة قد استنفدت كل قيمتها.

عمليات التلاعب التي تقوم بها صناديق التحوط

تمارس صناديق التحوط تكتيكات «البيع على المكشوف والتشويه»، إذ تبيع أسهم الشركات على المكشوف مع نشر معلومات سلبية عنها للتلاعب بالسوق، ما يؤدي إلى هبوط قيمة الأسهم، وبالتالي جني الأرباح على حساب تدمير الشركات.

  • التلاعب بالأسهم

تلعب شركة إيداع وتسوية الأوراق المالية (DTCC) دوراً محورياً في هذا النظام المظلم، إذ تمثل جزءاً من نظام لا يخضع للتدقيق الكافي، ما يسمح لصنّاع السوق بالتلاعب بأسعار الأسهم عبر بيع أسهم زائفة.

  • التلاعب بالسوق

بفضل «إعفاء صانعي السوق» القانوني، يمكن لصناع السوق بيع أسهم لا وجود لها فعلياً، ما يؤدي إلى خفض مصطنع في أسعار الأسهم. يستفيدون من ذلك عبر شراء الشركات بأسعار زهيدة، بينما يخسر المساهمون الشرعيون، وتفقد الشركات قيمتها.

  • التهرب الضريبي

في الوقت الذي يدفع فيه المواطنون العاديون الضرائب، تستغل الشركات الكبرى والأثرياء الملاذات الضريبية لتجنب دفع نصيبهم العادل من الضرائب. ونتيجة لذلك، ينقص التمويل الضروري للخدمات الحيوية، مثل التعليم والرعاية الصحية.

  • المستفيدون والخاسرون

تستفيد الشركات الكبرى والأثرياء من خلال المحافظة على ثرواتهم المتنامية، بينما يعاني الجمهور من تدهور الخدمات العامة بسبب نقص التمويل.

السياسات التنظيمية

الهيئات التنظيمية، مثل «هيئة الأوراق المالية والبورصات» و«الاحتياطي الفيدرالي»، التي يفترض بها أن تحمي الجمهور من الفساد المالي، أصبحت أسيرة للشركات التي يُفترض أن تعمل على تنظيم عملها.

الخلاصة

يستنتج مقال «إيكونوميك كولابس»، أن النظام المالي الأميركي، مصمم لإثراء القلة واستغلال الأغلبية. ويضيف أن هذا النظام المالي ليس معيباً، بل إنه مصمم بعناية لتحقيق هدف واضح، وهو إثراء نخبة صغيرة على حساب الشعب، حيث جرى تنظيم كل جانب من جوانب الاقتصاد -من «التيسير الكمي»، إلى التلاعب بالأسهم- لضمان استمرار تزايد ثروة الأغنياء.

ويختم بالقول: «إذا لم يتحرك الشعب للمطالبة بإصلاحات جذرية، فستستمر عمليات النهب هذه دون رادع، وستزداد الفجوة بين الأثرياء وبقية الشعب، ما يهدد المستقبل المالي للجميع».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC