الأسر الألمانية تعطي الأولوية للادخار على الإنفاق
تردد الأسر عقبة أمام أي تعاف قوي للاقتصاد
رغم التحسن في بيانات مؤشر ثقة المستهلك الألماني، فإن البيانات جاءت دون التوقعات، تزامناً وإظهار حالة من عدم اليقين لدى الأسر الألمانية بشأن آفاق النمو الاقتصادي، ما يقود الأسر إلى تفضيل الإدخار على الإنفاق، وهو ما يعرقل تحقيق الاقتصاد الأكبر في أوروبا لتعافٍ قوي ومستدام.
ارتفع مؤشر ثقة المستهلك الألماني الصادر عن مؤسسة «جي إف كي» للشهر الثالث على التوالي، مسجلاً -19.9 نقطة في يونيو، وهو أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2024، إلا أن القراءة أقل بقليل من التوقعات البالغة -19.7 نقطة.
في مطلع الشهر الجاري تعهدت الحكومة الألمانية الجديدة بزيادة الاستثمار وتحفيز الاقتصاد بشكل كبير بعد عامين من الانكماش، في حين أظهرت البيانات التعافي المفاجئ في بيانات النمو خلال الربع الأول من العام الجاري، وهو ما اعتبره خبراء وبنوك عالمية نمواً غير متكرر.
في مايو، ارتفعت توقعات الدخل بمقدار 6.1 نقطة لتصل إلى 10.4 نقطة، وهو أفضل مستوى لها منذ أكتوبر من العام الماضي، وارتفعت التوقعات الاقتصادية بمقدار 2.9 نقطة لتصل إلى 13.1 نقطة، وهو أعلى مستوى لها منذ أبريل 2023.
وفقاً لرولف بوركل من المعهد الوطني لسوق التوفير، لا يزال المزاج العام متدهوراً للغاية، مع استمرار تصاعد حالة عدم اليقين بسبب التوترات التجارية العالمية، وتقلبات أسواق الأسهم، والمخاوف المستمرة من عام آخر من الركود الاقتصادي.
أضاف الخبير الاقتصادي لدى المعهد الوطني للأسواق المالية (نورمبرغ): «يقود المزاج الاقتصاد الأوسع إلى تشجيع المخاوف الأسر على إعطاء الأولوية للادخار على الإنفاق».
يتوقع مؤشر مناخ المستهلك الاستشرافي ارتفاعاً قدره 3.7 نقطة ليصل إلى -20.6 نقطة في مايو 2025، مقارنةً بـ -24.3 نقطة في أبريل، مسجلاً أفضل قراءة منذ أوائل عام 2024، ولكنه لا يزال سلبيًا للغاية.
يُبرز الاستطلاع الشهري، الذي نشرته مؤسسة «جي إف كي» ومعهد نورمبرغ للأسواق المالية (NIM)، أن ارتفاع توقعات الدخل وانخفاض الميل إلى الادخار ساعدا في تحسين المعنويات، حتى مع تحسن التوقعات الاقتصادية الأوسع نطاقاً بشكل طفيف فقط.
أسهم الانخفاض الملحوظ في الرغبة بالادخار في دعم التحسن العام في ثقة المستهلكين، فبعد شهرين من الارتفاع، انخفض مؤشر الادخار بمقدار 5.4 نقطة ليصل إلى 8.4 نقطة في أبريل.
ويعزو المحللون هذا الانخفاض بشكل رئيس إلى انحسار حالة عدم اليقين السياسي عقب محادثات الائتلاف الناجحة التي مهدت الطريق أمام حكومة ألمانية فاعلة.
قال رولف بوركل، خبير شؤون المستهلكين في المعهد الوطني للأسواق المالية: «إعادة تنظيم السياسة التجارية للإدارة الأميركية لم يُحدث تأثيراً مستداماً على مزاج المستهلكين الألمان حتى الآن».
أضاف بوركل: «يبدو أن الحل السريع للأزمة السياسية في الداخل قد خفف من عامل رئيس لعدم اليقين، ما أدى إلى تراجع سلوك الادخار الاحترازي لدى الأسر».
في إشارة إلى الاتجاه الإيجابي في معنويات الدخل، ارتفع مؤشر الرغبة في الشراء بمقدار 3.3 نقطة ليصل إلى -4.9. ورغم استمرار انخفاضه، إلا أنه يُشير إلى انتعاش مستدام من أدنى مستوياته المسجلة في بداية العام 2023، عندما بلغ -18.7.
مع ذلك، يُحذّر الاستطلاع من أن المكاسب المستقبلية تتوقف على بقاء التضخم مستقراً قرب هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2%، وأي عودة للشكوك، لا سيما إذا تصاعدت التوترات التجارية العالمية، قد تُعرقل الاتجاه الصعودي الهش في طلب المستهلكين.
ارتفعت التوقعات الاقتصادية بشكل طفيف للشهر الثالث على التوالي، مسجلةً ارتفاعاً قدره 0.3 نقطة لتصل إلى 7.2 نقطة في أبريل.
يأتي هذا الثبات النسبي رغم تخفيضات جديدة في توقعات النمو في ألمانيا، حيث يواجه الاقتصاد الآن انكماشاً للعام الثالث على التوالي، وهو حدث غير مسبوق في حقبة ما بعد الحرب.
◄ تجاهلت الأسواق حتى الآن البيانات الاستهلاكية المتباينة، وبحلول الساعة 8:20 بتوقيت غرينتش، انخفض اليورو بنسبة 0.2% ليصل إلى 1.14 مقابل الدولار.
◄ ارتفعت الأسهم الأوروبية، وارتفع مؤشر «يورو ستوكس 50» بنسبة 0.5%، وازداد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.7%، وتفوق مؤشر «فوتسي إم آي بي» الإيطالي على منافسيه، مرتفعاً بنسبة 1.5%.
◄ من بين الأسهم الألمانية، تصدرت أسهم «راينميتال إيه جي»، «دويتشه بنك»، و«إم تي يو للمحركات الجوية» المكاسب، بارتفاعات بلغت 5.6% و4.1% و2.7% على التوالي.
◄ كانت أسهم «دويتشه بورس»، و«بورش»، و«مرسيدس-بنز» في القائمة الحمراء، بانخفاضات بلغت 5% و4.8% و1.3% على التوالي.
يُشير التحسن الطفيف في ثقة المستهلك الألماني إلى تعافٍ هش في ظل الاضطرابات الاقتصادية العالمية، وقد تُهدد النزاعات التجارية مع الولايات المتحدة وتقلبات أسواق الأسهم استقرار الاقتصاد الألماني، ما يُعزز أهمية الاستراتيجيات الاقتصادية النوعية.
مع خفض توقعات النمو لعام 2026 بسبب هذه الضغوط، قد يواجه الاقتصاد الأوروبي الثالث عالمياً، تداعياتٍ سلبية، ما يدفع صانعي السياسات إلى البحث عن حلول متوازنة واستشرافية لإنعاش النمو المتباطئ.
ومع ترقب المستهلكين الألمان للآفاق الاقتصادية للبلاد، يتوخى المستثمرون الحذر أيضاً، إذ يعزز ارتباط حذر المستهلكين بتقلبات سوق الأسهم الحاجة إلى استراتيجيات سوقية يقظة.
في غضون ذلك يراقب المستثمرون مؤشرات النمو القوي والاستقرار قبل الاندفاع نحو شراء الأسهم، ورغم تزايد التوقعات الاقتصادية، فإن الميل المتزايد للادخار قد يعني نمواً محدوداً في السوق يقوده المستهلكون في المستقبل القريب.