11 شهراً على نهاية فترة ولاية جيروم باول
تقديرات تشير إلى خفضين إضافيين محتملين للفائدة 2025
مع التصعيد في الشرق الأوسط، وبعد الضربة الأميركية المباشرة لإيران، كثف الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجومه على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، مستخدماً سياسة جديدة تعتمد على تفريق أعضاء المجلس واجتذاب مؤيدين لتنفيذ مطالباته.
في غضون ذلك طرح ترامب، مرة أخرى، فكرة إقالة جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي «الفيدرالي»، الذي طالما هاجمه بسبب أسعار الفائدة التي يريد خفضها، لتتزايد الضغوط التي تتعرض لها سوق الأسهم العالمية.
وما بين التوترات الجيوسياسة والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط، والتوترات التجارية وحرب التعريفات الجمركية وتدخلات ترامب في السياسة النقدية لأكبر بنك مركزي في العالم، تقف سوق الأسهم العالمية مكتوفة الأيدي أمام طوفان من الضغوط المكثفة.
كتب ترامب في منشور مطوّل على موقع «تروث سوشيال» منتقداً سياسة الاحتياطي الفيدرالي: «لا أعرف لماذا لا يتجاوز المجلس (باول، ربما فقط، سأضطر إلى تغيير رأيي بشأن إقالته، ولكن بغض النظر، ستنتهي فترة ولايته قريباً».
وأضاف: «أتفهّم تماماً أن انتقادي الشديد له يجعل من الصعب عليه (جيروم باول) القيام بما ينبغي، وهو خفض أسعار الفائدة، لكنني جرّبت كل الطرق».
جاء ذلك بعد أن أبقى بنك الاحتياطي «الفيدرالي» أسعار الفائدة ثابتة يوم الأربعاء في نطاق 4.25–4.50%، وخفض المعدل بمقدار نقطة مئوية كاملة خلال عام 2024، متوقعاً تباطؤ النمو وكذلك ارتفاع معدلات البطالة والتضخم بحلول نهاية العام.
في المقابل وخلال مؤتمره الصحفي بعد الاجتماع، تمسك باول بموقف البنك الحذر، مشيراً إلى أن رسوم ترامب التجارية الجديدة قد تؤدي إلى تسارع التضخم؛ ما يستدعي التريث في اتخاذ قرارات جديدة بشأن خفض الفائدة.
وفق التوقعات الصادرة عن مجلس الاحتياطي «الفيدرالي» لا تزال التقديرات تشير إلى احتمال إجراء خفضين إضافيين للفائدة خلال عام 2025، بينما تم تقليص التوقعات بشأن التخفيضات المحتملة في عام 2026.
قال ترامب: «شعرت بخيبة أمل واضحة، كنت أتمنى توجهاً أكثر مرونة من جانب البنك، لا سيما بعد صدور بيانات اقتصادية أظهرت تباطؤاً في الإنفاق الاستهلاكي وثقة المستهلك، إلى جانب فتور في سوق العمل».
قال والر، الذي انضم إلى مجلس المحافظين في عام 2020 بعد أن رشحه ترامب خلال ولايته الأولى: «أبقينا أسعار الفائدة على حالها طوال ستة أشهر، اعتقاداً منا بأن التعريفات الجمركية ستؤدي إلى صدمة تضخمية كبيرة، لكن ذلك لم يحدث، وعموماً، ينبغي أن تستند سياستنا النقدية إلى البيانات».
في الوقت ذاته دعا كريستوفر والر، عضو مجلس محافظي «الفيدرالي»، والذي ينظر إليه على نطاق واسع كأحد أبرز المرشحين لخلافة جيروم باول في رئاسة المجلس، إلى خفض الفائدة بدءاً من الشهر المقبل، مستبعداً أن تؤدي الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب إلى موجة تضخمية جديدة.
جاءت تعليقات والر بعد تثبيت «الفيدرالي» للفائدة للاجتماع الرابع على التوالي في قرار صدر بالإجماع، بعد خفضها بمقدار نقطة مئوية واحدة خلال عام 2024.
قالت ماري دالي، رئيسة «الفيدرالي» في سان فرانسيسكو، عبر بيان معد للنشر: « أصبحت أقل قلقاً بشأن تأثير التعريفات الجمركية على التضخم، مشيرة إلى أنه في حين أنها لم ترجح خفض الفائدة في يوليو، إلا أن احتمالات اتخاذ هذا القرار في الخريف ستكون أكبر».
أضافت دالي: «لا أعتقد أن المخاوف بشأن التضخم كبيرة مثلما كانت عندما تم الإعلان عنها في البدء»، وتابعت: «لكن لا يمكننا الانتظار لفترة طويلة بحيث ننسى أن أساسيات الاقتصاد تتحرك في اتجاه قد يكون تعديل أسعار الفائدة معه ضرورياً».
وتشير سوق العقود الآجلة، إلى توقع المستثمرين خفضين للفائدة كل منهما بواقع ربع نقطة مئوية هذا العام اعتباراً من أكتوبر.
ظهر الانقسام في مجلس الاحتياطي «الفيدرالي» حول ما إذا كان سيواصل التحوط ضد مخاطر التضخم أو المضي قدما بشكل أسرع في خفض أسعار الفائدة، في أول تعليقات علنية من صانعي السياسة النقدية بعد قرار الفائدة في الأسبوع الماضي بتثبيت تكاليف الاقتراض.
في هذا السياق، اعتبر كريستوفر والر، عضو مجلس محافظي الاحتياطي «الفيدرالي»، أن تأثير الرسوم الجمركية على التضخم سيكون قصير الأمد على الأرجح، مضيفاً أنه يرى إمكانية استئناف خفض تكاليف الاقتراض ربما من الشهر المقبل.
من المقرر أن يصدر «الفيدرالي» قراره التالي بشأن السياسة النقدية وأسعار الفائدة في 30 يوليو المقبل.
في إشارة إلى الانقسام الواضح بين أعضاء لجنة السايسة النقدية المفتوحة، قال باول: «لا يتمسك أحد بمسارات الفائدة هذه بكثير من القناعة، في ضوء بلوغ عدم اليقين مثل هذه المستويات المرتفعة».
بينما تشير التقديرات الاقتصادية المعلنة وفقاً لاجتماع «الفيدرالي» الماضي، إلى أن 10 أعضاء في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ما زالوا يرجحون خفضين أو أكثر للفائدة العام الجاري، كل منهما بمقدار ربع نقطة مئوية.
لكن يتوقع سبعة من أعضاء اللجنة حالياً عدم خفض «الفيدرالي» الفائدة، بينما يرجح عضوان خفضها مرة واحدة.
كتب ريك رايدر، كبير مسؤولي الاستثمار في الدخل الثابت العالمي لدى «بلاك روك» والذي يشرف على أصول بقيمة 2.4 تريليون دولار تقريباً: «عدد مسؤولي (الفيدرالي) الذين يعتقدون في وجوب عدم خفض الفائدة قد تزايد. لكن من الواضح أن هناك تبايناً في الآراء داخل اللجنة».
ويتمحور النقاش داخل «الفيدرالي» حول ما إذا كان ينبغي تثبيت تكاليف الاقتراض عند مستويات مرتفعة بسبب التوقعات بأن تعريفات ترامب الجمركية ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار، أم خفضها لتعويض أي ترنح سيشهده النمو الاقتصادي.
تعد الفائدة، التي يتراوح نطاقها بين 4.25% و4.5%، أعلى مما يطلق عليه المعدل المحايد للفائدة، والذي لا يسرع النمو الاقتصادي أو يبطؤه، لإنها تتجاوز معدلات التضخم التي تنخفض حالياً عن 3%.
طالما اعتُبر رؤساء مجلس الاحتياطي «الفيدرالي» في مأمن من الإقالة الرئاسية لأسباب غير سوء التصرف أو سوء السلوك، لكن ترامب هدد باختبار هذه الفرضية القانونية من خلال تهديداته المتكررة بإقالة باول.
منذ بداية ولايته وحتى قبل ان يتم تنصيبه، أبدى ترامب معارضة واضحة لرئيس «الفيدرالي»، إلا أنه كثيرا ما تراجع عن تلك التهديدات؛ إذ قال في البيت الأبيض منذ أقل من أسبوعين: «لن أقوم بإقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول».
تنتهي ولاية رئيس «الفيدرالي» جيروم باول في مايو 2026، ومن المتوقّع أن يرشّح ترامب خلفا له في الأشهر المقبلة، علماً أن ترامب هو من اختار باول خلال فترة ولايته الأولى.