حاج عمر: 90% من العمالة سورية وربط مباشر مع 78 محطة في 60 دولة
حاج عمر: موانئ دبي ستستثمر 800 مليون دولار على ثلاث مراحل في طرطوس
في خطوة وصفها مدير عام الموانئ في سوريا عدنان حاج عمر، بأنها «رؤية استراتيجية لإعادة تموضع سوريا على خارطة التجارة البحرية الإقليمية والدولية»، أعلنت الحكومة السورية عن توقيع عقد امتياز مع شركة موانئ دبي العالمية لتشغيل وإدارة مرفأ طرطوس لمدة 30 عاماً.
يوضح حاج عمر في تصريحات خاصة لـ«إرم بزنس» أن الاتفاق هو عقد امتياز (Concession Agreement) يمنح موانئ دبي العالمية حق إدارة وتشغيل المرفأ لمدة ثلاثة عقود، مع التزام الشركة بتقديم نظام تشغيل خلال ستة أشهر من الاستلام، وبموافقة الهيئة العامة للموانئ البحرية. وتبلغ قيمة الاستثمارات المتوقعة نحو 800 مليون دولار، ما يمثل دفعة قوية للبنية التحتية البحرية السورية.
يشير حاج عمر إلى أن الشركة مسؤولة عن الإدارة والتشغيل الكامل للمرفأ، بما في ذلك المناولة، والتزويد، والتخزين، والحركة البحرية، إلا أنها غير معنية بالجوانب الأمنية والسيادية والجمارك، التي تبقى تحت إشراف الدولة السورية وسلطات الموانئ البحرية.
بحسب مدير عام الموانئ، تبقى الحكومة السورية هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن اتخاذ التدابير الأمنية داخل الميناء، وتحتفظ بكامل صلاحياتها في السماح أو المنع بالدخول، مؤكّداً أن لموانئ دبي دوراً تشغيليّاً فقط دون أي تدخل في القرارات السيادية.
أكد حاج عمر أن الاستثمار سيُنفذ على ثلاث مراحل واضحة، تبدأ بأربع سنوات استثمارية بقيمة 200 مليون دولار، بمعدل 50 مليون دولار سنوياً، تليها مرحلة ثانية بقيمة 200 مليون دولار، وأخيراً مرحلة ثالثة بقيمة 400 مليون دولار.
أوضح أن تنظيم حركة السفن يتم بتنسيق كامل بين موانئ دبي والسلطات السورية، بما يضمن سلاسة العمليات واستمرار الرقابة الوطنية، في حين توفر الشركة خدمات المناولة بكفاءة عالية.
يشير حاج عمر إلى أن الدولة السورية، ممثلة بالهيئة العامة للموانئ البحرية، ستحصل على نسبة 45% من إجمالي الإيرادات الشهرية، والتي تُحصّل بالليرة السورية أو العملات الأجنبية.
أشار إلى أن اختيار موانئ دبي جاء بناءً على سجلها الطويل في تشغيل وإدارة الموانئ عالمياً، وقدرتها على تحويل المرافئ إلى مراكز تشغيل متطورة، إلى جانب التزامها بالاستثمار طويل الأمد، واتصالها بشبكات لوجستية تدعم التجارة السورية، فضلاً عن قدراتها التقنية الحديثة وخبرتها في تعزيز الاقتصادين المحلي والإقليمي.
يشرح حاج عمر أن لجنة توجيهية مشتركة تشرف بالتساوي بين الجانبين على تنفيذ العقد ومتابعة الالتزامات، بينما تخضع الشركة لرقابة كاملة من الجهة المانحة، بما يشمل الأداء، التوظيف، البيانات، وغيرها من تفاصيل التشغيل.
يتضمن العقد، بحسب حاج عمر، خطة شاملة لتطوير البنية التحتية للمرفأ، تشمل تعميق الغاطس لاستقبال سفن تجارية حديثة، توسيع الأرصفة الحالية، تجهيزها بأنظمة مناولة متطورة، واعتماد خطط صيانة دورية تضمن استدامة التشغيل، وذلك بموافقة الهيئة السورية بعد تقديم الدراسات التفصيلية في السنة الأولى.
يُبرز حاج عمر وجود مجموعة من الضمانات التعاقدية والقانونية، مثل لجان متابعة دائمة، وشروط جزائية في حال التأخير، وجداول تنفيذ تفصيلية مرتبطة بمراحل محددة (Milestones)، وآليات فض نزاعات سريعة، ومراقبة صارمة لجودة الخدمات.
كما يوضح أن العقد يُلزم موانئ دبي باستخدام عمالة سورية بنسبة لا تقل عن 90% من إجمالي القوى العاملة، مع تدريب الكوادر الإدارية والفنية سنوياً داخلياً وخارجياً، مع عدم تجاوز نسبة العمالة الأجنبية 10%.
يؤكد حاج عمر أن مرفأ طرطوس سيرتبط مباشرة بشبكة موانئ دبي العالمية، التي تدير أكثر من 78 محطة بحرية وبرية في أكثر من 60 دولة، ما يتيح ربط المرفأ بموانئ استراتيجية مثل جبل علي، وجدة، والعقبة، والعين السخنة، ويجذب خطوط شحن كبرى مثل CMA CGM، Maersk، MSC.
يقول حاج عمر إن الاستثمار يهدف إلى تحويل المرفأ إلى منصة لوجستية متقدمة على الساحل الشرقي للمتوسط، عبر رفع قدرة الاستيعاب، تنويع أنواع البضائع، تحديث الأرصفة والمعدات، تحسين الخدمات البحرية، واعتماد أنظمة ذكية لإدارة الحركة الملاحية.
يشير حاج عمر إلى أن المشروع يأتي ضمن رؤية وطنية شاملة لإعادة إعمار البنية التحتية الحيوية، ويمثل خطوة جديدة في استكمال الشراكات الاستراتيجية في المرفأ، ما يعيد تكوين العمود الفقري للاقتصاد السوري، ويعزز ربط سوريا بالأسواق الإقليمية والدولية.
يؤكد أن الدولة السورية تحتفظ بكامل الملكية القانونية للبنية التحتية، ولا ينطوي العقد على أي تنازل سيادي أو نقل ملكية، بل يُمنح لموانئ دبي حق الاستخدام الحصري فقط خلال مدة العقد.
أوضح أنه في حال فشل التسوية الودية، يُحال النزاع إلى هيئة تحكيم مكونة من ثلاثة محكمين وفق قواعد غرفة التجارة الدولية (ICC) في لندن، ويطبق القانون السوري، وتُعد قرارات التحكيم نهائية وملزمة.
نوه حاج عمر بأنه لا يتم استملاك أي أراض محيطة بالمرفأ، بل تمنح الشركة حق الانتفاع الحصري لأجزاء محددة، لدعم عمليات التوسعة أو اللوجستيات، وفق ما يُحدّد لاحقاً.
يشير حاج عمر إلى أن تطوير الموانئ في طرطوس واللاذقية سيترك أثراً مباشراً على الاقتصاد المحلي، من خلال رفع الطاقة الاستيعابية، تحسين الطلب على الخدمات، تحفيز قطاعات متعددة، خلق وظائف، وإعادة تنشيط الثقة الاقتصادية في المنطقة الساحلية.
يختتم حاج عمر حديثه بتوضيح الفوائد المباشرة للمواطن السوري، مثل انخفاض تدريجي في كلفة الشحن، ما ينعكس على أسعار السلع، خلق فرص عمل إضافية، تحسين الموارد المحلية عبر الرسوم والعوائد، وتعزيز مستوى المعيشة والخدمات العامة في الأحياء المحيطة.