logo
اقتصاد

«موانئ دبي» في طرطوس.. ما أهمية أكبر صفقة حتى الآن في سوريا؟

«موانئ دبي» في طرطوس.. ما أهمية أكبر صفقة حتى الآن في سوريا؟
جانب من توقيع الاتفاقية بين العامة للمنافذ البرية والبحرية وموانئ دبي العالميةالمصدر: وكالة سانا
تاريخ النشر:16 مايو 2025, 09:32 ص

في خطوة اقتصادية مفصلية، وقّعت الحكومة السورية مذكرة تفاهم مع شركة موانئ دبي العالمية (DP World) بقيمة 800 مليون دولار لتطوير وإدارة ميناء طرطوس على البحر المتوسط.

يأتي توقيع الاتفاق يوم 15 مايو 2025 بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتزامه رفع العقوبات عن سوريا، ما مهد الطريق أمام هذه الصفقة غير المسبوقة، وتعد المذكرة أكبر اتفاقية من نوعها حتى الآن لحكومة سوريا الانتقالية، في مؤشر على انفتاح البلاد مجدداً على الاستثمارات الأجنبية عقب سنوات العزلة وفقاً لرويترز. 

تفاصيل الصفقة ومضمونها

تشمل الصفقة تطوير وإدارة وتشغيل محطة متعددة الأغراض في ميناء طرطوس، إلى جانب إقامة مناطق صناعية وتجارية حرة ضمن محيط الميناء.

 وبموجب مذكرة التفاهم، سيتعاون الجانبان على إنشاء موانئ جافة ومحطات لنقل البضائع في عدد من المناطق الاستراتيجية داخل سوريا.

 ومن المتوقع أن تتضمن خطة التطوير تحديث البنية التحتية للميناء وتعزيز قدراته التشغيلية عبر تزويده بمعدات حديثة وأنظمة متطورة لمناولة الحاويات والبضائع.

وقال الخبير الاقتصادي أسامة القاضي لـ«إرم بزنس» إن الاتفاقية الموقّعة مع شركة «موانئ دبي العالمية» تمثل خطوة استراتيجية بالغة الأهمية، من شأنها أن تعيد رسم ملامح مرفأ طرطوس بشكل جذري.

 وأوضح القاضي أن «سوريا ستستفيد من خبرة شركة تدير واحداً من أعظم مرافئ العالم، وهو ميناء جبل علي، الذي تصل قدرته الاستيعابية إلى نحو 20 مليون حاوية سنوياً».

وأضاف أن الاتفاقية ستسهم في توسيع الأرصفة وتعميق الممرات المائية في الميناء، فضلاً عن إدخال مفاهيم متقدمة تتعلق بالموانئ الجافة وخدمات إصلاح السفن، وهو ما سيفتح المجال أمام الاستفادة من الخبرات المحلية في الساحل السوري، لا سيما في مجال صيانة المراكب.

أخبار ذات صلة

وزير الاقتصاد السوري: موجة استثمارات لم تشهدها البلاد منذ عقود

وزير الاقتصاد السوري: موجة استثمارات لم تشهدها البلاد منذ عقود

تصريحات رسمية وتأكيدات الالتزام

قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» إن هذه الشراكة تأتي في إطار سعي سوريا إلى جذب الاستثمارات الأجنبية لإنعاش اقتصادها المتعثر بعد حرب دامية استمرت سنوات.

ووصف مسؤولون سوريون الاتفاق بأنه نقلة نوعية ستسهم بخلق فرص عمل جديدة وزيادة حركة البضائع عبر البلاد.

 كما اعتبرتها وسائل إعلام غربية خطوة محورية في إعادة إحياء البنية التحتية البحرية لسوريا وتعزيز موقعها الاستراتيجي بحوض المتوسط وفقاً لـ«رويترز»ـ مع توقعات بأن يُسهم المشروع في زيادة التبادل التجاري وتحفيز النمو الاقتصادي على الصعيدين المحلي والإقليمي.

الأهمية الاستراتيجية لميناء طرطوس

يحظى ميناء طرطوس بأهمية استراتيجية واقتصادية كبرى في سوريا والمنطقة. فهو ثاني أكبر موانئ البلاد بعد ميناء اللاذقية على الساحل السوري، ويشكل منفذاً رئيسياً للتجارة البحرية السورية إلى الأسواق العالمية.

كما يتمتع الميناء بموقع حيوي على البحر المتوسط يجعله محوراً مهماً لحركة الشحن الإقليمي، وقد كان تاريخياً محور اهتمام القوى الدولية.

جدير بالذكر أن ميناء طرطوس يحتضن أيضاً القاعدة البحرية الروسية الوحيدة في البحر المتوسط، والتي أُنشئت في حقبة الاتحاد السوفيتي وفقاً لـ(BBC Monitoring).

وبسبب موقعه وقدراته، يُنظر إلى تطوير طرطوس على أنه مفتاح لإعادة ربط الاقتصاد السوري بالأسواق الخارجية وتسريع وتيرة إعادة الإعمار، فضلاً عن تحويل سوريا إلى مركز لوجستي يخدم خطوط التجارة بين الشرق الأوسط وأوروبا.

وتشير تقديرات إلى أن تطوير الميناء سيزيد طاقته الاستيعابية الحالية التي تبلغ نحو 4 ملايين طن و20 ألف حاوية سنوياً، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على قطاع النقل البحري السوري ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون التجاري مع دول الجوار.

أخبار ذات صلة

تركيا تدخل لعبة المنافسة على الموانئ.. من يملك مفاتيح البحر السوري؟

تركيا تدخل لعبة المنافسة على الموانئ.. من يملك مفاتيح البحر السوري؟

خلفية سياسية وتمهيد الصفقة

لم يكن إتمام هذه الصفقة ممكناً لولا التطورات السياسية الأخيرة في المشهد السوري والدولي. فقد شهد الأسبوع نفسه إعلاناً مفاجئاً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته إلى العاصمة السعودية الرياض، أعرب فيه عن خططه لرفع جميع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.

 وأرجع ترامب قراره إلى مباحثات جمعته مع كل من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث حثّته قيادتا البلدين بقوة على إنهاء العقوبات لإنعاش الاقتصاد السوري.

 كما التقى ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع على هامش قمة بالرياض، في أول اجتماع من نوعه بين رئيس أميركي وقائد سوري منذ ربع قرن.

وفي خطوة لافتة مطلع عام 2025، ألغت السلطات السورية الجديدة عقد إدارة ميناء طرطوس مع شركة روسية كان قد وُقّع في عهد الأسد عام 2019، وذلك بدعوى عدم تنفيذ تلك الشركة التزاماتها الاستثمارية المتفق عليها.

وهيأت هذه التحولات المجال أمام دخول شركات عالمية مثل موانئ دبي العالمية للاستثمار والعمل في سوريا دون مخاطر قانونية.

آفاق اقتصاد سوريا بعد الصفقة

يعكس اتفاق تطوير ميناء طرطوس انفراج في المناخ الاستثماري السوري، ويمثل بارقة أمل لاقتصاد منهك تقلّص حجمه إلى مستويات غير مسبوقة خلال 14 عاماً من الحرب والعقوبات.

وتطمح دمشق أن يكون هذا المشروع بداية انتعاش اقتصادي شامل، حيث صرّح وزير المالية السوري حديثاً بأن «سوريا اليوم أرض الفرص الواعدة في كل القطاعات»، مؤكداً رؤية الحكومة بأن يلعب القطاع الخاص دوراً محورياً في إعادة الإعمار.

 ومن المتوقع أن تشجع هذه الصفقة مستثمرين آخرين من المنطقة والعالم على دخول السوق السورية، خصوصاً في ظل تأكيد المسؤولين الأميركيين أن رفع العقوبات يهدف إلى تمكين الشعب السوري من المضي قدمًا على طريق التعافي وفقاً لرويترز.

 ومع إزالة العوائق التي كانت تفصل سوريا عن النظام المالي العالمي، يُنظر إلى اتفاق ميناء طرطوس كخطوة أولى كبيرة نحو إعادة دمج الاقتصاد السوري في منظومة التجارة الدولية وجذب رؤوس الأموال الضرورية لإعادة البناء والنمو.

واعتبر القاضي أن هذا المشروع «يمثّل إنجازاً اقتصادياً مهماً وخطوة نحو تعميق العلاقات مع الأشقاء العرب، وخصوصاً دولة الإمارات، في إطار صفحة جديدة من التعاون الاستثماري الأخوي».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC