ارتفعت تكاليف التأمين على شحن البضائع عبر البحر الأحمر بأكثر من الضعف خلال الأيام القليلة الماضية، في أعقاب هجومين نفذّتهما جماعة الحوثي اليمنية على سفينتين، أسفرا عن مقتل 4 بحارة على الأقل، بحسب ما أفادت به مصادر في قطاع النقل البحري لوكالة "رويترز"، اليوم الخميس.
الهجمات الأخيرة جاءت بعد فترة من الهدوء النسبي، لكنها أعادت المخاطر إلى الواجهة في ممر مائي حيوي تمر عبره كميات ضخمة من النفط، والبضائع العالمية.
وتشير التقديرات إلى أن الملاحة في البحر الأحمر تراجعت، بشكل كبير، منذ بدء الحوثيين هجماتهم على السفن التجارية قبالة السواحل اليمنية في نوفمبر 2023، في حملة وصفتها بأنها دعم للفلسطينيين في حرب غزة.
ووفقاً للمصادر، فقد قفزت علاوات التأمين على مخاطر الحرب إلى نحو 0.7% من قيمة السفينة، مقارنة بـ 0.3% فقط الأسبوع الماضي، وهو ما يمثل زيادة حادة في ظل امتناع بعض شركات التأمين عن تقديم التغطية لرحلات تمر عبر هذا المسار.
وأشارت بعض شركات التأمين إلى أن الأسعار المحددة لفترة تغطية مدتها 7 أيام ارتفعت إلى 1% من قيمة السفينة، وهو ما يعادل ذروة أسعار التأمين التي سجلت، في العام 2024، حين كانت الهجمات شبه يومية، الأمر الذي يضيف مئات الآلاف من الدولارات على تكلفة كل شحنة.
من جانبه، قال نيل روبرتس، رئيس قسم النقل البحري والطيران في «لويدز ماركت أسوشيشن» التي تمثل مصالح شركات التأمين في «لويدز أوف لندن»، إن الهجمات الأخيرة تسلط الضوء مجدداً على ضرورة توخي الحذر عند اتخاذ قرار الشحن عبر البحر الأحمر.
وفي تفاصيل الهجمات، ذكرت مصادر ملاحية أن الحوثيين استهدفوا، أمس الأربعاء، السفينة اليونانية «إترنيتي سي»، ما أسفر عن مقتل 4 بحارة من أصل 25 فرداً كانوا على متنها، في حين تم إنقاذ 4 آخرين، اليوم الخميس، من البحر.
وأعلنت الجماعة الحوثية أنها تحتجز بعض أفراد الطاقم الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً.
وكانت سفينة يونانية أخرى قد غرقت، يوم الإثنين الماضي، في هجوم آخر أعلنت الجماعة مسؤوليتها عنه، ما يرفع وتيرة التصعيد البحري في المنطقة.
ووفق تحليل بيانات الشحن، تبين أن بعض السفن التي تم استهدافها، مؤخراً، كانت قد رست في موانئ إسرائيلية العام الماضي، وهو ما قد يكون أحد أسباب اختيارها كأهداف من قبل الحوثيين.
وتشير تقديرات مسؤولين أميركيين إلى أن الحوثيين شنّوا أكثر من 100 هجوم على سفن تجارية خلال الفترة من نوفمبر 2023 إلى ديسمبر 2024.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت، في مايو الماضي، عن اتفاق يهدف إلى وقف هذه الهجمات مقابل تعليق القصف الأميركي، إلا أن الحوثيين أكدوا أن الاتفاق لا يشمل السفن المرتبطة بإسرائيل.
وفي هذا السياق، قالت مصادر في قطاع التأمين إن شركات التأمين باتت تتجنب تغطية أي سفينة لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بإسرائيل، في ظل تصاعد المخاطر.
وقال مونرو أندرسون، رئيس العمليات في شركة «فيسيل بروتيكت» المتخصصة في تأمين الشحن ضد مخاطر الحرب، إن ما نشهده، حالياً، هو عودة إلى معايير الاستهداف التي شهدناها في منتصف العام 2024، حيث تُستهدف أي سفينة تحمل صلة، ولو بعيدة، بإسرائيل، مضيفاً: «مع الغموض... تأتي المخاطر».