حقوق الملكية الفكرية في الفعاليات الرياضية الكبرى والبطولات العالمية تحظى باهتمام كبير؛ فهي تمثل الرابط بين القانون والتجارة، وتلعب دوراً محورياً في حماية أصول البطولة وعلاماتها التجارية من جهة، وفي تعزيز الإيرادات وزيادة الأرباح للمنظمين والرعاة والدول المستضيفة من جهة أخرى.
من المتوقع أن تستضيف منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا العديد من البطولات العالمية والفعاليات الترفيهية الكبرى في السنوات القادمة، مثل كأس العالم 2030 في المغرب، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، وكأس العالم 2034 في السعودية، واحتمالية استضافة الألعاب الأولمبية في قطر عام 2036. ومن هنا تأتي الحاجة الملحة لتضافر الجهود من أجل رفع الوعي وتعزيز المعرفة بقوانين الملكية الفكرية في هذه المنطقة.
أهمية الملكية الفكرية تكمن في منح الجهة المنظمة للبطولات الحق في استخدام شعارات البطولة، والتمائم، وحقوق البث التلفزيوني، والسلع التجارية وغيرها، لشركات محددة تُسمى «الرعاة» أو «المساهمين»، مقابل دعم هذه الشركات للحدث الرياضي مادياً. ويجب على الجهات المنظمة توفير حماية فعالة لهذه الحقوق، ومنع الشركات غير الراعية أو غير المصرح لها من ربط اسمها بالبطولة بأي شكل من الأشكال، لأن ذلك قد يؤدي إلى تقويض ثقة الرعاة في استثماراتهم، وبالتالي يهدد نجاح البطولة وانتشارها عالمياً.
يحدث التسويق المضلل عندما تقوم شركات أو أفراد بزج أنفسهم وربط اسمهم التجاري بالحدث الرياضي أو الترفيهي دون إذن رسمي من المنظمين، بهدف الاستفادة من شعبيته دون دفع رسوم الرعاية. هل هذه الحملات مخالفة للقانون؟ ليس دائماً. ففي بعض الحالات، خاصة عندما تستخدم الشركات غير المصرح لها العلامات التجارية الرسمية لأغراض تجارية، تصدت قوانين الملكية الفكرية، بما في ذلك قوانين العلامات التجارية والمنافسة غير المشروعة، لمثل هذه الحملات.
ومع ذلك، عندما تستخدم بعض الشركات الحدث الرياضي دون استخدام أصول الملكية الفكرية مباشرة، يصبح من الصعب ملاحقتها قانونياً. ولكنها تقوض الحقوق الحصرية للرعاة الرسميين، وتضعف قيمة العلامة التجارية، ما يؤدي إلى خسائر مالية وسمعية لكل من المنظمين والرعاة.
تتحول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسرعة إلى مركز عالمي للرياضة، من خلال استقطاب لاعبين عالميين للدوريات المحلية، واستضافة بطولات عالمية. إلا أن تطبيق قوانين الملكية الفكرية في هذا السياق لا يزال في طور النمو. وقد شكل كأس العالم 2022 في قطر نقطة تحول، حيث أصدرت قطر القانون رقم (10) لعام 2021، الذي تضمن إجراءات قانونية غير مسبوقة لحماية حقوق الفيفا ومكافحة التسويق المضلل. على سبيل المثال:
المادة 18 تحظر أي نشاط تسويقي أو تجاري قد يُضلل المستهلكين، ما يجعلهم يظنون أن هناك موافقة من الفيفا. كما تمنع استخدام التذاكر في العروض الترويجية أو السحوبات أو الباقات التجارية دون موافقة صريحة من الفيفا.
المادة 28 تقيد الإعلانات ضمن «المناطق التجارية الخاضعة» (بمسافة 2 كم حول الملاعب)، مع فرض عقوبات جنائية بموجب المادة 38.
على الرغم من هذه الخطوات، تظل هناك تحديات رئيسة، مثل المدة الزمنية المحدودة والسرعة المطلوبة لمعالجة التسويق المضلل. غالباً ما يكون من الصعب اتخاذ إجراءات قانونية خلال فترة قصيرة مثل بطولة رياضية، ما يستدعي وضع استراتيجيات وخطط تنفيذية مسبقة.
بينما تستعد المنطقة لاستضافة المزيد من الفعاليات الرياضية العالمية، تواجه تحديات تتعلق بالملكية الفكرية، أهمها نقص الوعي العام حول ماهية الانتهاك والفجوات المعرفية لدى وكالات الإعلام المحلية، والشركات الصغيرة، والمنظمين بشأن حدود استخدام العلامات التجارية. إذا لم تُعالج هذه الثغرات، فقد يُثني ذلك الرعاة الدوليين عن المشاركة، لأنهم يعتمدون على حماية قانونية قوية لاستثماراتهم.
لذا، يُعد التعليم والتوعية أمران بالغا الأهمية لحماية الملكية الفكرية. وتتمثل الخطوات العملية في:
تسهم هذه الجهود التوعوية في تقليل المخاطر، وتعزيز الثقة مع الشركاء الدوليين، وضمان نجاح الفعاليات بشكل قانوني وآمن. إن حماية الملكية الفكرية ليست مجرد متطلب قانوني، بل هي أساس تجاري لأي فعالية رياضية ناجحة.
ومع تأكيد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمكانتها في المشهد الرياضي العالمي، يجب أن يتحول التركيز نحو نشر الوعي والجاهزية القانونية لمواجهة التسويق المضلل بإطار قانوني قوي، وفهم عام، وتطبيق استراتيجي مدروس.