تشهد معدلات الإشغال بقطاع بيوت العطلات في الإمارات ارتفاعاً متواصلاً، رغم التوسع اللافت في عدد الوحدات المعروضة خلال السنوات الثلاث الماضية؛ ما يعكس قوة الطلب من جانب المستهلكين على قطاع لا يزال في مهده.
مقابل هذا النمو، يواجه الملاك تحديات متزايدة تتعلق بالتكاليف المرتبطة بإدارة منزل لقضاء العطلات، إضافة إلى تقلب الإيرادات، لدرجة أن أصحاب العقارات قد يفضلون استقرار الأرباح الذي يوفره المستأجر طويل الأمد، وفقاً لتقرير نشره موقع AGBI.
بحسب بيانات شركة «برايس لابز» (PriceLabs) لإيجارات العطلات والفنادق، ارتفع عدد بيوت العطلات من 14,459 وحدة في يناير 2022 إلى ذروته عند 43,884 وحدة في ديسمبر 2023. غير أن العدد تراجع خلال الأشهر الستة التالية بشكل متواصل، ليصل إلى 34,398 وحدة في يونيو 2025.
يعزو المحللون الانخفاض جزئياً إلى سحب بعض الملاك وحداتهم من السوق مؤقتاً، سواء للانتقال إليها أو عرضها للبيع أو التوقف المؤقت عن التأجير.
حيدر طعيمة، مدير ورئيس قسم الأبحاث العقارية لدى «فاليو سترات» (ValuStrat) المتخصصة في الاستشارات والأبحاث العقارية، قال: «في بعض الحالات، يشتري الملاك وحدات على المخطط، وبعد استلام المفاتيح، يقررون عرضها للبيع، لكنهم في الوقت نفسه يؤجرونها كمنازل لقضاء العطلات مؤقتاً».
ورغم أن كلاً من دبي وأبوظبي سجّلتا زيادة في أعداد الزوار من المقيمين لليلة واحدة خلال العام الجاري مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2024، فإن التكاليف المرتفعة المرتبطة بتشغيل الوحدات السياحية تدفع بعض الملاك إلى تفضيل الاستقرار المالي الذي يوفره المستأجر طويل الأجل.
تشمل هذه التكاليف رسوم الخدمات والبلدية وفواتير الكهرباء والمياه، إلى جانب عمولة تصل إلى 25% من العائدات في حال الاعتماد على شركة إدارة.
أشار طعيمة أيضاً إلى أن «تأجير الوحدات قد يكون أكثر ربحاً بشكل طفيف من حيث صافي الدخل، لكن ذلك يعتمد على المنطقة وحجم الوحدة، فعلى سبيل المثال، الطلب على الشقق المكونة من غرفة واحدة أعلى بكثير من الاستوديوهات، كما أن تأجير الوحدة كمكان إقامة سياحي يمنح المالك مرونة أكبر؛ إذ يمكنه بيعها وهي خالية أو الانتقال للعيش فيها».
وشهدت قوانين تنظيم الإيجارات قصيرة الأجل في الإمارات تطوراً خلال السنوات الماضية، إذ سمحت دبي في العام 2013 للمؤسسات بتأجير المنازل لقضاء العطلات، قبل أن توسع نطاق السماح ليشمل الملاك الأفراد في العام 2016. أما أبوظبي، فقد بدأت بتنظيم هذا النوع من الإيجارات في العام 2020؛ ما أسهم في نمو السوق الخاصة بالمنازل السياحية.
بحسب تحليل أجرته AGBI لبيانات «برايس لابز»، فإن قطاع المنازل السياحية في الإمارات يحقق أداءً قوياً خصوصاً في موسم الذروة بين نوفمبر ومارس، حيث سجّلت مؤشرات رئيسة مثل نسب الإشغال ومتوسط العائد اليومي والإيرادات لكل وحدة تحسناً ملحوظاً.
وفي مايو 2025، تجاوز معدل الإشغال في الإمارات معدلات مدن كبرى مثل لندن وولايات مثل نيويورك وكاليفورنيا، كما فاق متوسط العائد اليومي نظيره في سنغافورة ومدريد.
لكن هذه المتوسطات تخفي تبايناً كبيراً بين المناطق، إذ تؤدي المناطق الطرفية إلى خفض المعدل العام، وتختلف شروط الإقامة من وحدة إلى أخرى، مثل الحد الأدنى لعدد الليالي. إذ لفت طعيمة: «هناك الكثير من التفاصيل الدقيقة التي تؤثر في بيانات الإشغال العامة».
رغم النمو، تبقى بيوت العطلات في الإمارات خالية من الإشغال بنسبة تصل إلى 38% من الوقت، ما يشير إلى وجود فائض نسبي في العرض.
وقد أدّى هذا التنافس بين الملاك إلى استقرار نسبي في الأسعار اليومية خلال السنوات الأخيرة، إذ ارتفع متوسط العائد اليومي من 194 دولاراً في بداية 2022 إلى ذروته عند 221 دولاراً في موسم شتاء 2023-2024، قبل أن ينخفض إلى 207 دولارات في شتاء العام الماضي، وفق التقرير.
يعني ذلك أن الأرباح الصافية من تأجير الوحدات السياحية لا تكون بالضرورة أعلى من تلك التي يوفرها تأجير الوحدة بعقد طويل الأجل، ففي هذه الحالة، يتحمل المستأجر أغلب التكاليف التشغيلية، ولا تكون هناك حاجة إلى شركة إدارة، كما أن الدخل يكون ثابتاً شهرياً.
في السياق ذاته، تشير بيانات شركة «سافيلز» (Savills) للاستشارات العقارية إلى أن العائد الإيجاري في دبي بلغ 5.3% في ديسمبر 2024، وهو ثاني أعلى عائد في مدن العالم الكبرى.