أظهرت بيانات حديثة صادرة عن ثلاث شركات استشارية هذا الأسبوع أن سوق العقارات في دبي تشهد تحوّلاً نوعياً نحو مرحلة أكثر نضجاً واستقراراً، مع بروز توجهات طويلة الأمد تحل محل أنماط الاستثمار قصير الأجل، سواء في القطاع السكني أو التجاري.
ورغم تباطؤ وتيرة نمو الأسعار، فإن الأسس التي يستند إليها السوق تزداد متانة، بحسب البيانات التي نقلها موقع AGBI.
أظهرت تقارير «نايت فرانك» (Knight Frank) و«سَفِلز» (Savills) أن أسعار الفلل والمكاتب عالية الجودة في دبي واصلت ارتفاعها خلال الربع الثاني من عام 2025، إلا أن وتيرة الارتفاع أصبحت أكثر اعتدالاً مقارنة بالزيادات الحادة التي شهدتها الأعوام الماضية؛ ما يشير إلى اتجاه أكثر توازناً.
ووجد تقرير «نايت فرانك» أن السوق السكني يقدّم مؤشرات واضحة على النضج الهيكلي، إذ أصبح عدد أكبر من المشترين يقتنون العقارات بغرض الاستخدام الشخصي، وليس لغرض الاستثمار، وذلك على النقيض من الوضع السائد قبيل الأزمة المالية العالمية في 2008، التي سبقت انهيار سوق دبي العقاري في العام التالي.
وأشار التقرير إلى أن إعادة بيع الوحدات السكنية خلال أقل من 12 شهراً، وهي مؤشر على تقلبات السوق، باتت تمثل ما بين 4 إلى 5% فقط من المعاملات، مقارنة بـ25% في 2008، بحسب رئيس قسم العقارات السكنية لدى «نايت فرانك» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويل ماكينتوش.
أما في القطاع التجاري، فقد ارتفعت إيجارات المكاتب الفاخرة 36% على أساس سنوي، مع سعي الشركات إلى مساحات أكبر لتوسعة أعمالها، بحسب «سَفِلز».
مع ذلك، أشارت الشركة إلى أن أسعار الإيجارات بقيت مستقرة خلال الربع الماضي في 11 من أصل 23 منطقة ترصدها؛ ما يمثل تحولاً عن النمو المنتظم في عام 2024 ويدل على دخول السوق مرحلة «أكثر توازناً».
قالت مديرة الأبحاث لدى «سَفِلز» في الشرق الأوسط، رايتشل كينرلي: «المناطق الرئيسة لا تزال تشهد طلباً قوياً، لكننا نلاحظ الآن توجه المستأجرين إلى استراتيجيات مدروسة أكثر، تشمل تأمين المساحات المستقبلية مسبقاً أو التوجه إلى مناطق ناشئة توفر خيارات أكثر تنافسية من حيث الأسعار».
حددت «سَفِلز» منطقتي «دبي الجنوب» و«مدينة إكسبو» كمواقع مرشحة للاستفادة من هذا التوجه، لما توفره من مكاتب أكبر، وإيجارات أقل، وتحسينات في البنية التحتية للنقل.
وأظهر تقرير «نايت فرانك» أن أسعار المنازل في دبي ارتفعت بنسبة 13.7% على أساس سنوي خلال الربع الثاني، في حين ارتفعت أسعار الفلل بنسبة 16%. وبلغ عدد المعاملات السكنية أكثر من 51,000 وحدة مباعة بين شهري أبريل ويونيو، في رقم قياسي فصلي جديد.
ووصلت قيمة معاملات البيع السكني خلال النصف الأول من عام 2025 إلى 268 مليار درهم، بزيادة قدرها 41% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وإذا استمر هذا الزخم، فإن 2025 في طريقه لتجاوز الرقم القياسي المسجل في عام 2024 والذي بلغ 367 مليار درهم.
بدوره، أشار رئيس قسم الأبحاث بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في «نايت فرانك»، فيصل دوراني، إلى أن النمو المستمر في الأسعار مؤشر واضح على بيئة سوقية أكثر استقراراً وتوقعاً.
وأضاف: «مع استمرار الطلب القوي على المنازل المنفصلة المخصصة للعائلات، من المرجّح أن يستمر الفارق في الأداء السعري بين الفلل والشقق في الاتساع».
من جانبها، أظهرت شركة «فاليو سترات» (ValuStrat) في تقريرها للربع الثاني من العام أن سوق العقارات السكنية بالتملك الحر في دبي لا يزال يشهد نمواً خلال عام 2025، لكن بوتيرة أبطأ من العام السابق.
وارتفعت أسعار الشقق بنسبة تزيد على 19% على أساس سنوي، بينما ارتفعت أسعار الفلل بنسبة 28.7%، مقارنة بـ23.4% للشقق و33.4% للفلل في عام 2024.