وول ستريت
وول ستريتShutterstock

العمالقة الصغار.. الصين تتوسع في حربها التكنولوجية ضد أميركا

دخلت جهود الولايات المتحدة للحفاظ على تفوقها التكنولوجي وإبطاء تقدم الصين مرحلة جديدة الشهر الماضي مع إطلاق قانون الرقائق Chips، الذي يأمل في استخدام 53 مليار دولار من الدعم لجذب شركات صناعة الرقائق الرائدة في العالم لتصنيع أشباه الموصلات الأكثر تقدما في أميركا.

وفي حين تخطط الولايات المتحدة لضخ مبالغ ضخمة من المال في عدد من الشركات في محاولة للسيطرة على الإمدادات العالمية من تكنولوجيا واحدة حاسمة، فإن الصين تتبع استراتيجية مختلفة.

ففي السنوات الأخيرة، أعاد القادة الصينيون توجيه المزيد من التمويل الحكومي للمساعدة في بناء الاكتفاء الذاتي والهيمنة عبر مجموعة من الصناعات.

وتسعى الصين لتحقيق هذا الهدف من خلال برامج تديرها وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات التي تشرف على السياسة الصناعية.

ويقدم أحد برامج الدعم الحكومي لمجموعة مختارة تسمى "العمالقة الصغار" - وهي شركات صغيرة ناشئة ومتخصصة ترى الوزارة أنها تمتلك القدرة على منافسة وادي السيليكون الأميركية.

ويهدف برنامج آخر، يطلق عليه اسم "الأبطال الفرديين"، إلى تحديد ودعم الشركات المحلية التي أصبحت بالفعل - أو ستصبح قريبًا - قيادية عالميا في أسواق متخصصة مهمة.

وفي تقرير مفصل ذكرت مؤسسة فورس ديستانس تايمز Force Distance Times، وهي مجموعة أبحاث تمولها جزئيًا الصناعة التحويلية الأميركية، أن البرنامجين "يجب أن يكونا دعوة للانتباه إلى مدى تقدم وتعقيد وشمولية" السياسة الصناعية في بكين. وتأسست مؤسسة فورس ديستانس تايمز من قبل شركة الاستشارات الجيوسياسية Horizon Advisory ومقرها الولايات المتحدة، والتي تدعو إلى سياسات أكثر صرامة بشأن الصين.

إن قوائم وزارة الصناعة الصينية تكتظ بشركات غير بارزة تؤدي دورًا حاسمًا في المجالات الناشئة مثل الفضاء والطاقة المتجددة والإلكترونيات وأشباه الموصلات.

وبدأت برامج الصين في 2016 لكنها تسارعت في السنوات الأخيرة مع تكثيف الولايات المتحدة جهودها لقمع تقدمها التكنولوجي في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى جعل البلاد أكثر اكتفاء ذاتيا.

وتستمد الإلهام من عمل الباحث الألماني هيرمان سيمون، الذي صاغ مصطلح "الأبطال الخفيين" لوصف الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي يعتبرها حجر الأساس للقوة الصناعية لبلاده.

كتب ليو تشيبياو، المدير التنفيذي لمركز أبحاث التنمية الاقتصادية في جامعة نانجينغ، العام الماضي: "إن الارتقاء ببرنامج "الأبطال الخفيين" له أهمية حاسمة في استراتيجية البلاد لتصبح قوة عظمى في مجال التصنيع".

نما البرنامج إلى 952 شركة في عام 2021، والتي استندت إليها مؤسسة فورس ديستانس تايمز في تحليلها، من 98 شركة أولية.

وفي عام 2021، خصصت الوزارة 10 مليارات يوان، أو ما يعادل 1.4 مليار دولار، إعانات لإضافة أكثر من 1000 شركة جديدة إلى البرنامج بحلول عام 2025. واختارت أكثر من 9000 شركة حتى الآن.

ومن بين المجالات التي تظهر فيها السياسة الصناعية لبكين طموحًا خاصًا استكشاف الفضاء. حدد تقرير استند إلى وثائق حكومية وشركات، ما لا يقل عن 18 بطلاً و 43 عملاقًا صغيرًا من بين اختيارات وزارة الصناعة التي تنتج منتجات ومدخلات مهمة داخل سلسلة التوريد في صناعة الفضاء.

على سبيل المثال، تتخصص شركة GRIPM Advanced Materials Co. في مساحيق المعادن المتقدمة القائمة على النحاس المتناهية الصغر والمستخدمة في مكونات الفضاء المصممة بالطباعة ثلاثية الأبعاد مثل هوائيات الأقمار الصناعية وهي تابعة لشركة الصين للمعادن المملوكة للدولة، وتتصدر الإنتاج المحلي وتمثل ما يقرب من 38% من حصة السوق العالمية لمثل هذه المساحيق القائمة على النحاس، وفقا لشركة أبحاث السوق هواجينغ للأبحاث، وذلك من خلال الاستحواذ عام 2015 على شركة ماكين لمساحيق المعادن ومقرها المملكة المتحدة.

في مقابلات إعلامية، قالت الشركة إن هدفها أن تصبح أكبر منتج في العالم لجميع مساحيق المعادن - وليس فقط مسحوق النحاس. والعام الماضي، أطلق على إحدى الشركات التابعة لها التي استثمرت فيها اسم "عمالقة صغار" لتخصصهم في مساحيق المعادن الأخرى.

وتنتج شركة نينغبو يونغشين للبصريات عدسات الأقمار الصناعية التي استخدمت في ثلاثة من المسابير القمرية في الصين، فضلا عن المجاهر الفلورية المستخدمة على متن وحدة محطة الفضاء تيانخه في البلاد لدراسة تأثير الجاذبية الصغرى على الخلايا الحية. وقال مسؤولون أميركيون إن هذه التجارب تساعد في فهم تأثير البعثات الفضائية الممتدة على أجسام رواد الفضاء، وهو أمر حاسم لدفع استكشاف الفضاء على المدى الطويل.

وفي الوقت نفسه، تصنع شركة كومناف تكنولوجي ComNav Technology Ltd الناشئة رقائق كمبيوتر متخصصة لتحديد المواقع بدقة عالية، وتستخدم في أنظمة الأقمار الصناعية للملاحة العالمية مثل بيدو الصينية ونظام تحديد المواقع العالمي في الولايات المتحدة. وأكبر عملائها هي شركة South GNSS Navigation Co التي تنتج أجهزة استقبال عالية الدقة تتواصل مع الأقمار الصناعية لتثليث الإحداثيات على الأرض.

على سبيل المثال، سعت شركة الألمنيوم الصينية المحدودة المملوكة للدولة، وهي منتج رئيسي لمنتجات الألمنيوم على مستوى العالم، إلى تعزيز إنتاجها من الألمنيوم المتطور، وهو أمر مهم لصناعة الدفاع في البلاد وتستورد الصين منه ما يقرب من 300 ألف طن إلى 400 ألف طن، وفقًا لشركة الاستثمار Orient Securities Co.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com