غرامات تصل إلى 800 ألف دولار وسجن عامين لمخالفي قانون حماية البيانات
يفتح التحول الرقمي المتسارع في المملكة العربية السعودية آفاقاً جديدة وفرصاً متزايدة أمام المستشارين القانونيين وخبراء حماية البيانات وشركات البرمجيات، في ظل تبني المملكة معايير صارمة لحماية البيانات في كل من القطاعين العام والخاص.
ويُعدّ قانون حماية البيانات الشخصية، الذي دخل حيّز التنفيذ الكامل في عام 2023، الركيزة الأساسية لإطار حوكمة البيانات في المملكة، وبات يشكّل وفقاً لتقرير نشره موقع AGBI، خطوة تنظيمية محورية ضمن جهود السعودية لتحديث بنيتها الرقمية.
ورغم منح المؤسسات فترة سماح للامتثال، أصبح الالتزام الكامل للقانون الآن إلزامياً، مع فرض غرامات قد تصل إلى 3 ملايين ريال سعودي، نحو 800 ألف دولار، بالإضافة إلى عقوبات بالسجن تصل إلى عامين، وهي سابقة نادرة في تشريعات حماية البيانات عالمياً.
يستند القانون السعودي في الكثير من أحكامه إلى «اللائحة العامة لحماية البيانات» (GDPR) المعتمدة في الاتحاد الأوروبي، لكنه يتجاوزها من خلال تضمين مواد إضافية تتعلق بتصنيف البيانات وتخزينها. كما يتكامل القانون مع المعايير الصادرة عن «مكتب إدارة البيانات الوطنية»، مما يشكّل إطاراً مزدوجاً يتّسم بالطموح والتعقيد.
وترى السلطات السعودية أن حوكمة البيانات تمثّل عنصراً محورياً في تحقيق أهداف «رؤية المملكة 2030». ويهدف الإطار القانوني إلى تمكين الجهات من الاستفادة المثلى من البيانات لدعم السياسات العامة، مع الحفاظ على التوافق مع المعايير الدولية. غير أن هذا التوجه يفرض تحديات على المؤسسات الحكومية والخاصة التي يتوجب عليها التكيّف مع المتطلبات المتزايدة.
الشريك المؤسس لشركة «غوفرناتا» (Governata) السعودية المتخصصة في تطوير البرمجيات جهاد سنان، أكّد أن الجهات التنظيمية تمارس ضغوطاً متزايدة على المؤسسات لتحسين حوكمة البيانات وتعزيز حماية البيانات الشخصية، إلى جانب الامتثال للعديد من قواعد الأمن السيبراني.
وتعمل «غوفرناتا» على تطوير برمجيات متخصصة لمساعدة الجهات على الامتثال لمعايير «مكتب إدارة البيانات الوطنية». وقد شهدت الشركة طلباً متنامياً على منتجاتها، بدأ من الجهات الحكومية، وامتد لاحقاً إلى القطاع الخاص، لا سيما البنوك وشركات التأمين.
وأضاف سنان: «التشريعات في السوق المحلية تختلف عن مثيلاتها في أسواق أخرى، إذ لا تقتصر فقط على الخصوصية، وهنا رصدنا فجوة واضحة في السوق».
تشير استراتيجية الحكومة الرقمية في السعودية إلى رقمنة نحو 98% من الخدمات الحكومية، في خطوة تعكس التوجّه نحو منظومة إدارية رقمية متكاملة. هذا التقدّم يعزّز الحاجة إلى أنظمة موثوقة لحوكمة البيانات، وضوابط قوية للخصوصية، والتزام أوسع بالمعايير العالمية.
وأشارت المسؤولة في شركة «برايس ووتر هاوس كوبرز» (PwC) والمتخصصة في الأمن السيبراني، منى معمر أنّ «المملكة تمر بتحول رقمي واسع النطاق، فكل شيء في السعودية اليوم أصبح رقمياً».
وأوضحت معمر أن حماية البيانات أصبحت أولوية من الناحيتين التنظيمية والسمعية، مضيفة: «من حيث السمعة والصورة العامة، يُنظر إلى السعودية على أنها دولة تقدّر البيانات الشخصية وتحميها».
كما أشارت إلى أن التوافق مع معايير الحوكمة العالمية يُسهم في تذليل العقبات التنظيمية أمام الشركات الدولية الراغبة في العمل داخل المملكة.
وأضافت: «بالنسبة لعدد كبير من المؤسسات، تشكّل خصوصية البيانات مجالاً بالغ الأهمية. إذا نظرنا إلى قطاعات مثل البنوك، أو الرعاية الصحية، أو الخدمات المالية، أو حتى بعض الجهات الحكومية، نرى أنهم يتعاملون مع هذا الملف بجدية كبيرة».