يختار المسافرون الكنديون بشكل متزايد المكسيك بدلاً من الولايات المتحدة، في تحول سياحي يتزامن مع تزايد التوترات السياسية واستياء واسع النطاق من سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ووفقًا للبيانات الصادرة عن وزارة السياحة المكسيكية، ارتفع عدد المواطنين الكنديين الذين زاروا المكسيك بنسبة 15.6% في مارس مقارنة بالشهر نفسه في عام 2024.
وذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» أن عدد الليالي المحجوزة في المكسيك من قبل المستخدمين الكنديين ارتفع على منصة التأجير قصير الأجل (Airbnb) بنسبة 27% بين مارس 2024 ومارس 2025. وفي الوقت نفسه، انخفضت الحجوزات في الولايات المتحدة بنسبة 12%.
وقالت منصة حجز الفنادق «تريفاغو» إن الانخفاض في عمليات البحث الكندية عن أماكن الإقامة في الولايات المتحدة تم تعويضه من خلال الاهتمام المتزايد بالسفر المحلي وارتفاع بنسبة 20% على أساس سنوي في عمليات البحث عن المكسيك في الأشهر الثلاثة حتى مارس.
وكالة السفر عبر الإنترنت (Booking.com) قالت إن عمليات البحث في كندا عن أماكن الإقامة في مكسيكو سيتي ارتفعت بنسبة 49% في أبريل، مقارنة بالوقت نفسه من العام الماضي. كما قفز الاهتمام بالوجهات الشاطئية كانكون وسايوليتا وبلايا ديل كارمن بنسبة الخمس تقريبًا.
وفي المقابل، أفادت إحصائيات كندا بتراجع حركة السفر الجوي بين كندا والولايات المتحدة بنسبة 13.5%، بينما انخفضت الرحلات البرية عبر الحدود بنحو الثلث في نفس الفترة.
ويعزو المسؤولون في قطاع السياحة المكسيكي هذا التحول إلى تزايد التقارب بين البلدين.
وقالت وزيرة السياحة المكسيكية جوزيفينا رودريغيز زامورا في تصريحات لـ«فاينانشال تايمز» إن «الكنديين يختارون السياسات الأكثر ودية» من خلال زيارة بلدها بدلاً من الولايات المتحدة، موضحة أن العلاقة بين كندا والمكسيك أصبحت أكثر من مجرد علاقة تجارية، بل تطورت لتصبح «كأنها أخوة».
كما ساهمت التوترات بين كندا والولايات المتحدة في زيادة الغضب العام، وذلك بسبب السياسات التجارية العدوانية لترامب، بما في ذلك تهديدات بفرض رسوم جمركية قاسية وتعليقات مثيرة للجدل حول إمكانية ضم أراضٍ كندية.
وكذلك أثرت التقارير حول المعاملة القاسية التي يتعرض لها السياح الأجانب عند دخول الولايات المتحدة على تقليص عدد الزوار الكنديين.
وهذه التأثيرات لا تقتصر على كندا فحسب، إذ أفادت وزارة التجارة الأميركية بتراجع بنسبة 25% في عدد الرحلات الجوية من المكسيك إلى الولايات المتحدة في مارس، وهو أول انخفاض على أساس سنوي منذ عام 2022، وفق «فاينانشال تايمز».
المتخصصون في صناعة السفر في كندا يلاحظون الأثر المباشر لهذا التحول.
وقال مكينزي مكملان، مستشار السفر في «فانكوفر»: «من الواضح أن هناك زيادة مستمرة في السفر إلى المكسيك»، مضيفًا أن العملاء يختارون عمدًا المكسيك بدلاً من كاليفورنيا، والمكسيك سيتي بدلاً من نيويورك، كنوع من «الاحتجاج».
واستجابت شركات الطيران بسرعة لهذا التحول في الطلب، إذ أعلنت كل من «إير كندا» و«إير ترانسات» مؤخرًا عن خطوط طيران جديدة مباشرة إلى غوادالاخارا، وزيادة عدد الرحلات إلى الوجهات المكسيكية الشهيرة مثل بويرتو فالارتا ولوكا بوس.
ويأتي هذا التحول في تدفقات السياح في وقت حرج بالنسبة لاقتصاد المكسيك، الذي يتوقع صندوق النقد الدولي أن يدخل في حالة ركود هذا العام، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية الأميركية.
وشكلت السياحة 8.6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، وتباطأ نمو السياحة في العام الماضي، لكنه ظل أعلى من نمو الاقتصاد الأوسع.