logo
شركات

شركات أميركا الكبرى تراهن على تسريح الموظفين لتحقيق نمو أسرع

شركات أميركا الكبرى تراهن على تسريح الموظفين لتحقيق نمو أسرع
لافتات مضيئة تزين مركز تنفيذ طلبات «أمازون» في وارينغتون، المملكة المتحدة، 18 يوليو 2018.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:18 يونيو 2025, 03:01 م

تتجه كبرى الشركات الأميركية نحو تقليص أعداد موظفيها الإداريين، في تحول لافت عن المفهوم التقليدي الذي كان يربط بين زيادة التوظيف والنمو الاقتصادي.

وبحسب تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن الشركات العامة الأميركية خفّضت أعداد موظفيها من ذوي الياقات البيضاء بنسبة 3.5% خلال السنوات الثلاث الماضية، بينما شهدت واحدة من كل خمس شركات ضمن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» تقلصاً في إجمالي القوى العاملة خلال العقد الماضي.

أخبار ذات صلة

شركات أوروبية تلجأ لتسريح العمال وسط تباطؤ اقتصادي حاد

شركات أوروبية تلجأ لتسريح العمال وسط تباطؤ اقتصادي حاد

ولا يعد هذا التوجه مجرد إجراء تقليدي لخفض التكاليف، بل يمثل تحولاً عميقاً في الفلسفة الإدارية. ففي وقت سابق، كانت زيادة التوظيف تُعتبر مؤشراً على نمو المبيعات والثقة بمستقبل الأعمال، أما اليوم، فالتوسّع في التوظيف قد يُنظر إليه كدليل على خلل في إدارة الموارد.

ويرى قادة شركات كبرى أن التقدّم في تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكّن المؤسسات من تنفيذ المزيد من المهام بعدد أقل من الموظفين.

وأكد الرئيس التنفيذي لشركة «أمازون»، أندي جاسي، في مذكرة داخلية مؤخراً، أن صعود الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى إلغاء العديد من الوظائف خلال الأعوام المقبلة، مشدداً على أن «أفضل القادة هم من ينجزون أكبر قدر من المهام بأقل عدد من الموارد».

كما أعلنت شركة «بروكتر آند غامبل» في يونيو الجاري أنها ستستغني عن 7000 وظيفة، أي نحو 15% من موظفيها غير العاملين في خطوط الإنتاج، في إطار خطة لإعادة هيكلة الفرق وتوسيع نطاق المهام.

وكذلك كشفت شركتا «إستي لودر» و«ماتش غروب» المالكة لتطبيقات المواعدة، عن تخفيضات مماثلة، شملت نحو 20% من المناصب الإدارية.

من جهتها، قالت المديرة المالية لشركة «هيوليت باكارد إنتربرايز»، ماري مايرز، إن «الهيكل الأكثر تسطيحاً يُسرّع وتيرة الأداء»، مشيرة إلى أن الشركة باتت تضم أقل من 59 ألف موظف، وهو أدنى مستوى لها منذ أن أصبحت كياناً مستقلاً قبل عقد.

ويتعارض هذا الاتجاه مع الدورة الاقتصادية المعتادة التي تشهد عادة تسريح موظفين خلال فترات الركود، ثم إعادة التوظيف مع تحسن الأوضاع.

أخبار ذات صلة

«تشالنجر»: تراجع في تسريح العمال في الولايات المتحدة خلال أبريل

«تشالنجر»: تراجع في تسريح العمال في الولايات المتحدة خلال أبريل

ولكن في الحالة الحالية، جاءت عمليات التقليص وسط ازدهار في الأرباح والمبيعات، حيث سجلت أرباح الشركات الأميركية رقماً قياسياً بنهاية عام 2024، وفقاً لبيانات «الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس».

ويتزايد الاهتمام بالكفاءة أيضاً على مستوى الإدارة، حيث أظهرت بيانات «لايف داتا تكنولوجيز» أن الشركات الأميركية قلّصت عدد المديرين بنسبة 6.1% بين مايو 2022 ومايو 2025، بينما انخفضت المناصب التنفيذية العليا بنسبة 4.6%.

وفي «بنك أوف أميركا»، تراجعت طبقات الإدارة من 13 إلى 7 منذ 2010، بينما انخفض عدد الموظفين من 285 ألفاً إلى 213 ألفاً، رغم ارتفاع الإيرادات بنسبة 18% خلال الفترة ذاتها.

ويُنظر اليوم إلى «الإيرادات لكل موظف» كمؤشر أساسي على الكفاءة التشغيلية، ففي شركة «غريندر»، ضاعفت الإيرادات لكل موظف خلال عامين، بعدما عمدت إلى تقليص التوظيف والاعتماد على أدوات إنتاجية رقمية.

أما شركة «موديرنا»، فقد طرحت تحدّياً يتمثل بإطلاق 10 منتجات جديدة دون زيادة في عدد الموظفين.

كما أظهرت شركات مثل «شوبيفاي» و«دولينغو» نهجاً حذراً في التوظيف، حيث بات شرط إثبات أن الوظيفة غير قابلة للأتمتة أساساً لأي توظيف جديد.

وقالت المديرة التنفيذية لشركة «لاتِس» إنهم كانوا يتوقعون توظيف 50 شخصاً لإطلاق منتج جديد في مجال الرواتب، لكن بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، احتاجوا أقل من 10 موظفين.

أما شركة «وولمارت»، فقلّصت عدد موظفيها بنحو 100 ألف شخص خلال العقد الماضي، رغم توسعها في التجارة الإلكترونية وتحقيقها مبيعات بلغت 681 مليار دولار في عام 2024، بزيادة 40% مقارنة بعام 2014.

وقالت دونا موريس، المديرة التنفيذية للموارد البشرية في «وولمارت»، إن «العديد من الوظائف الحالية لم تكن موجودة قبل بضع سنوات، ونتوقع استمرار وتيرة التغيير».

وفي قطاع الشركات الناشئة، تقدم شركة «جولي» نموذجاً جديداً للأعمال الرشيقة، إذ تُحقق عائدات سنوية متوقعة تبلغ 50 مليون دولار عبر خمسة موظفين فقط.

ويؤكد المؤسس والرئيس التنفيذي، رايان بابنزين، أن النجاح لم يعد يتطلب توظيف أعداد كبيرة كما في السابق.

ويخطط لمضاعفة الإيرادات إلى 100 مليون دولار مع إضافة موظفَين فقط خلال السنوات المقبلة.

يبدو أن عصر "الإنجاز بأقل عدد من الموظفين" لم يعد توجهاً مؤقتاً، بل أصبح استراتيجية مركزية للنمو في كبرى الشركات الأميركية.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC