في تحول دراماتيكي يعكس إستراتيجيات المال الحديثة، تشهد ثروة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قفزة نوعية، ليس عبر ناطحات السحاب أو ملاعب الغولف، بل من خلال العملات المشفّرة والمشاريع الرقمية ذات العوائد السريعة.
فبينما يبدو أن ثروته الشخصية بالكاد تغيّرت منذ عودته إلى البيت الأبيض، من 6.5 مليار دولار إلى 6.4 مليار حالياً، تكشف الأرقام والصفقات عن خريطة ثروات جديدة تقوم على النفوذ، الاسم، والتكنولوجيا.
وبحسب تقرير صادر عن «بلومبرغ»، فإن التحول الأكبر في ثروة ترامب «لا يكمن في الأرقام المعلنة، بل في طريقة تحقيق الأرباح، حيث انتقل من نماذج الاستثمار التقليدي إلى مشاريع رقمية عالية السيولة والربحية، مثل: العملات المشفّرة، وصفقات الترخيص العالمية».
ففي الوقت الذي حققت فيه «منظمة ترامب» نحو 34 مليون دولار من صفقات الترخيص العقاري العام الماضي، ضاعفت مشاريع العملات المشفّرة هذا الرقم بعشرات المرات، مضيفةً ما لا يقل عن 620 مليون دولار إلى ثروته خلال أشهر، بفضل مشاريع، مثل «وورلد ليبرتي فاينانشال» وعملة «ميم كوين» التي تُتداول بناءً على ولاء القاعدة السياسية والشعبية لترامب.
مشروع «وورلد ليبرتي فاينانشال»، الذي أطلق عملته الرقمية الخاصة وعملة مستقرة باسم «يو إس دي 1»، مثّل منصة مالية غير تقليدية للعائلة.
وبحسب تقديرات «بلومبرغ»، فإن المبيعات تجاوزت 550 مليون دولار حتى مارس، منها 390 مليوناً دخلت حسابات العائلة، بالإضافة إلى امتلاكهم نحو 22.5 مليار رمز رقمي قد تتجاوز قيمتها 2 مليار دولار.
وهذه الأرقام لم تُدرج في صافي الثروة الرسمية نظراً لكونها غير قابلة للتحويل، لكن الشركة ألمحت، مؤخراً، إلى نيتها تعديل هذا الشرط.
كما تراجعت حصة العائلة في المشروع من 60% إلى 40% في يونيو، دون الكشف عن هوية المشترين.
وحصد المشروع دفعة قوية بعدما أعلنت شركة «إم جي إكس» الإماراتية استخدامها للعملة المستقرة في استثمار بقيمة 2 مليار دولار في منصة «بينانس»، التي يرأسها تشانغبينغ زاو المستشار الحالي لـ«وورلد ليبرتي»، والذي يسعى للحصول على عفو رئاسي أميركي بعد مخالفات قانونية.
مثَّلت عملة «ترامب» التي طُرحت خلال أسبوع التنصيب الرئاسي، تجربة سياسية مالية فريدة.
وتمتلك العائلة 80% من العملة عبر «سي آي سي ديجيتال»، وتُقدر قيمتها الحالية بـ150 مليون دولار، مع احتياطيات مستقبلية تتجاوز 7 مليارات دولار ستُتاح تدريجياً خلال السنوات الثلاث المقبلة.
واستُخدمت هذه العملة في حملات ترويجية، أبرزها دعوة كبار المالكين إلى حفل خاص مع ترامب في ناديه بفرجينيا، وهي فعالية جذبت نُخبة من المستثمرين والسياسيين، ووصفتها الاحتجاجات الخارجية بـ«حفل المحتالين».
وفي استثمار أكثر تقليدية ولكن بنتائج كبيرة، حصل منتجع «ترامب ناشيونال دورال» في ميامي على موافقة لبناء 1500 وحدة سكنية فاخرة، ما رفع تقييمه من 350 مليون دولار إلى 1.5 مليار.
في الوقت ذاته، تستعد العائلة لدخول البورصة عبر مشروع «أميركان بيتكوين» الذي أُطلق عبر بنك استثماري صغير مقرب من العائلة.
والمشروع، الذي سيندمج مع شركة «غريفون ديجيتال ماينينغ» المدرجة في ناسداك، يُقدّر حالياً بأكثر من 3 مليارات دولار، رغم أن أصوله لا تتعدى 120 مليوناً.
المثير في مشهد الثروات الجديد ليس فقط الأرقام، بل الطريقة، لا سيما أن كل مشروع يحمل اسم ترامب يحظى بدفعة جماهيرية واستثمارية هائلة، حتى وإن كانت أصوله الفعلية متواضعة.
وفي اقتصاد يعتمد على الولاء السياسي و«البراند الشخصي»، يبدو أن ثروة ترامب في مرحلتها الثانية لا تُبنى على الإسمنت والحديد، بل على الرموز والمضاربات.