كشفت بيانات الوظائف الأميركية الأخيرة عن مؤشرات تحذيرية تعكس هشاشة سوق العمل، من بينها ضعف التوظيف في القطاع الخاص، وتركّز الوظائف الجديدة في قطاعات محدودة، إلى جانب تراجع في عدد ساعات العمل.
رغم أن الاقتصاد أضاف 147 ألف وظيفة في يونيو، متجاوزاً معظم التقديرات في استطلاع «بلومبرغ»، إلا أن هذه الزيادة تعود بشكل أساسي إلى ارتفاع التوظيف في قطاع التعليم الحكومي المحلي والولائي، وهو ما وصفه عدد من الاقتصاديين بأنه «محل شك».
وأشار اقتصاديون في «بانثيون ماكروإيكونوميكس»، من بينهم صامويل تومبس وأوليفر ألين، إلى أن مكتب إحصاءات العمل الأميركي ربما واجه صعوبة في تعديل البيانات الخام لتأخذ في الحسبان بداية الإجازة الصيفية المتأخرة هذا العام في بعض المناطق، وأضافوا أن من المتوقع أن تتلاشى هذه الزيادة إما على الفور أو بحلول سبتمبر.
وبالفعل، فإن بيانات التوظيف في قطاع التعليم الحكومي (دون تعديل موسمي) أظهرت تراجعاً في يونيو.
عند استثناء التوظيف الحكومي، يظهر التقرير أضعف زيادة في الوظائف منذ أكتوبر الماضي، فقد أضاف القطاع الخاص 74 ألف وظيفة فقط الشهر الماضي، أي نحو نصف عدد الوظائف المضافة في مايو.
والتوسع الكبير في التوظيف الذي شهده الاقتصاد أواخر العام الماضي بدأ يتلاشى، فقد شكّل قطاعا الرعاية الصحية والمساعدات الاجتماعية نحو 80% من مجمل الوظائف الجديدة في القطاع الخاص خلال يونيو، أما بقية القطاعات، فأضافت مجتمعة ما يقارب 15 ألف وظيفة فقط، وهو أدنى مستوى منذ ثمانية أشهر.
وسجلت قطاعات التجارة بالتجزئة والنقل والتخزين، إضافة إلى الترفيه والضيافة، زيادات طفيفة في عدد الوظائف، بينما شهدت قطاعات أخرى تراجعاً، وواصل قطاع الصناعة فقدان الوظائف للشهر الثاني على التوالي، مع انخفاض طفيف في وظائف صناعة السيارات، كما سجّل قطاع تجارة الجملة أكبر تراجع في التوظيف منذ أكثر من عام، أظهر «مؤشر الانتشار» – الذي يقيس مدى انتشار التوظيف عبر مختلف القطاعات – أن أقل من نصف القطاعات الأميركية زادت من عدد موظفيها في يونيو.
تراجع الطلب خلال العام دفع الشركات إلى تقليص عدد ساعات العمل، للمرة الأولى منذ بداية العام، ويولي الاقتصاديون هذا المؤشر اهتماماً خاصاً، لأن الشركات تميل أولاً إلى خفض الساعات قبل اللجوء إلى تسريح العمال عند تباطؤ النشاط الاقتصادي.
ظل «الأجر الأسبوعي الإجمالي» – الذي يجمع بين عدد الوظائف وساعات العمل والأجور – دون تغيير في يونيو، وهو أضعف أداء منذ 11 شهراً، ويُستخدم هذا المؤشر كمقياس غير مباشر للدخل الكلي للعاملين في الاقتصاد.
رغم أن معدل البطالة الإجمالي تراجع قليلاً، إلا أن بطالة العمال السود قفزت إلى أعلى مستوى منذ يناير 2022، مدفوعة بزيادة كبيرة في معدل بطالة الرجال السود.
ورغم غياب تفسير واضح لهذا الارتفاع الحاد، يلفت خبراء إلى أن العمال السود كانوا تاريخياً من أوائل الفئات التي تتأثر سلباً في فترات التباطؤ الاقتصادي، إذ إن الأميركيين من أصل إفريقي يتركزون بنسبة أعلى في القطاعات ذات الأجور المنخفضة، والتي تتأثر سريعاً عند تراجع النشاط.
وقالت إليز غولد، كبيرة الاقتصاديين في «معهد السياسات الاقتصادية»، إن «معدل البطالة لدى السود يتسم بتقلبات حادة بسبب صغر حجم العينة الإحصائية، لذلك من المهم مراقبة الاتجاه العام على مدى عدة أشهر. ومع ذلك، فإن وصول البطالة بين السود إلى 6.8% أمر يصعب تجاهله».