logo
اقتصاد

المصريون بين اكتناز الذهب وملكية العقار.. مقارنة عبر 3 عقود

المصريون بين اكتناز الذهب وملكية العقار.. مقارنة عبر 3 عقود
منظر جوي للعاصمة الإدارية لمصر، القاهرة 11 سبتمبر 2023المصدر: أ ف ب
تاريخ النشر:7 أغسطس 2025, 04:55 م

شهدت أسعار الذهب والعقارات في مصر خلال العقود الثلاثة الماضية ارتفاعات حادة، لكن بوتيرة وأسباب مختلفة، ما يعكس طبيعة كل أصل ودوره في الاقتصاد المحلي وحماية المدخرات في بيئة تتسم بعدم الاستقرار النقدي وتكرار تعويم الجنيه.

فيما يخص الذهب، فقد ارتفع سعر الغرام من عيار 21 من نحو 20 جنيهاً في أوائل التسعينيات إلى أكثر من 3500 جنيه في منتصف عام 2025، أي بما يعادل زيادة تقارب 175 ضعفاً. يعود هذا الصعود إلى عوامل متعددة، أبرزها التراجع المستمر في قيمة الجنيه أمام الدولار، والتقلبات الاقتصادية العالمية، واعتبار الذهب ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات والتضخم. وتُظهر بيانات «مجلس الذهب العالمي» أن الطلب على الذهب في مصر بلغ أعلى مستوياته في 2023 نتيجة تخفيض قيمة الجنيه ثلاث مرات خلال 18 شهرًا فقط.

أما العقارات، فرغم ارتفاعها القوي، فإن وتيرتها كانت أقل مقارنة بالذهب؛ فقد ارتفعت أسعار الوحدات السكنية في المدن الكبرى مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية بنحو 15 إلى 20 ضعفاً خلال الفترة نفسها. ففي حين كانت الشقق المتوسطة تُباع بأسعار تتراوح بين 50 و100 ألف جنيه في التسعينيات، تجاوزت الأسعار اليوم حاجز المليون جنيه للوحدة في معظم المناطق، وارتفعت وفق 5 ملايين جنيه في الأحياء الراقية، وفقاً لبيانات من «عقار ماب» وتقارير شركات تسويق عقاري مثل «سڤن سيتيز» و«بروبرتي فايندر».

أخبار ذات صلة

«رسوم التنازل».. هل تُربك سوق عقارات الساحل الشمالي في مصر؟

«رسوم التنازل».. هل تُربك سوق عقارات الساحل الشمالي في مصر؟

الاختلاف الجوهري بين الأصلين يتمثل في طبيعة الاستثمار: الذهب أصل سريع التسييل، تحركه الأسواق العالمية، ويتفاعل مباشرة مع سعر صرف الجنيه والتضخم. بينما العقار أصل محلي الطابع، يتأثر بعوامل داخلية مثل التوسع العمراني، وكلفة مواد البناء، والسياسات الحكومية تجاه الأراضي والإسكان.

كذلك، فإن العقار يتسم ببطء التداول ويحتاج إلى رأس مال أكبر، لكنه غالباً ما يوفر عوائد إيجارية منتظمة، بينما الذهب لا يدر دخلاً لكنه يحتفظ بالقيمة ويعد أداة للتحوط. وعليه، فإن الذهب كان الأسرع في الارتفاع من حيث النسبة المئوية، لكن العقارات شكّلت وسيلة أكثر استقرارًا وطويلة الأمد للادخار والاستثمار.

التوقعات المستقبلية

وفقاً لتقارير مؤسسات مثل «فيتش سولوشنز» و«كابيتال إيكونوميكس»، يُتوقع استمرار الضغوط على الجنيه المصري خلال النصف الثاني من 2025 بسبب فجوة التمويل الخارجي، وارتفاع الديون، مما يعني استمرار الطلب على الذهب كتحوّط. وتشير تقديرات محللين في سوق المعادن إلى أن سعر الذهب محلياً قد يصل إلى 4,000 جنيه للغرام إذا شهد الجنيه مزيداً من التراجع.

في المقابل، يتوقع أن تواصل العقارات في المدن الجديدة – لا سيما العاصمة الإدارية والعلمين – صعودها بوتيرة متسارعة مدفوعة باستثمارات حكومية كبرى وتوسع تملّك الأجانب، خصوصًا مع اتجاه الدولة لتسهيل إجراءات البيع للأجانب بالدولار، وهو ما قد يعزز الطلب ويؤدي إلى مزيد من ارتفاع الأسعار في السنوات المقبلة.

من حيث نسبة الزيادة، تفوّق الذهب بوضوح خلال العقود الثلاثة الماضية، أما من حيث الثبات وطول الأمد والعائدات الموازية، فقد احتفظ العقار بجاذبيته، ليبقى السؤال الأهم: هل سيكون العقد المقبل استمراراً لهذا الاتجاه أم بداية لتحوّل جديد في موازين الاستثمار الشعبي؟

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC