وأظهر تقرير لمجلس الشيوخ الفرنسي أن عدد المؤشرات الزراعية التي تحولت إلى اللون الأحمر في البلاد يزداد بكثرة، وأن فرنسا التي كانت تحتل المرتبة الثانية بين الدول المصدرة للمنتجات الزراعية في العالم، تراجعت إلى المرتبة الخامسة خلال 20 عاماً.
وتشير بيانات غرفة الزراعة في فرنسا، إلى تضاعف واردات المنتجات الزراعية والغذائية بين عامي 2000 و2021 ، لتتجاوز 65 مليار يورو في عام 2021 .
وتعاني ميزانية القطاع الزراعي في فرنسا من العجز منذ عام 2017، فيما تم تخفيضه عام 2022 إلى 853 مليون يورو.
ويرى كثيرون أن هناك تناقضاً صارخاً بين هذا العجز والقرار الحكومي القاضي بجعل الدفاع عن السيادة الغذائية أولوية قصوى.
ولم تنشأ هذه المشكلة مؤخراً، فسلسلة من المفاوضات السياسية بدأت منذ 30 عاماً بين الحكومة وحزب الخضر المدافع عن الطبيعة.
وقالت كريستيان لامبير، الرئيسة السابقة لمنظمة تدافع عن القطاع الزراعي: "قطعوا أذرعنا وأرجلنا فيما يتعلّق بالمنتجات النباتية الصحية وفي تربية المواشي وخصوصاً الأبقار".
كما تعارض منظمات غير حكومية إنشاء سدود جديدة للمياه، وتدافع عن رعاية الحيوانات، وتضاعف العقبات أمام تطوير أو الحفاظ على القدرة التنافسية الفرنسية.
وأحدث مثال على ذلك هو المعارضة العنيفة التي حدثت في أكتوبر الماضي من قبل المدافعين عن البيئة عندما عارضوا بناء مشروع يقضي بإنشاء حوض مائي في إحدى المناطق الفرنسية تدعى "دو سيفر".
وقال رئيس اتحاد منتجي الإجاص والتفاح دانيال سوفيتر، منتقداً بطريقة غير مباشرة السلطات: "نبدأ الحديث عن الاكتفاء الذاتي فقط عندما تختفي المنتجات من الرفوف في المتاجر" .
وفيما يعتبر التفاح والبطاطا الفاكهة المفضلة لدى الفرنسيين وأحد القطاعات القليلة التي لا تزال تتمتع بالاكتفاء الذاتي، ولكن التغيير في قواعد اللعبة عام 2024 في البساتين الفرنسية يمكن أن يغير الوضع، فقريباً، سيواجه مزارعو التفاح الفرنسيون مشاكل لا تحصى لحماية إنتاجهم من بعض الحشرات، لأن صلاحية الترخيص الأوروبي لمبيد الحشرات موفينتو (باير) ستنتهي العام المقبل، والمنتج الذي يمكن أن يكون البديل هو مادة تسمى "نيونيكوتينويد" وهي مادة محظورة في فرنسا.
وما زالت تزعج هذه المسألة المزارعين في الأرياف الفرنسية منذ 10 سنوات، وحتى الآن لا يزال العديد من القطاعات الزراعية دون بدائل فعالة ومنها قطاع التفاح الذي شهد انخفاضاً في صادراته من 700 ألف إلى 350 ألف طن في غضون عشر سنوات وهناك مخاوف من أن يتسارع هذا الانخفاض.
وفي عام 2020، بعد انخفاض إنتاج البنجر 70%، ضغطت باربرا بومبيلي، وزيرة التحول البيئي آنذاك، من أجل الحصول على استثناءات مؤقتة في استخدام مبيدات النيونيكوتينويد بغية محاربة ناقل المن من اليرقان.
وتم ذلك بنجاح إلى أن الغت محكمة العدل الأوروبية هذه الاستثناءات بقسوة في 19 يناير الماضي مع المطالبة بالتطبيق الفوري.
وهذا ما يمثّل كارثة للمزارعين الفرنسيين الذين لم يجدوا بعد ظهور بدائل موثوقة. وهذا على الرغم من خطة البحث الوطنية حول الموضوع التي تم إطلاقها في عام 2020.وبالنسبة لجيرانهم الأوروبيين، فبامكانهم استخدام بعض منتجات الرش التي لا تزال معتمدة عندهم.