logo
طاقة

ألمانيا تغيّر موقفها من الطاقة النووية.. وباريس ترحب

ألمانيا تغيّر موقفها من الطاقة النووية.. وباريس ترحب
محطة غوندرمينغن للطاقة النووية في ألمانيا، 13 ديسمبر 2023.المصدر: غيتي إيمجز
تاريخ النشر:19 مايو 2025, 03:41 م

تخلّت ألمانيا عن معارضتها الطويلة للطاقة النووية، في تحول سياسي كبير يمهّد الطريق لتعزيز التعاون في مجال الطاقة مع فرنسا، وربما يساهم في فك الجمود الذي يعرقل تشريعات الطاقة داخل الاتحاد الأوروبي.

وجاء هذا القرار في ظل الحكومة المحافظة الجديدة بقيادة المستشار فريدريش ميرتس، إذ أبلغت برلين المسؤولين الفرنسيين أنها لن تعيق بعد الآن مساعي باريس لاعتبار الطاقة النووية على قدم المساواة مع الطاقة المتجددة في التشريعات الأوروبية، بحسب مسؤولين فرنسيين وألمان.

أخبار ذات صلة

مستشار ألمانيا يحث ماكرون للتصديق السريع على اتفاقية التجارة الحرة

مستشار ألمانيا يحث ماكرون للتصديق السريع على اتفاقية التجارة الحرة

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة «فاينانشال تايمز»، يضع هذا التحول حداً لخلاف طويل الأمد بين البلدين عطّل التخطيط الطاقي الأوروبي، خاصة خلال الأزمة التي أعقبت الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.

وأوضح دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى مشارك في المفاوضات، أن «الألمان يبعثون برسالة مفادها أنهم سيتعاملون مع ملف الطاقة النووية بمرونة وواقعية»، مضيفاً أن «جميع أشكال التحيز ضد الطاقة النووية، والتي لا تزال قائمة في بعض جوانب التشريعات الأوروبية، ستُزال».

وأكد مسؤول ألماني هذا التغير، واصفاً إياه بأنه «تحول جذري في السياسات»، كما أشار إلى انفتاح ألمانيا على مناقشة الانضمام إلى برنامج الردع النووي الفرنسي، في خطوة لتعزيز الأمن الأوروبي في مواجهة التهديدات الروسية. وقال: «نحن الآن منفتحون فعلياً على الحوار مع فرنسا بشأن الردع النووي لأوروبا. متأخرون، لكن أفضل من ألا نتحرك أبداً».

ويُنظر إلى هذا التحول على أنه جزء من جهود أوسع يبذلها ميرتس لإحياء المحور الفرنسي-الألماني التاريخي، الذي يُعد ركيزة أساسية في اتخاذ القرارات الكبرى داخل الاتحاد الأوروبي.

وقال لارس-هندريك رولر، أستاذ الاقتصاد في «الكلية الأوروبية للإدارة والتكنولوجيا» (ESMT) في برلين والمستشار الاقتصادي السابق للمستشارة أنجيلا ميركل: «عندما تتفق فرنسا وألمانيا، يصبح من الأسهل على أوروبا التقدّم. ورغم التحديات المتبقية، أعتقد أن هذه القضية ستُحل».

وكان ميرتس، الذي فاز في الانتخابات في فبراير، قد انتقد قرار ألمانيا بالخروج من الطاقة النووية الذي اتُخذ في 2011 في عهد المستشارة السابقة ميركل عقب كارثة فوكوشيما. كما انتقد المستشار السابق أولاف شولتس لإغلاقه آخر ثلاث محطات نووية في البلاد عام 2023 رغم ارتفاع أسعار الطاقة. وبينما استبعد ميرتس إعادة فتح المحطات التقليدية، تعهّد بالاستثمار في تقنيات نووية جديدة، مثل المفاعلات الصغيرة وتقنية الاندماج النووي، التي لا تنتج نفايات مشعة طويلة الأمد كما هو الحال مع الانشطار.

ويأتي هذا التقارب الجديد بين باريس وبرلين في وقت تعيد فيه أوروبا تقييم موقفها من الطاقة النووية، إذ أدت الحرب الروسية في أوكرانيا وارتفاع أسعار الغاز إلى تجدد الاهتمام بالطاقة النووية كمصدر مستقر ومنخفض الانبعاثات الكربونية. وتبقى النمسا الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي تعارض الطاقة النووية بشكل صريح، بينما تراجعت دول مثل بلجيكا وهولندا عن خطط سابقة لإغلاق مفاعلاتها النووية.

أخبار ذات صلة

بنك فرنسا يدعو أوروبا إلى الاستيقاظ لمواجهة ترامب

بنك فرنسا يدعو أوروبا إلى الاستيقاظ لمواجهة ترامب

وفي رسالة وجّهها وزراء من 12 دولة أوروبية تملك مفاعلات نووية إلى المفوضية الأوروبية، يوم الجمعة، اطلعت عليها الصحيفة، شدد الوزراء على ضرورة اعتبار مصادر الطاقة النووية والمتجددة «متكاملة»، ودعوا إلى تحديث تقييم قطاع الطاقة النووية في التكتل، بما يفتح المجال أمام تقديم دعم حكومي أكبر ويبعث بإشارة واضحة للأسواق والمستثمرين بشأن جدوى الطاقة الذرية.

وكان موقف ألمانيا التاريخي من الطاقة النووية نابعاً من اعتبارات اقتصادية وأيديولوجية. ففي عام 2023، غطت الطاقة المتجددة أكثر من 60% من استهلاك الكهرباء في ألمانيا، لكن برلين كانت تخشى من أن تحصل الصناعة الفرنسية، المدعومة بأسطول من 56 مفاعلاً نووياً، على ميزة تنافسية بينما لا تزال الصناعة الألمانية تكافح من تأثير ارتفاع أسعار الغاز بعد قطع الوقود الروسي الرخيص.

كما شكلت معارضة «حزب الخضر»، الشريك في حكومة شولتس السابقة، عائقاً سياسياً أمام أي تحوّل في سياسة الطاقة النووية. وأثر هذا الخلاف في مناقشات أوروبية رئيسية، من بينها مسألة ما إذا كان يجب اعتبار الهيدروجين المنتج بالطاقة النووية «أخضر»، إذ دعت فرنسا مراراً إلى معاملة هذا النوع من الهيدروجين على قدم المساواة مع الهيدروجين الناتج عن طاقة الرياح أو الشمس، وهو موقف يبدو أن ألمانيا مستعدة الآن لدعمه.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة ميرتس إلى باريس في 7 مايو: «من أجل ضمان سيادتنا الطاقية مع احترام خيارات الدول، ندعو إلى إنهاء جميع أشكال التمييز على المستوى الأوروبي ضد الطاقات منخفضة الكربون، سواء كانت نووية أو متجددة».

وبحسب مسؤولين فرنسيين، فإن الموقف الألماني الجديد يزيل عائقاً رئيسياً أمام تصنيف الهيدروجين المنتج من الطاقة النووية ضمن نفس الفئة التنظيمية للهيدروجين المتجدد، ما يفتح المجال أمام تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي في إزالة الكربون وتعزيز تكامل سوق الطاقة الأوروبية.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC