ووقعت مصر وإسرائيل والولايات المتحدة اتفاقية الكويز عام 2004، والتي تسمح للمنتجات المصرية بالدخول إلى الولايات المتحدة دون جمارك أو حصص شريطة ألا يتجاوز المكون الإسرائيلي في هذه المنتجات 11.7%.
وبينما صدرت مصر خلال العام الماضي بضائع - عبر الاتفاقية - إلى الولايات المتحدة، بقيمة تقترب من 1.4 مليار دولار، وهو أعلى مستوى للصادرات منذ توقيعها - جاءت الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر الجاري لتضر بهذه الفرص الاستثمارية التي يعتمد عليها أكثر من ألف شركة مصرية.
وبخلاف الكويز والغاز، يبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وإسرائيل نحو 270 مليون دولار سنويًا، إذ تستورد القاهرة بضائع بقيمة 150 مليون دولار، وتصدر لتل أبيب بضائع تصل قيمتها لنحو 115 مليون دولار، وفقًا للإحصاءات الإسرائيلية الرسمية لوزارة الصناعة والتجارة ووزارة الاقتصاد.
وحسب الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، فإن اتفاقية الكويز جاءت بالأساس لتكون بمثابة "كوبري اقتصادي" يربط مصر بالولايات المتحدة، وفتح السوق الأميركي أمام المنتجات المصرية على مصراعيه.
وأشار إلى أن الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة زادت من خلال الكويز إلى 1.5 مليار دولار عام 2022، مقابل 1.2 مليار دولار في السنة التي قبلها، لافتًا إلى أن منتجات الكويز شكلت نحو 53% من إجمالي صادرات مصر إلى الولايات المتحدة في عام 2022 و55% من الصادرات غير النفطية إليها.
واستشهد ببيان صادر عن وزارة التجارة والصناعة المصرية، صدر في سبتمبر أيلول 2020، جاء فيه، أن صادرات مصر للولايات المتحدة في إطار اتفاقية الكويز بلغت نحو 12 مليار دولار خلال الفترة من عام 2005 حتى 2019.
وأوضح أنه حسب آخر إحصائية اقتصادية معنية، فإن الاتفاقية تُمثل تقريبًا نحو من 2.5 إلى 3% من قيمة صادرات مصر عن نفس الفترة، مضيفًا: "هذا هو الحجم الحقيقي للاتفاقية"، في إشارة إلى أنها لا تمثل حجمًا كبيرًا يمكن أن يقوض الاقتصاد المصري مهما طالت فترة الحرب.
ونوه الدمرداش إلى أن الاتفاقية عبارة عن استيراد مكونات من إسرائيل وتصنع في مصر ثم تصدر إلى الولايات المتحدة معفاة من الجمارك، ضمن "آليات الولايات المتحدة لفرض التطبيع"، حسب وصفه.
وحول إمكانية تأثر الاتفاقية بالحرب الدائرة في غزة، رأى الخبير الاقتصادي أنه لكي تتأثر الاتفاقية - اقتصاديًا - فهذا يعني أن المكونات الإسرائيلية التي تدخل في العملية الإنتاجية بالمناطق الصناعية المؤهلة تشهد خللا في منظومة وصول تلك المكونات للأراضي المصرية، مشيرًا إلى أنه "حتى الآن لم نر في حرب غزة ما يعوق وصول تلك المكونات لمصر، لكن كل شيء وارد مستقبلا".
ونوه إلى أن قائمة الشركات التي تعمل وفقًا لاتفاقية الكويز تضم نحو ألف شركة، تنشط منها 200 شركة أغلبها في تصنيع المنسوجات.
وكشف الدمرداش، عن أن الاتفاقية تشترط "أن تحتوي المنتجات المؤهلة للتصدير إلى الولايات المتحدة مع إعفاءات جمركية، على 35% على الأقل من قيمتها المضافة من قِبل مصانع المناطق الصناعية المؤهلة"، مشيرًا إلى أن مصر تساهم بما لا يقل عن 12% من هذه القيمة المضافة، في حين يجب أن تساهم إسرائيل بنسبة 11%.
من جانبه، يرى الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادي، أن الصراع الإسرائيلي له تأثير كبير على اقتصاد المنطقة ككل، مشيرًا إلى أن الاقتصاد في إسرائيل والأراضي الفلسطينية والدول العربية المحيطة يتأثر بشكل مباشر وغير مباشر.
وأوضح أن إسرائيل تأتي على رأس الدول المتأثرة اقتصاديًا جراء الحرب، حيث تعتبر واحدة من الدول الرائدة في المنطقة من حيث التكنولوجيا والابتكار والقطاعات العالية التقنية.
ونوه إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي يعتمد بشكل كبير على الصادرات، وتشمل الصادرات التكنولوجية والزراعية والماس والمنتجات الكيميائية والمنسوجات، وبالتالي فإن اتفاقية الكويز تأتي على رأس الاتفاقات التي ستتأثر بالحرب وتوقف الإنتاج.
وأضاف: "نظرًا للارتباطات الكبيرة المعقدة بين دول المنطقة، فإن استمرار أزمة حرب غزة سيكون لها تأثير على اتفاقية الكويز بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة، بسبب الصعوبات التي ستواجهها وصول الواردات الإسرائيلية لمصر خلال الفترة المقبلة، خصوصًا مع استمرار وتيرة الحرب الشرسة على قطاع غزة".
وأشار إلى أن الكويز - التي بدأ التفكير في إضافتها للاقتصاد الأميركي المصري عام 1996 بمشاركة إسرائيل - جاءت من أجل توسيع التعاون الاقتصادي بين القاهرة وواشنطن وتل أبيب، وفتح الأسواق الأميركية أمام المنتجات المصرية، معتبرًا أن استمرار الحرب سيضر بالجانبين (المصري والإسرائيلي) أكثر من الولايات المتحدة، إذ أنه بينما قد يتضرر المنتج المصري من الوصول للأسواق الأميركية مستقبلا، فقد توقف الإنتاج الإسرائيلي بالفعل جراء الحرب.
وحسب الخبير الاقتصادي، فقد تعطل الإنتاج في بعض المصانع الإسرائيلية تمامًا، وخفضت وكالات الائتمان تصنيف إسرائيل الائتماني، وانخفض الشيكل مقابل الدولار، مما خلف تداعيات اقتصادية عديدة على إسرائيل بسبب حرب غزة، الأمر الذي سيكون له بالتبعية تداعيات لاحقة على اتفاقية الكويز بلاشك.
ورأى "خضر" أن التأثير قد يظهر خلال التعاقدات الجديدة، متوقعًا أن يكون التأثير كبيرًا على الصادرات خلال الفترة المقبلة بسبب حرب غزة، ورغم استبعاده حدوث تأثير كبير على الواردات المصرية من إسرائيل حاليًا، إلا أنه شدد على أنه "لو استمرت الحرب أكثر من هذا يتوقع أن تتراجع بنسبة كبيرة".