تقارير
تقاريرعمال في ألمانيا- رويترز

رجل أوروبا المريض منهك رغم "فنجان القهوة"

لم يكف فنجان قهوة جيد لإفاقة الاقتصاد الألماني من سباته كما كان يأمل وزير المالية،فقد تلقى أكبر اقتصاد في أوروبا صدمة جديدة بعد بيانات الناتج المحلي التي جاءت على النقيض من توقعات وزير المالية الألماني، الذي يرى أن اقتصاد بلاده لا يحتاج سوى فنجان قهوة جيد لتجاوز الأزمة، وذلك كناية عن التراجعات الحاصلة لا تعدو كونها تباطؤ مؤقت..

إلا أن البيانات الأحدث، التي صدرت اليوم الثلاثاء، جاءت لتعطي إشارة جديدة إلى أن الاقتصاد الألماني الذي يعد الأكبر في القارة العجوز على مشارف تسجيل ركود فني جديد، وذلك جراء انتهاج المركزي الأوروبي سياسة متشددة للغاية لمواجهة التضخم القياسي.

ومنذ قليل، صدرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي الألماني التي جاءت سلبية للغاية، وذلك على النقيض من تصريحات وزير المالية الألماني، الذي يرى أن بلاده ليست برجل أوروبا المريض، وأنها لا تحتاج سوى فنجان من القهوة كي تتعافى.

ألمانيا رجل متعب قليلا، ويحتاج إلى فنجان من القهوة
كريستيان ليندنر- وزير المالية الألماني
بيانات صادمة

انخفض الناتج المحلي الإجمالي الألماني بنسبة 0.3% في الربع الرابع من عام 2023 مقارنة بالربع الثالث من نفس العام.

وبعد ركود الاقتصاد الألماني في الأرباع الثلاثة الأولى، انخفض الناتج الاقتصادي في الربع الرابع من عام 2023 مواصلًا رحلة الهبوط.

ووفقًا لبيانات مكتب الإحصاء الألماني كانت الاستثمارات المعدلة بالأسعار والموسمية والتقويم في المباني والمعدات أقل بكثير مما كانت عليه في الربع السابق.

اقرأ أيضًا- النفط يتجاهل قرار أرامكو ويبدد مكاسبه
ركود فني

قال مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني‭ ‬اليوم الثلاثاء: "إن اقتصاد البلاد انكمش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023، بينما تتزايد التوقعات بأن يدخل أكبر اقتصاد في أوروبا في ركود فني آخر في الربع الأول من عام 2024".

وأفاد مكتب الإحصاء الفيدرالي (Destatis) أيضًا، بشأن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي المعدل حسب الأسعار بنسبة 0.3% في عام 2023.

وبعد تعديل الأسعار والتقويم، بلغ الانخفاض 0.1%، وهو ما يأتي متفقًا مع توقعات المكتب الفيدرالي للإحصاء الأولية التي صدرت منتصف يناير الجاري.

ألمانيا تنافس على لقب رجل أوروبا المريض، وسواء كان الاقتصاد ينمو أو ينكمش يبدو أن الأزمة في ألمانيا باتت أكثر عمقًا
مؤسس معهد فلوسباخ فون شتورخ
مزيد من الهبوط

وبالمقارنة مع العام السابق، كان الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من عام 2023 أقل بنسبة 0.4% من حيث الأسعار المعدلة مقارنة بالربع الرابع من عام 2022، وبعد تعديل الأسعار والتقويم، كان الانخفاض أصغر (-0.2%).

بالإضافة إلى حساب الربع الرابع من عام 2023، قام المكتب الاتحادي للإحصاء، كعادته، بمراجعة النتائج المنشورة سابقًا وأدرج المعلومات الإحصائية المتوفرة حديثًا في حسابات الأرباع المتبقية من عام 2023.

وأدى ذلك إلى تغيير في مقدار النتائج السابقة بمقدار 0.1 نقطة مئوية للناتج المحلي الإجمالي الفصلي المعدل حسب الأسعار.

اقرأ أيضًا- انهيار الدومينو.. السندات الصينية لم تنقذ قطاع العقار
فنجان قهوة

وفي الأسبوع الماضي، تجاهل وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، التلميحات بأن بلاده أصبحت مرة أخرى رجل أوروبا المريض.

وفي غضون ذلك قال كريستيان ليندنر: "ألمانيا رجل متعب قليلا، ويحتاج إلى فنجان من القهوة".

تطور الناتج المحلي
تطور الناتج المحليمكتب الإحصاء الألماني
الرجل المريض

وقال ليندنر في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انعقد في دافوس بسويسرا: "أعرف ما يفكر فيه البعض منكم، ربما تكون ألمانيا رجلا مريضا". وأضاف وزير المالية الألماني: "ألمانيا ليست رجلا مريضا.. ألمانيا رجل متعب بعد ليلة قصيرة".

وتابع ليندنر: "توقعات النمو المنخفضة هي في جزء منها دعوة للاستيقاظ، والآن لدينا فنجان قهوة جيد"، مشيرًا إلى أن بلاده في بداية حقبة من الإصلاحات الهيكلية الجديدة، لكنه لم يقدم تفاصيل.

ألمانيا ليست رجلا مريضا.. ألمانيا رجل متعب بعد ليلة قصيرة
وزير المالية الألماني
رجل مريض

وفي غضون ذلك أكد صانعو السياسة النقدية في المركزي الأوروبي بقيادة يواكيم ناغل محافظ المركزي الألماني رفضهم وصف وسائل الإعلام لاقتصاد ألمانيا بأنها "رجل مريض".

وأكد صانعو السياسة النقدية أن اقتصاد البلاد أظهر خلال أوقات سابقة أن ألمانيا قادرة على التكيف وسط بيئة اقتصادية متغيرة.

وفي غضون ذلك أكد رئيس البنك المركزي الأوروبي يواكيم ناغل أن الضعف الحاصل في الاقتصاد الألماني هو مرحلة مؤقتة.

وقال يواكيم ناغل: "إن ألمانيا ليست رجل أوروبا المريض، مشيرًا إلى ان هذا التشخيص الذي يردده الكثيرون بتساهل مفرط هو تشخيص خاطئ".

بيانات الناتج المحلي
بيانات الناتج المحليمكتب الإحصاء الألماني
توقعات الصندوق

وتوقع صندوق النقد الدولي أن اقتصاد ألمانيا سيعاني من انخفاض قوي للإنتاج الاقتصادي بأسوأ مما كان متوقعا.

وأضاف الصندوق أنه من المرجح أن يكون أكبر اقتصادات قارة أوروبا هو الوحيد من بين مجموعة الدول الصناعية السبع (G7) التي لن تسجل نموا خلال عام 2023 الجاري.

ولفت الصندوق في مراجعته الجديدة إلى أن ألمانيا تواجه عقبات عديدة من بينها ضعف استجابة القطاعات الاقتصادية الحساسة لأسعار الفائدة وتباطؤ طلب الشركاء التجاريين.

ألمانيا ليست رجل أوروبا المريض.. هذا التشخيص الذي يردده الكثيرون بتساهل مفرط هو تشخيص خاطئ
محافظ المركزي الألماني
الركود التقني

ودخل الاقتصاد الألماني في حالة يطلق عليها الخبراء "الانكماش التقني" بعد تسجيل تراجع في إجمالي الناتج المحلي للربع الثاني على التوالي، في سابقة لم تحدث منذ جائحة كورونا.

ويجري تعريف الركود عموما بأنه ربعان متتاليان من الانكماش، وهو ما حدث في ألمانيا للمرة الأولى منذ وباء كوفيد-19 الذي تسبب في تراجع إجمالي الناتج المحلي في الربعين الأول والثاني من2020.

وفي وقت سابق توقعت ذا إيكونوميست البريطانية أن ألمانيا في طريقها لأن تصبح رجل أوروبا المريض، وذلك بسبب افتقارها إلى القدرة التنافسية وارتفاع معدلات البطالة.

اقرأ أيضًا- بعد قضية فساد.. السعودية تُكلف رئيسا جديدا لـ "هيئة العلا"
أكثر عمقًا

وقال مؤسس معهد فلوسباخ فون شتورخ للأبحاث وكبير خبراء الاقتصاد الكلي السابق في دويتشه بنك، توماس ماير، لم يظهر الاقتصاد الألماني أي نمو في الأرباع الماضية.

وأشار توماس ماير إلى أن ألمانيا تنافس على لقب رجل أوروبا المريض، وسواء كان الاقتصاد ينمو أو ينكمش يبدو أن الأزمة في ألمانيا باتت أكثر عمقًا.

وفي غضون ذلك لفت رئيس غرفة التجارة والصناعة الألمانية، بيتر أدريان، إلى أن الاقتصاد الألماني سوف يسقط في ركود طويل، حيث تشهد البلاد انخفاضا في الإنتاج، ولا يتوقع ظهور بوادر انتعاش.

الاقتصاد الألماني سوف يسقط في ركود طويل، حيث تشهد البلاد انخفاضا في الإنتاج، ولا يتوقع ظهور بوادر انتعاش
رئيس غرفة التجارة والصناعة الألمانية
من جديد

وفي وقت سابق أشار هانز وارنر شين الخبير في معهد البحوث الاقتصادية الألماني آيفو إلى أن بلاده عادت مجدداً لتستحوذ على لقب رجل أوروبا المريض.

وأوضح شين أن البيانات الأخيرة تشير إلى استمرار تراجع الاقتصاد الألماني، والذي يأتي في وقت تعاني فيه ألمانيا من ارتفاع أسعار الطاقة.

ولفت شين إلى أن الأمر لا يعد ظاهرة قصيرة الأجل، وأنه سوف يمتد إلى قطاعات عديد في اقتصاد ألمانيا.

تسمية قديمة

وأصبحت ألمانيا تعرف باسم "رجل أوروبا المريض" في أواخر التسعينيات مع تعثر اقتصادها وارتفاع معدلات البطالة.

ومضت برلين في التخلص من هذا اللقب من خلال تقديم سلسلة من إصلاحات سوق العمل، وازدهر اقتصادها في العقد الذي أعقب الأزمة المالية العالمية عام 2008.

اقرأ أيضًا- أسعار النفط تستبق تحركا عسكريا أميركيا ضد إيران

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com