كيف أنقذت الهدنة الهشة بكين «مؤقتاً»؟.. قرار الفائدة يُجيب

أبقت الصين على أسعار الفائدة القياسية للإقراض دون تغيير كما كان متوقعاً عقب اجتماع البنك المركزي الصيني (بنك الشعب الصيني)، اليوم الجمعة، بعد أن بدأت بكين إجراءات تيسير نقدي شاملة قبل شهر لدعم الاقتصاد.

أدت علامات تراجع التصعيد في التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم بعد الاتفاق على إطار عمل تجاري في لندن هذا الشهر إلى تقليل الحاجة الملحة إلى اتخاذ تدابير تحفيزية إضافية.

دخلت بكين وواشنطن في هدنة هشة أدت إلى خفض مستويات الرسوم الجمركية بنسبة 115% بعد تصعيد حاد في أبريل، لكن التوترات لا تزال مرتفعة في ظل حرب قرارات اقتصادية خانقة بين القطبين.

وفق التوقعات

أبقت الصين على سعر الفائدة الأساسي للإقرض لمدة عام واحد عند 3%، في حين ظل سعر الفائدة الأساسي للإقراض لمدة خمس سنوات دون تغيير عند 3.50%.

تعتمد معظم القروض الجديدة والمستحقة في الصين على سعر الفائدة لمدة عام واحد، في حين يؤثر سعر الفائدة على الرهن العقاري لمدة خمس سنوات على تسعير الرهن العقاري.

معضلة بنك الشعب

مع ارتفاع التضخم وتباطؤ الاقتصاد، وجد بنك الشعب الصيني نفسه في موقفٍ صعب، إذ يجب أن يوازن ما بين دعم الاقتصاد وتحفيز النمو عبر خفض الفائدة.

ومن ناحية أخرى فإن ارتفاع التضخم يقود إلى تباطؤ الاستهلاك المحلي أحد محركات الاقتصاد الرئيسة في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم.

من المتوقع أن تتجه السياسة النقدية نحو ضخ السيولة بدلاً من خفض أسعار الفائدة بشكل إضافي لحماية هوامش الفائدة الصافية لدى البنوك، في محاولة من السلطات لدفع عجلة النمو في البلاد.

خفض مايو

في الشهر الماضي، خفضت الصين أسعار الفائدة على القروض العقارية للمرة الأولى منذ أكتوبر، في حين خفضت البنوك الحكومية الكبرى أسعار الفائدة على الودائع.

كما خفضت السلطات تكاليف الاقتراض للمساعدة في حماية الاقتصاد من تأثير الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، في محاولة منها لدعم وتحفيز الاقتصاد.

أظهرت بيانات شهر مايو تباطؤ نمو الصادرات والإقراض الائتماني، وتفاقم الضغوط الانكماشية، وهي كلها عوامل دعت إلى اتخاذ المزيد من التدابير الداعمة لتعزيز الاقتصاد.

احتياطي إلزامي

كتب خبراء بنك «دي بي إس»، أنه حتى مع خفضٍ طفيفٍ آخر لنسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك الصينية بمقدار 20 نقطة أساس هذا العام، سينخفض ​​هامش صافي الفائدة للبنوك الصينية إلى 1.45% بنهاية هذا العام.

قال خبراء البنك في مذكرة حديثة: «من المرجح أن يُخفَّض هذا العام أيضًا بنسبة 50 نقطة أساس، مما سيضخّ تريليون يوان من السيولة في النظام المصرفي».

نظام جديد

قال محافظ البنك المركزي الصيني، بان جونغ شنغ، إنه يتوقع ظهور نظام عملة عالمي جديد بعد عقود من هيمنة الدولار الأميركي، مع تنافس الرنمينبي في نظام نقدي دولي متعدد الأقطاب.

في كلمته خلال المنتدى المالي الصيني الرائد في شنغهاي، أمس الخميس، قال بان غونغ شنغ إن الدولار الأميركي رسّخ هيمنته بعد الحرب العالمية الثانية، وحافظ على مكانته حتى الآن وحذّر من الاعتماد المفرط على عملة موحدة.

أكد بان جونغ شنغ تجدد الإلحاح في مساعي الصين طويلة الأمد نحو نظام عملة متعدد الأقطاب، مع صدام الصين مع الولايات المتحدة بشأن التجارة وفرض دونالد ترامب تعريفات جمركية أعلى.

دور الرنمبيني

في إشارة إلى الدور المتزايد للرنمينبي قال شنغ: «في المستقبل، قد يستمر النظام النقدي العالمي في التطور نحو نمط تتعايش فيه عدد قليل من العملات السيادية، وتتنافس مع بعضها البعض، وتتحقق التوازن فيما بينها».

أضاف محافظ البنك المركزي الصيني أن التطورات الرئيسية في النظام النقدي الدولي خلال العقدين الماضيين كان أبرزها إدخال اليورو وارتفاع قيمة الرنمينبي منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008.

أوضح محافظ البنك أن الرنمينبي الصيني بات ثاني أكبر عملة لتمويل التجارة وثالث أكبر عملة للدفع في العالم، وقال شنغ: «عندما تحدث صراعات جيوسياسية أو مصالح أمنية وطنية أو حتى حروب، فمن السهل استغلال العملة المهيمنة دوليا وتسليحها».

شراء الأصول

في حين قال تشو هيكسين، نائب محافظ بنك الشعب الصيني ورئيس إدارة الدولة للنقد الأجنبي، بأن بكين ستوسع نطاق برنامج يسمح للمستثمرين المحليين بشراء أصول خارج الصين. 

أضاف نائب محافظ بنك الشعب الصيني أن توسيع نطاق برنامج المستثمر المؤسسي المحلي المؤهل «سيلبي الاحتياجات المحلية المتزايدة للاستثمار الخارجي».

في الوقت ذاته أكد هيكسين على الصين أن تدفع بقوة نحو نظام عملة أكثر تركيزاً على الرنمينبي، بما في ذلك مركز تشغيل دولي للرنمينبي الرقمي في شنغهاي.