logo
اقتصاد

انهيار النمور الآسيوية.. هل يكتب الدولار التاريخ «معكوساً»؟

انهيار النمور الآسيوية.. هل يكتب الدولار التاريخ «معكوساً»؟
ورقة نقدية من فئة 50 دولاراً تظهر في جيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ماريلاند، الولايات المتحدة، يوم 1 مايو 2025.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:7 مايو 2025, 10:36 ص

يبدو أن التحركات الأخيرة في سوق العملات الناشئة مقابل الدولار الأميركي أعاد إلى الأذهان مصطلحاً، يحاول الاقتصاد العالمي نسيانه، «انهيار النمور الآسيوية»، الذي أطل برأسه المقيت على العالم نهاية الألفية الثانية، حتى وإن لم يتكرر السيناريو كاملا حتى الآن وجاءت الأحداث في الاتجاه المعاكس.

التحركات الحادة الأخيرة للدولار التايواني والعملات الآسيوية الأخرى مقابل الدولار الأميركي ذكرت المستثمرين العالميين بأزمة العملات الآسيوية أواخر التسعينيات، إذ أججت تلك التحركات المخاوف من إعادتهم النظر في شهيتهم للأصول الأميركية، ما قد تترتب عليه هزة واسعة في أسواق الأسهم، تزامنا وظهور نظريات تفيد بإبرام اتفاق جديدة بين واشنطن وعدد من الدول بشأن إعادة تقييم الدولار مع اشتعال حرب التعريفات التجارية.

التهبت المخاوف مع التعليقات السابقة الصادرة عن وزير الخزانة سكوت بيسنت الذي طرح فكرة قيام الدول الآسيوية بإعادة تقييم عملاتها طواعية في إطار نسخة جديدة من اتفاقية «بريتون وودز».

أخبار ذات صلة

بيانات ألمانيا تحتفي بالمستشار الـ10.. هل يتعافى «رجل أوروبا المريض»؟

بيانات ألمانيا تحتفي بالمستشار الـ10.. هل يتعافى «رجل أوروبا المريض»؟

ضعف الدولار

أدى إضعاف الدولار، إلى انخفاض مؤشره بنسبة 8% حتى الآن خلال العام الجاري، فيما تشهد بعض العملات الآسيوية الأكثر هدوءاً تقلبات صعودية حادة.

ويتناقض هبوط الدولار مع الاعتقاد السائد بأن العملة الأميركية سترتفع نتيجةً للرسوم الجمركية، ما يزيد تكلفة السلع الأجنبية المقومة الدولار، ويؤدي نظرياً إلى تضييق العجز التجاري.

كانت قفزة الدولار التايواني، الذي ارتفع مقابل الأميركي بنسبة 4.4% في جلسة واحدة، و5.8% خلال الأسبوع، محققاً أكبر مكاسب له في يوم واحد وأسبوع واحد في التاريخ، أكبر مثال على تلك التقلبات.

في الوقت ذاته شهدت العملات الآسيوية الأخرى تقلبات أيضاً، حيث ارتفع الوون الكوري بنسبة 2.5% يوم الجمعة، وصعد بنسبة 1.5% يوم الاثنين. كما ارتفع الدولار السنغافوري، والين الياباني.

تحول مهم

كتب لويس جاف، رئيس «جافيكال» للأبحاث، في مذكرة للعملاء: «قوة هذه العملات مقابل الدولار مرة أخرى تشير إلى تحول مهم في السياسة المالية، وذلك بعد أن كان رجح البعض أن حدوث تلك التحركات جاء بدفع انخفاض أحجام التداول بسبب العطلة».

ودوّن جينز نوردفيج، مؤسس شركة الاستشارات البحثية الاقتصادية الكبرى «إكسانتي داتا»، في منشور على «إكس» أن هذه التحولات ليست تكتيكية، بل استراتيجية، مشجعاً المستثمرين على إدارة مخاطرهم وفقاً لذلك.

انعكاسات المخاطر - الفرق في التسعير بين خيارات البيع المقومة بالدولار مقابل خيارات الشراء - وفقاً لنوردفيج، «أصبحت فجأة في سياق نظام جديد، وعادت إلى مستويات لم نشهدها في فترة ما بعد الأزمة المالية العالمية».

أزمة معاكسة

تُثير هذه التقلبات الحادة في أسواق العملات التي عادةً ما تكون هادئة مخاوف من تعرّض مالكي الأصول المقومة بالدولار، مثل شركات التأمين التايوانية، لمشاكل مالية، واحتمالات بيعهم الدولار لمواجهة هذه المعاناة.

حسب لنوردفيج، تعزز هذه التحولات فكرة أن المستثمرين الأجانب يعيدون النظر في تخصيصاتهم الضخمة للأصول الأميركية في أعقاب جهود الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإعادة تنظيم التجارة العالمية والتحالفات.

قال نوردفيج: «المستثمرون العالميون يرون أوجه تشابه مع أزمة العملة في أواخر التسعينيات، والتي اندلعت بسبب خفض قيمة العملة التايلاندية». 

أما رئيس «جافيكال» للأبحاث، فأشار إلى احتمال حدوث «أزمة آسيوية معاكسة»، حيث ترتفع قيمة العملات بدلاً من تراجعها أمام الدولار كما في التسعينيات.

وفقا لمذكرة «جافيكال» للأبحاث، فعلى المدى القصير، من المرجح أن تؤدي هذه التحركات إلى زيادة قلق المستثمرين، وأن تؤدي أي عمليات بيع جديدة في سندات الخزانة الأميركية إلى تعطيل الارتفاع في الأسهم العالمية.

تحركات مريبة

نفى مسؤولو وزارة المالية اليابانية أنباء أفادت بضغط واشنطن على السلطات في طوكيو بشأن خفض قيمة الدولار مقابل الين، للحصول على اتفاق تجاري في حين قالت سلطة النقد في هونغ كونغ، وهي البنك المركزي الفعلي هناك، إنها اشترت 7.8 مليار دولار (60.5 مليار دولار هونغ كونغ) لمنع العملة المحلية من الارتفاع وكسر ربطها بالأميركية.

كما تزامن ارتفاع الدولار التايواني إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات عند 29.59 للدولار، مع انتهاء المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة وتايوان في واشنطن. إضافة إلى نفي البنك المركزي التايواني مرارا وجود صفقة عملة مع الولايات المتحدة.

أزمة 1997

في عام 1996 كانت معظم العملات الآسيوية مرتبطة بالدولار الأميركي، ما أجبر البنوك المركزية على السحب من الاحتياطات النقدية المحدودة من العملات الأجنبية للدفاع عن العملة، في حين تتمتع أسعار الصرف بمرونة أكبر في الوقت الحالي.

وتسببت الأزمة الاقتصادية في تايلاند، إندونيسيا، ماليزيا، وكوريا الجنوبية في انخفاض أسعار عملاتها بأكثر من 50% أمام الدولار الأميركي في عام 1997، بحسب تقرير بحثي لمؤسسة «دي بي إس».

تعرضت اقتصادات دول النمور الآسيوية لانتكاسة كبيرة خلال الأزمة المالية الآسيوية 1997، إذ تعرضت هونغ كونغ لهجمات مضاربة ضد سوق الأوراق المالية؛ ما استلزم تدخلات غير مسبوقة لسلطة النقد وحكومة هونغ كونغ لمحاولة إعادة الكفة لصالحها مرة أخرى.

أما كوريا الجنوبية فكانت الأشد تضررا، حيث تضخمت ديونها الخارجية بصورة كبيرة نتج عنها انخفاض قيمة عملتها ما بين 35 و 50%.

اتفاق بلازا

في منتصف تسعينيات القرن العشرين، تسببت سلسلة من الصدمات الخارجية بتغيير البيئة الاقتصادية، إذ تأثر النمو سلبا بانخفاض قيمة الرنمينبي الصيني والين الياباني؛ بسبب اتفاق بلازا لعام 1985.

كما عمق الأزمة حينذاك ارتفاع معدلات الفائدة الأميركية وبالتالي ازدياد قوة الدولار الأميركي، والهبوط الحاد في أسعار أشباه الموصلات. 

وحالما تعافى الاقتصاد الأميركي من التراجع الذي حصل في التسعينيات بدأ الاحتياطي «الفيدرالي» الأميركي برفع أسعار الفائدة لإيقاف التضخم.

سيناريو يتكرر

هذا الأمر جعل الولايات المتحدة وجهة استثمارية مرغوبة مقارنة بالنمور الآسيوية التي كانت تجتذب تدفقات الأموال المتضاربة من خلال معدلات فائدة مرتفعة وقصيرة الأجل، ما رفع من قيمة الدولار الأميركي. 

تأثرت بلدان جنوب شرق آسيا التي ترتبط عملاتها بالدولار إثر ارتفاعه؛ لأنه تسبب بجعل الصادرات أكثر غلاءً وأقل منافسة في الأسواق العالمية. 

في الوقت نفسه تباطأ نمو صادرات جنوب شرق آسيا بشكل كبير في ربيع عام 1996، فتدهور وضع حسابها الجاري.

هذا الأسبوع

◄ ازداد الين مقابل الدولار الأميركي الأسبوع الجاري إلى مستويات قرب 140 يناً يابانياً وهو أعلى مستوى في 8 أشهر.
◄ قفز الدولار التايواني 9% في 6 أيام محققا أكبر مكاسب منذ 1980، وارتفعت عملة تايوان إلى 29.59 مقابل الدولار الأميركي، وهو أعلى مستوى لها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات،
◄ بلغ اليوان الصيني أعلى مستوى له في ما يقرب من ستة أشهر عند 7.1980 مقابل الدولار.
◄ ارتفع الرينغيت الماليزي ليصل إلى أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2024.
◄ ارتفع الوون الكوري إلى أعلى مستوى في ستة أشهر مقابل الدولار الأميركي.

أخبار ذات صلة

الصين تفاجئ الأسواق.. إجراءات شاملة لمواجهة حرب التعريفات

الصين تفاجئ الأسواق.. إجراءات شاملة لمواجهة حرب التعريفات

بلازا ومار-أ-لاغو

عام 1985، بادر وزير الخزانة الأميركي، جيمس بيكر، إلى جمع قادة ماليين من أكبر 5 اقتصادات في العالم (اليابان، ألمانيا الغربية، فرنسا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة) في فندق بلازا بنيويورك، وتم التوصل إلى اتفاق تاريخي لخفض قيمة الدولار الأميركي بشكل منسق. 

عُرفت هذه المبادرة باسم اتفاقية بلازا، وهدفت إلى تقليص قيمة الدولار من خلال التزامات واضحة: الولايات المتحدة تعهدت بخفض عجزها الفيدرالي، في حين التزمت اليابان وألمانيا بتحفيز الطلب المحلي. 

في ظل السياسات الحمائية التي يتبناها ترامب، ظهرت تكهنات إعلامية تشير إلى احتمال إبرام اتفاق دولي جديد، غير رسمي حتى الآن، قد يشبه اتفاقية بلازا، وأطلق على هذه التكهنات اسم «اتفاقية مار-أ-لاغو»، في إشارة رمزية إلى نادي ترامب الخاص في فلوريدا، من دون وجود أي إعلان رسمي بهذا الشأن.

وفي أكثر من مرة أعرب ترامب عن اعتقاده بأن الدولار الأميركي قوي أكثر مما ينبغي، بينما يرى مستشاروه أن ضعف الدولار قد يعالج اختلالات العجز التجاري، بل ذهب بعضهم إلى أن موقع الدولار كعملة احتياطية عالمية بات يشكل عبئا لا ميزة.

وفقا لهذا الطرح فإن القوة التاريخية للدولار تقوّض القدرة التنافسية الأميركية، وتبعا لذلك، قد تسعى واشنطن لإبرام اتفاقات مع دول أخرى من أجل تصحيح هذه المعادلة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC