على سبيل المثال، بنك رايفايزن النمساوي، حيث يتمتع، بعد مرور 27 شهراً، بأداء جيد إلى حدٍ ما في روسيا، وقد نما عدد موظفيه إلى ما يقرب من 10000، بزيادة قدرها 7% منذ عام 2022، وفقاً لمجلة "ذي إيكونوميست".
وفي العام الماضي، وصلت أرباحه إلى 1.8 مليار يورو (2 مليار دولار)، أي أكثر من أي من الشركات التابعة الأخرى للبنك وثلاثة أضعاف الأرباح منذ عام 2021.
رايفايزن هو واحد من بين عشرات المقرضين الذين يمثلون أهمية "نظامية" للاقتصاد الروسي، كما أن البنك له أهمية كبيرة بالنسبة إلى الموارد المالية للكرملين، حيث إنه دفع ما يعادل نصف مليار دولار كضرائب في العام الماضي، كما يعد أكبر بنك غربي في روسيا، ولكنه ليس الوحيد.
وبالعودة إلى بداية الحرب، باعت بعض البنوك الأوروبية، مثل بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي، عملياتها الروسية.
وعلى الرغم من أن الشركات المتبقية خفضت عدد موظفيها بنسبة 3% فقط، إلا أن محافظها الاستثمارية تقلصت قليلاً.
فقط رايفايزن يحتفظ بمخاطر عالية، مع بقاء 15% من أصول البنك في البلاد، مقارنة بنسبة 5% لشركة (UniCredit)، التي تحتل المرتبة الثانية.
ولكنه أيضاً خفض دفتر قروضه ــ بنسبة 58% منذ الحرب ــ وتوقف عن تقديم قروض جديدة (حتى لو كان يقوم بتجديد بعض القروض القائمة).
ويتمثل أحد العوامل المهمة وراء استمرار جني الأرباح للبنوك الغربية في الفارق بين أسعار الفائدة الضئيلة التي تدفعها البنوك للمودعين وتلك التي يدفعها البنك المركزي الروسي. ويبلغ المعدل الأخير 16%، أي ما يقرب من أربعة أضعاف ما كان عليه قبل ثلاث سنوات.
وفي عامل آخر، توقعت البنوك، في عام 2022، موجة من التخلف عن السداد في روسيا، وخصصت مخصصات ضخمة لخسارة القروض.
وهنا، أشار خليل سينتورك، من وكالة التصنيف مورنينجستار دي بي آر إس، إلى أنه "عندما لم يحدث ذلك، تم إطلاق هذه المخصصات، مما أدى إلى ارتفاع الأرباح".
علاوة على ذلك، قضت العقوبات على معظم المنافسة الغربية، ونتيجة لهذا فقد استفاد "الباقون" الأوروبيون، وخاصة رايفايزن.
فبعد الحرب، ارتفعت الودائع لدى البنك النمساوي، على الرغم من أنه أبقى أسعار الفائدة منخفضة للغاية. وذلك لأن المودعين الروس يحبون إخفاء بعض أموالهم في البنوك الغربية، وفقاً لـ"ذي إيكونوميست".
كما لعب البنك أيضاً دوراً حاسماً في مساعدة الشركات الأجنبية على نقل الأموال داخل وخارج روسيا، وهو ما يمثل ما يقرب من نصف جميع المدفوعات مع بقية العالم في فبراير من العام الماضي.
ومع ذلك، فإن مثل هذه الأعمال مربحة على الورق فقط، حيث يصعب إعادة الأرباح إلى الوطن. وتفرض روسيا ضوابط صارمة على رأس المال تمنع البنوك من تحويل الأموال النقدية.
وفي الوقت نفسه، تجتذب الأرباح الورقية الكبيرة اهتمام الجهات التنظيمية الأميركية والأوروبية. وفي الشهر الماضي، تلقى العديد من المقرضين خطاباً من البنك المركزي الأوروبي يحثهم على خفض تعرضهم لروسيا.
وصدرت أوامر إلى رايفايزن بخفض دفتر قروضه الروسي بنسبة 65% أخرى بحلول عام 2026، وهو أسرع مما خطط له البنك.
وفي ديسمبر، أصدر البيت الأبيض أمراً تنفيذياً يعرض البنوك الأجنبية لعقوبات ثانوية إذا تبين أنها تسهل المعاملات المتعلقة بالمجمع الصناعي العسكري الروسي.
وفي مايو الماضي، حذرت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، البنوك الأوروبية من أن "العمل في روسيا يخلق قدراً هائلاً من المخاطر".
وقد تضاعفت الأرباح المجمعة لبنوك الاتحاد الأوروبي الخمسة التي لديها أكبر المعاملات الروسية "ثلاث مرات"، لتصل إلى ما يقرب من 3 مليارات يورو في عام 2023.
لكن النجاح يجعل البنوك هدفاً للعقوبات الغربية، ففي شهر مايو الماضي، هددت أميركا بتقييد وصول بنك رايفايزن إلى نظامها المالي بسبب تعاملات البنك مع روسيا.
وفي 10 يونيو الجاري، وفي محاولة لتهدئة المنتقدين، أعلن البنك عن خططه للتوقف عن إجراء تحويلات بالدولار إلى خارج البلاد.
ومن جانبها، بدأت روسيا في الاستيلاء على أصول البنوك الغربية التي تعتبرها "غير صديقة".