افتتاح 250 مطعماً جديداً في لبنان منذ انتخاب عون رئيساً
عام 2026 سيكون فاتحة خير في ظل القوانين الجديدة وجهود الإصلاح الجارية
رغم الانهيار النقدي، والشلل المؤسساتي الذي ضرب لبنان في السنوات الأخيرة، يرى رئيس اتحاد المستثمرين اللبنانيين، جاك صراف، أن بلده يستحق الرهان اليوم، وأنه لم يخرج من دائرة الفرص، وإن كان الازدهار المنشود مشروطاً بالسير بخطوات إصلاحية فعلية، تبدأ بالأمن وتنتهي بالثقة.
في لقاء خاص مع «إرم بزنس»، أكد صراف الذي يرأس مجموعة «ماليا هولدنغ»، وشغل، سابقاً، منصب رئيس جمعية الصناعيين في لبنان، أن انتخاب الرئيس جوزيف عون رئيساً للبنان مطلع العام الجاري، أطلق دفعة تفاؤل انعكست على الحركة الاقتصادية بشكل عام، مشيراً إلى أن غياب المعالجة الجذرية لملف السلاح واستمرار الخلل في تطبيق القرار الدولي رقم 1701، يحدّان من فرص الاستقرار الشامل، ويؤخّران عودة المستثمرين الأجانب، على الرغم من بقاء الاستثمارات اللبنانية المحلية حاضرة وفاعلة.
وبحسب صراف، فإن الأشهر الأخيرة حملت مؤشرات إيجابية عديدة على استعادة بعض مؤسسات الدولة لحيويتها، من المطار والمرفأ إلى هيئة مكافحة الفساد، في ظل تحرّك مصرف لبنان، ومجلس النواب، نحو الإصلاحات المالية المطلوبة. لكن «المعجزة لم تكتمل بعد» كما يقول، إذ إن الرهان الحقيقي يبدأ حين تُرفع الضغوط السياسية عن الداخل.
قال صراف إن الدولة اللبنانية بدأت تستعيد حركتها ببطء، وإن التغيير الجذري لا يحصل بين ليلة وضحاها، خاصة في ظل إرث طويل من الأزمات، أبرزها حرب 2006، وانفجار مرفأ بيروت، والانهيار المالي المتفاقم منذ العام 2019.
ورأى أن انتخاب الرئيس جوزيف عون شكّل نقطة تحوّل، و«دفعة تفاؤل» انعكست على الحركة الاقتصادية. لكنه ربط الاستقرار الحقيقي بملف السلاح، وتطبيق القرار الدولي 1701، قائلاً: «لا يمكن بناء الثقةدون أمن شامل في كل المناطق».
رغم انكماش الثقة، أشار صراف إلى بقاء المستثمرين اللبنانيين في الساحة أو عودتهم إليها تدريجياً.
وقال إنه في لبنان فُتح أكثر من 250 مطعماً جديداً خلال الأشهر الأخيرة، منها 22 مطعماً في منطقة سوليدير وحدها (وسط بيروت)، والحركة في العاصمة، وفق تعبيره، تعكس قرار المستثمر اللبناني بأن يعيش في البلد، ويستثمر فيه.
وأضاف أن اللبناني كفرد يواجه الضغوط بثقة، وأن المستثمر الأجنبي ينتظر إشارة أمنية ومالية واضحة ليعود بقوة.
رأى صراف أن الحكومة الحالية، وخلال الأشهر الستة الأولى من ولايتها، أعادت شيئاً من نبض الدولة، مع الإشارة إلى تعيينات جديدة، وعودة العمل في مرافق أساسية كالمطار والمرفأ، وتفعيل هيئات حكومية مثل هيئة مكافحة الفساد.
وإذ أشاد بخطوات مصرف لبنان في تعيين نواب الحاكم، وتفعيل الرقابة، وبدء مجلس النواب بسنّ قوانين إصلاحية مالية، لفت في المقابل إلى أن المعجزة لم تكتمل بعد، داعياً إلى تسريع وتيرة الإصلاح، والمصارحة مع الناس.
كشف صراف أن صندوقاً استثمارياً وطنياً أُعلن عنه في العام 2022، سيُطلق، مطلع العام المقبل، في حال تحقق استقرار سياسي وقضائي ومالي كافٍ.
ولفت إلى أنّ موجودات مصرف لبنان تشهد تحسناً، مشيراً إلى وجود احتياطي ذهب بقيمة 30 مليار دولار و10 مليارات من العملات الأجنبية، وهو ما يخفّف من سوداوية المشهد النقدي.
علّق صراف على قرار المصرف المركزي، مؤخراً، منع المصارف اللبنانية من التعامل مع «القرض الحسن». وقال إن «مؤسسة القرض الحسن» هي جمعية خيرية، وهي ليست مرخّصة من المصرف المركزي، رغم أن نشاطها يشمل التعاملات المالية. هذا الوضع دفع مصرف لبنان إلى التدخل عبر قراره الأخير، لكنّ الأمر بشكل عام يتطلب -بحسب صراف- قراراً من مجلس الوزراء، باعتبار أن الجمعية حاصلة على ترخيص من وزارة الداخلية.
ينظر صراف إلى الأسواق المحيطة بلبنان كفرصة لا بد من احتضانها. فالعراق يشهد نهضة حقيقية، وسوريا امتداد طبيعي «لا يجوز أن ندخل إليها بجواز سفر أو إقامة، بل يجب أن تكون العلاقة معها علاقة تكامل وشراكة»، كما أن الزراعة السورية واعدة، والتكامل بين المرافئ اللبنانية والسورية ضرورة إستراتيجية.
أما في منطقة الخليج، فيرى أن الإمارات والسعودية تمثلان السوقين الأكثر جاذبية، مع فرص محتملة في الجزائر والعراق بحال تخفيف الضغوط الدولية عنهما، فيما سيكون اللبناني المستفيد الأول من أي انفتاح سياسي أو استقرار اقتصادي في تلك الأسواق.
في ملف الاقتصاد الرقمي، كشف صراف عن اتفاقية تعاون مع شركة (SAP) الأوروبية لإدخال «أنظمة الروبوتيك» إلى المصانع، علماً بأن شركة «ماليا تك» التابعة لمجموعته، تعمل في لبنان، والعراق، والإمارات، والكويت، والجزائر، لنقل الخبرات اللبنانية إلى أسواق أوسع. وقال: «التحوّل الرقمي لم يعد خياراً.. بل ضرورة للبقاء».
في ختام حديثه إلى «إرم بزنس»، وجّه صراف رسالة صريحة: «اللبناني لا ينقصه الذكاء، ولا الرغبة في البناء، لكن المطرقة لا تزال مرفوعة علينا، من الخارج والداخل. يوم تُسقِط الشعوب هذه المطرقة، سيبدأ السلام الحقيقي، وتُفتح أبواب الاستثمار كما يجب».