السياسة المائية الجديدة تبتعد عن السدود الضخمة لصالح البرك الجبلية
خطة لتشريع وتنظيم زراعة القنب الصناعي لتعزيز التصنيع الغذائي
يشهد لبنان هذا العام أسوأ موجة جفاف منذ عقود، أدت إلى تداعيات حادة على القطاع الزراعي، وزادت تفاقم أزمة الموارد المائية، مهددة الأمن الغذائي للبلاد.
فقد تراجعت كميات الهطول المطري بشكل غير مسبوق، وانخفض عدد أيام تساقط الأمطار والثلوج إلى النصف، ما وضع المزارعين في دائرة القلق، وفرض تحديات هي الأشد منذ سنوات.
وفي حديث خاص لـ«إرم بزنس» كشف وزير الزراعة اللبناني نزار هاني عن ملامح خطة وطنية شاملة تسعى الوزارة إلى تنفيذها، تتضمن تحولاً استراتيجياً في إدارة الموارد المائية، وتبنّي نموذج زراعي أكثر استدامة وكفاءة.
وصف الوزير اللبناني الجفاف الحالي بـ«الأسوأ منذ عقود»، مشيراً إلى أن نسبة الهطول لهذا العام لم تتجاوز 50% من المعدل السنوي، فيما تراجع عدد الأيام الماطرة من 100–105 أيام إلى 45–50 يوماً فقط.
وأضاف أن هذا الانخفاض الحاد أثّر مباشرة على المحاصيل، وأدى إلى ضغط كبير على التربة والمياه السطحية والجوفية، ما استدعى البدء بتنظيم ورش عمل لتوعية المزارعين على ترشيد استخدام المياه وضمان استمرارية المواسم الزراعية.
أوضح هاني أن السياسة المائية الجديدة باتت تبتعد عن نموذج السدود الضخمة، لصالح البرك الجبلية الصغيرة التي تناسب الواقع المناخي الجديد وتُدار بأنظمة ري ذكية.
وشدد على أن السدود الكبيرة لم تعد فعالة بسبب شح الأمطار، أما البرك الجبلية المنتشرة في مناطق مثل العاقورة وفلّوغا والشوف، فتوفر حلاً عملياً وأكثر استدامة.
واشار إلى أن «المشروع الأخضر» التابع للوزارة يعمل على إنشاء هذه البرك بسعة تقل عن 100 ألف متر مكعب، مزودة بتقنيات ري حديثة تعتمد الحساسات والتقنين الدقيق.
لفت هاني إلى أربعة أهداف استراتيجية تتبناها وزارته لدعم القطاعي الزراعي في لبنان:
وأكد أن مشروع «التحول الأخضر في الزراعة الغذائية» بدعم من البنك الدولي وتمويل 200 مليون دولار، يهدف إلى نشر الزراعة الذكية من البذور حتى التوضيب والتوزيع، مع التركيز على الجودة والكفاءة.
وتطرق إلى مشاريع نموذجية يقودها شباب بخبرات عالمية، تطمح الوزارة إلى توسيعها على مستوى وطني.
أكد هاني أن الوزارة تعمل على مراجعة الاتفاقيات التجارية الزراعية مع الدول العربية والأوروبية لتلائم التغيرات المناخية التي غيّرت الروزنامة الزراعية للبنان.
وقال: «على سبيل المثال، موعد إنتاج البطاطا اللبنانية تغيّر، وبدأ يتعارض مع استيراد البطاطا المصرية، اتفقنا هذا العام على وقف الاستيراد في 15 آذار بدلاً من نهايته».
وأشار إلى تواصل أسبوعي مع وزراء الزراعة العرب، وسعي مشترك لتحديث الاتفاقيات ضمن خطة إقليمية.
كجزء من استراتيجية تعزيز الأمن الغذائي، كشف الوزير عن خطة لتشريع وتنظيم زراعة القنب الصناعي، والذي يتمتع بقدرة عالية على التأقلم مع التغيرات المناخية، إلى جانب تعزيز التصنيع الغذائي داخل البلاد.
وقال: «لدينا مصانع لرقائق البطاطا تستورد المواد الخام من الخارج، بينما يمكن تأمينها من الإنتاج المحلي، نسعى لتغيير هذا الواقع عبر ربط المزارعين بالمصانع».