800 مليون دولار خسائر زراعية بسبب الحرب الإسرائيلية
قال وزير الزراعة اللبناني، نزار هاني، في حوار خاص مع «إرم بزنس» إن قطاع الزراعة في لبنان تكبد خسائر فادحة جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة، حيث تقدر الأضرار بحوالي 800 مليون دولار، وأكد أن الوزارة تسعى أيضاً إلى تعزيز التعاون الزراعي مع دول الخليج ضمن جهودها لتعزيز الأمن الغذائي من خلال استقطاب الاستثمارات وتنمية الصادرات الزراعية.
وأوضح أن وزارة الزراعة بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) أطلقت خطة تستمر ثلاث سنوات لتقييم حجم الأضرار، والعمل على إنقاذ الموسم الزراعي 2025-2026، بالإضافة إلى إعادة تأهيل الأبنية والمزارع وشبكات الري والآبار التي تضررت بشكل كبير.
أشار هاني في حواره إلى أن نحو 4 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية في لبنان تعرضت لأضرار متفاوتة، حيث لحقت أضرار كاملة بحوالي 20% من هذه المساحات، كما تم جرف حقول زيتون وبساتين حمضيات بالكامل، إلى جانب تدمير مساحات كبيرة من الخيم الزراعية البلاستيكية ومزارع الدجاج.
وقال إنه في ظل الإمكانيات المحدودة، تم تقديم دعم مالي وتقني لإعادة غرس أشجار الزيتون المتضررة ومساعدة المزارعين على المناطق الأكثر تضرراً.
ورغم التحديات، يذكر الوزير أن القطاع الزراعي يشكل حالياً حوالي 9% من الناتج القومي الوطني، فإن هناك فرصة كبيرة لرفع هذه النسبة إلى 23-25% مع توفر الدعم الكافي والتوجيه الصحيح والاستثمارات الفعالة.
وأكد أن الوزارة تعمل حالياً على إحصاء دقيق لخسائر القطعان الزراعية، مثل: الأبقار وقفران النحل، لتوفير بيانات دقيقة تساعد على التخطيط لمرحلة التعافي وإعادة البناء.
وفي إطار خطة الإصلاح، أعلن الوزير بدء تنفيذ مشاريع ونشاطات لا تتطلب تمويلات كبيرة، معبراً عن أمله في أن تشمل خطة إعادة الإعمار التمويل الضروري للقطاع الزراعي المتضرر، كما أن الوزارة تعمل على دعم المزارعين في مختلف المناطق اللبنانية وتنتظر الدعم المالي من البنك الدولي للمناطق المتضررة من الاعتداء الأخير.
وأكد أن الوزارة أطلقت توجهاً استراتيجياً لعام 2025 يقوم على أربعة محاور رئيسة، أهمها إعادة تأهيل القطاع الزراعي المتضرر، مشيراً إلى إعداد تقرير مشترك مع البنك الدولي يوضح حجم الأضرار في القطاع الزراعي ضمن تسعة قطاعات رئيسة أخرى. من بين هذه المحاور برنامج «الإرشاد الزراعي الوطني» الذي يشمل مئات ورش العمل والتدريب، بالإضافة إلى إنتاج أفلام قصيرة تهدف إلى توعية المزارعين حول التحديات، مثل: التغير المناخي، وندرة المياه.
وتحت شعار «الزراعة نبض الأرض والحياة»، بثت الوزارة فيديو توعوياً قصيراً لتشجيع المزارعين على الانخراط في النشاط الزراعي وزيادة الإنتاجية، مع التركيز على الفوائد الاقتصادية التي تعود على المزارعين والدولة على حد سواء.
ويولي الوزير أهمية كبيرة لتطوير التسويق الزراعي، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل على تعزيز الربط بين المزارعين والمصنعين والأسواق المحلية لتسهيل تصريف المحاصيل، بالإضافة إلى إحياء العلاقات التجارية مع الدول العربية، خصوصاً دول الخليج، عبر لجان مشتركة تهدف إلى زيادة الصادرات الزراعية اللبنانية إلى الخارج.
وفيما يخص التعاون الدولي، كشف الوزير عن شراكات مع جهات مانحة دولية عدة، من بينها الوكالات الألمانية والكندية والفرنسية والإيطالية والنرويجية والهولندية، تتركز جهودها على دعم المناطق الأكثر تضرراً كجنوب لبنان وبعلبك-الهرمل. كما تقدم الحكومة مشروع قانون إلى مجلس النواب للحصول على قرض بقيمة 200 مليون دولار لتمويل إعادة تأهيل القطاع الزراعي، وصندوق الكفالات للقروض الميسرة، وتمويل المبادرات الشبابية والتعاونيات الزراعية بهدف تحفيز الإنتاج وتنشيط القطاع.
وأكد الوزير أهمية جذب الاستثمارات من دول الخليج، داعياً المستثمرين العرب للاستثمار في الزراعة اللبنانية التي تتمتع بمقومات طبيعية مميزة. وذكر أن هناك نقاشات مستمرة مع السفير السعودي ووزراء عرب لتطوير التعاون في مجال الأمن الغذائي، الذي يمثل مجالاً واعداً للشراكة بين لبنان والدول الخليجية، خصوصاً في ظل خطط هذه الدول لتأمين إمدادات غذائية مستدامة.
وأشار إلى التحديات الكبيرة التي تواجه الزراعة اللبنانية، وأبرزها التغيرات المناخية وندرة المياه، والتي تستدعي تطوير زراعات تتكيف مع هذه الظروف الصعبة، مثل زراعة القنب الصناعي للاستخدامات الدوائية. كما نوه إلى محدودية المساحات الزراعية مقارنة بدول الجوار، مثل: سوريا ومصر؛ ما يجعل من الضروري التركيز على محاصيل ذات ميزة تنافسية وتوسيع الأسواق التصديرية.
وفيما يتعلق بتمويل القطاع، أشار الوزير إلى أن موازنة وزارة الزراعة لا تزال محدودة، معرباً عن أمله في زيادتها خلال العام المقبل. وأكد أن الاستثمار الخاص لا يزال يلعب دوراً رئيساً في دعم الزراعة، مع الحاجة الماسة لتوسيع الشراكات الدولية، ولا سيما مع دول الخليج، وربطها بخطط الأمن الغذائي الإقليمية.
وشدد على أن الصناعات الغذائية اللبنانية تعتمد بشكل أساس على القطاع الزراعي، حيث يصدر لبنان محاصيل متنوعة، مثل: العنب، والتفاح، والموز، والأفوكادو، والكرز، والزيتون، التي تتمتع بميزات تنافسية في الأسواق العالمية؛ ما يستدعي تطوير القطاع الزراعي للحفاظ على جودة هذه المنتجات وزيادة صادراتها.
وختم وزير الزراعة بالإشارة إلى الدور الحيوي للجنة زيت الزيتون، ولجنة العسل، ولجنة تطوير المختبرات الوطنية التي تواصل جهودها لدعم تطوير القطاع الزراعي اللبناني وتحسين إنتاجيته.