تقارير
تقارير

هل ستحمل عودة ترامب لرئاسة أميركا الخراب لاقتصاد أوروبا؟

سجل اقتصاد الاتحاد الأوروبي نمواً بنسبة 4% فقط خلال هذا العقد، مقارنة بنحو 8% في أميركا، فمنذ نهاية عام 2022 لم يشهد الاتحاد الأوروبي أو بريطانيا أي نمو على الإطلاق.

وتواجه أوروبا موجة من الواردات الصينية الرخيصة، والتي قد تلحق الضرر بالمصنعين، مع أنها تفيد المستهلكين، وفي غضون عام قد يعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ليفرض تعريفات جمركية ضخمة على الصادرات الأوروبية.

توقيت سيء

وأشار تقرير لمجلة الإيكونومست البريطانية، إلى حاجة أوروبا لنمو قوي من أجل المساعدة في تمويل المزيد من الإنفاق الدفاعي، خاصة بعد جفاف الدعم الأميركي لأوكرانيا، إلى جانب تحقيق أهدافها في مجال الطاقة الخضراء.

ويشعر الناخبون الأوروبيون بخيبة أمل متزايدة، وباتوا أكثر ميلاً لدعم أحزاب اليمين المتشدد مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، ولم تختف الضغوط التي طال أمدها على النمو، كالشيخوخة السكانية السريعة، وسلطات الهيئات التنظيمية، وعدم كفاية تكامل السوق.

وأوضح التقرير أنه مع كون الأزمات التي تواجه أوروبا تنبع من الخارج، إلا أن الأخطاء التي يرتكبها صناع القرار السياسي في أوروبا تؤدي إلى تفاقم الضرر إلى حد كبير.

عودة ترامب والاقتصاد الأوروبي

وخلال ولايته السابقة، فرض ترامب تعريفات جمركية على واردات الصلب والألومنيوم، وطالت تلك الرسوم في نهاية المطاف الواردات الأوروبية، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى الرد عبر تطبيق رسوم على الدراجات النارية والمشروبات الكحولية، وفي نهاية المطاف تم التوصل إلى هدنة غير مستقرة في عهد الرئيس جو بايدن في عام 2021، واليوم يهدد ترامب بفرض تعريفات جمركية شاملة على جميع الورادات.

ماذا يجب أن تفعل أوروبا؟

أوضح تقرير الإيكونومست، أن أحد الأخطاء التي قد تتبعها أوروبا في الوقت الحالي، هو الإبقاء على تشديد السياسة الاقتصادية أكثر مما ينبغي في لحظة ضعف، وهو الخطأ الذي ارتكبه البنك المركزي الأوروبي من قبل.

وفي السنوات الأخيرة، حارب البنك التضخم من خلال زيادة أسعار الفائدة، ولكن على النقيض من الإنفاق الحر في أميركا، تعمل حكومات أوروبا على تحسين توازن ميزانياتها، وهو ما من شأنه أن يهدِّئ الاقتصاد، في حين تعمل السلع الصينية الرخصية على خفض التضخم بنحو مباشر، وهذا يمنح البنوك المركزية الأوروبية مجالاً لخفض الفائدة لدعم النمو، وسيكون من الأسهل التعامل مع الاضطرابات الخارجية إذا أبقت البنوك المركزية الاقتصاد خارج منطقة الركود، الذي من شأنه أن يمنع العمال من العثور على وظائف جديدة.

وهناك فخ آخر يتمثل في تقليد سياسات الحماية التي تتبناها أميركا والصين من خلال إطلاق العنان لإعانات الدعم الضخمة للصناعات المفضلة.

ومن جهة أخرى فإن سياسات الدعم محصلتها لا شيء، إلى جانب أنها تبدد الموارد النادرة داخل أوروبا، وبدأت بلدان أوروبا بالفعل سباقاً بين القارات نحو القاع.

إلى جانب ذلك، فإن المحنة الاقتصادية الأخيرة التي واجهتها الصين تثبت عيوب -وليس فضائل- التخطيط الحكومي المفرط .وعلى النقيض ،تجعل التجارة تجعل الاقتصادات أكثر ثراءً حتى عندما يكون الشركاء التجاريون من أنصار تدابير الحماية.

تشكل طفرة التصنيع في أميركا فرصة للمنتجين الأوروبيين لتزويدهم بقطع الغيار؛ فالواردات الرخيصة من الصين سوف تجعل التحول إلى الطاقة الخضراء أكثر سهولة وتوفر الراحة للمستهلكين الذين عانوا أثناء أزمة الطاقة. وقد يكون الانتقام الانتقائي والمتناسب ضد تدابير الحماية مبرراً في محاولة لثني أميركا والصين عن المزيد من تعطيل تدفقات التجارة العالمية. ولكنه سوف يأتي على حساب الاقتصاد الأوروبي، فضلاً عن الإضرار بأهدافه المقصودة.

وبدلاً من ذلك، يتعين على أوروبا أن تعمل على صياغة سياستها الاقتصادية الخاصة التي تناسب هذه اللحظة. وبينما تمطر أميركا الصناعة بالمال العام، يتعين على أوروبا أن تنفق على البنية الأساسية، والتعليم، والبحث والتطوير. وبدلاً من محاكاة سياسة التدخل الصينية، يتعين على أوروبا أن تنتبه إلى الفوائد التي تجنيها الشركات الصينية من السوق المحلية الواسعة.

وبالتالي فإن دمج سوق الخدمات الأوروبية، حيث لا تزال التجارة صعبة، من شأنه أن يساعد الشركات على النمو، ومكافأة الإبداع، وتعويض بعض الوظائف المفقودة في قطاع التصنيع. ويتعين على الاتحاد الأوروبي أن يعمل على إصلاح تنظيماته المرهقة والمجزأة، والتي تعيق أيضاً صناعات الخدمات. ومن شأن توحيد أسواق رأس المال -بما في ذلك أسواق لندن- أن يخلف التأثير نفسه. ويتعين على الدبلوماسيين الأوروبيين أن يوقعوا الاتفاقيات التجارية أينما كانت معروضة، بدلاً من السماح للمزارعين بتعطيلها، كما حدث في العديد من المفاوضات الأخيرة. ومن شأن ربط شبكات الكهرباء أن يجعل الاقتصاد أكثر مرونة في مواجهة صدمات الطاقة ويسهل التحول الأخضر.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com